في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، أطلق ناشطون عرب مبادرة رمزية حملت اسم 'زجاجة أمل'، بهدف إيصال رسالة تضامن إلى سكان القطاع الذين يعانون من مجاعة حادة وسوء تغذية أوديا بحياة أكثر من 115 شخصًا، معظمهم من الأطفال.

انبثقت المبادرة من فكرة طرحها النائب التونسي السابق ماهر زيد، وتقوم على تعبئة زجاجات بلاستيكية بسعة 1.5 إلى 2.5 لتر بالحبوب الجافة، مثل الأرز والعدس، ثم إلقائها في البحر الأبيض المتوسط من سواحل مصر ولبنان وتونس وشمال سيناء، على أمل أن تحملها التيارات البحرية إلى شواطئ غزة.

بدأت 'زجاجة أمل' كمنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي، دعا فيها زيد إلى إلقاء الزجاجات في البحر كوسيلة رمزية لكسر الحصار. وسرعان ما تحولت الفكرة إلى حراك شعبي تبنّاه ناشطون عرب، بينهم الشاب المصري حسن، الذي قدّم إرشادات تقنية حول كيفية الإلقاء: بزاوية 60 درجة باتجاه الشمال الشرقي وعلى بعد لا يقل عن 4 كيلومترات من الشاطئ، استنادًا إلى تقديرات غير موثقة عن مسارات التيارات البحرية التي قد تحمل الزجاجات إلى غزة خلال 72 إلى 96 ساعة، خاصة إذا أُطلقت من مناطق مثل دمياط أو شرق بورسعيد.

تأتي المبادرة وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة، حيث أدى الحصار المتواصل، الذي اشتد منذ مارس 2025، إلى انهيار النظام الصحي ونفاد الغذاء والدواء. ووفق تقارير أممية، يواجه أكثر من مليوني فلسطيني خطر المجاعة، في وقت تتزايد فيه أعداد الوفيات اليومية، خصوصًا بين الأطفال دون الخامسة، نتيجة سوء التغذية والجفاف. وقد حذرت منظمات حقوقية، مثل 'العفو الدولية'، من أن الحصار يشكّل 'إبادة جماعية صامتة'، متهمة إسرائيل باستخدام الجوع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

حظيت المبادرة بتفاعل واسع على منصات التواصل، حيث انتشرت وسوم مثل #زجاجة_أمل و#كسر_حصار_غزة، وتداول المستخدمون صورًا ومقاطع لتعبئة الزجاجات وإلقائها. الناشطة اللبنانية يارا، التي نشرت مقطعًا عبر 'إكس'، قالت: 'حتى لو لم تصل الزجاجة، فإنها تحمل نية صافية ورسالة حياة'.

وفي تونس، دعا الناشط @BahjaTunisia إلى حملة جماهيرية على طول الساحل: 'لنجعل البحر ممتلئًا بالأمل، فزجاجة واحدة قد تنقذ حياة طفل'. كما شارك ناشطون من الجزائر وسوريا وليبيا، ما حوّل المبادرة إلى رمز لوحدة عربية تتجاوز الحدود الرسمية.

على الصعيد السياسي، رأت أصوات عديدة أن 'زجاجة أمل' تعكس عجز الأنظمة والمجتمع الدولي عن كسر الحصار، ودعت إلى تحويل الزخم الشعبي إلى ضغط سياسي، خاصة لفتح معبر رفح، المغلق شبه كلي منذ مارس 2025، مما يعيق دخول المساعدات الإنسانية.

كما ألهمت الحملة أفكارًا موازية، مثل إطلاق بالونات برسائل تضامن، أو تنظيم حملات تبرّع لدعم منظمات موثوقة كالهلال الأحمر الفلسطيني.

رغم طابعها الرمزي، لا توجد دلائل علمية تؤكد إمكانية وصول الزجاجات إلى شواطئ غزة، مما يجعلها أقرب إلى صرخة احتجاج ضد صمت العالم. لكن القصة وصلت إلى وسائل إعلام دولية مثل BBC والجزيرة، وساهمت في تسليط الضوء على كارثة المجاعة في القطاع.

وفي ختام هذا المشهد، تطرح المبادرة سؤالًا ملحًّا: هل تتحول 'زجاجة أمل' إلى موجة ضغط شعبية لكسر الحصار، أم تبقى مجرّد رمز للأمل العالق في التيارات؟