اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٦ تموز ٢٠٢٥
التقطت المناطق الجبلية بعضًا من أنفاسها بعدما قطعت الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في 13 حزيران زخم موسم الصيف. وعادت في شهر تموز لتشهد ولو بخجل، من خلال المهرجانات والحفلات التي تقام في كل المناطق وبأعداد لا تتعدّى أصابع اليد، قدوم بعض الخليجيين. مشهد يبعث الأمل في المناطق الجبلية مثل برمانا ومنطقتي عاليه وبحمدون، بعد سنوات من الغياب بسبب المقاطعة الخليجية للبنان والحرب بين إسرائيل وحزب الله. فكيف مرّ تموز على مناطق الاصطياف، وماذا ينتظرها في آب؟
التنقّل في شوارع بيروت والطرقات المؤدية إلى مناطق الاصطياف، والزحمة اليومية التي تشهدها مختلف المناطق، إضافة إلى صعوبة العثور على سيارة أجرة... جميعها مؤشرات إيجابية تعكس عودة المغتربين اللبنانيين وبعض السيّاح من دول الخليج كالإمارات وقطر والكويت، فضلاً عن الأردن والعراق. هذه الحركة ساهمت في رفع معدلات الإشغال الفندقي، لتتراوح بين 40 و50 % في بيروت، و30 إلى 40 % في المناطق الجبلية.
تلك الأرقام التي قد تبدو متواضعة في موسم الذروة والتوقعات السابقة لصيف واعد، تُعدّ مقبولة في ظلّ الأحداث الأمنية الأخيرة. فقد شكّلت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية التي اندلعت في 13 حزيران، إلى جانب أحداث السويداء في الأسبوع الماضي، عوامل ضغط كبيرة أثّرت سلبًا على الحركة السياحية، وأدّت إلى إلغاء العديد من الحجوزات والرحلات إلى بيروت خلال تلك الفترة حتى 25 منه. ومع ذلك، بدأت الحركة تتحسّن تدريجيًا، رغم الأجواء السياسية الملبّدة والمخاوف المستمرة المرتبطة بسلاح حزب الله.
واعتبر رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر أن الحركة السياحية تحسّنت وأن نسبة إشغال الفنادق ارتفعت بين 30 و50% ، إلا أنه أكد لـنداء الوطن أن مداخيل المؤسسات السياحية لا سيّما المطاعم تراجعت، مشيراً إلى أن اللبناني الذي كان ينفق 100 دولار بات ينفق 60 و70 دولارًا، وبالتالي المؤسسة التي كانت تحصّل 10 آلاف دولار باتت تحصّل 7 أو 8 آلاف دولار.في منطقة برمانا، يقول الأشقر: إن العرب والخليجيين المتواجدين فيها لا يتعدّون العشرات، وهم تحديداً من الإمارات والأردن. علماً أن عداد السيّاح والمغتربين ينشط في المناطق التي تشهد مهرجانات وأعمالًا فنية في المناطق. ومن المتوقع في حال استمرّ الوضع الأمني على ما هو عليه أن ترتفع نسبة الحجوازت بين 10 و15 % في آب، وفقاً لما أكده الأشقر .
عاليه وبحمدون
مثلها مثل سائر المناطق الجبلية أعدّت منطقتا عاليه وبحمدون عدّتهما لموسم صيف كان متوقّعًا أن يكون واعداً جداً، فقد فتحت عشرات المؤسسات التجارية والمطاعم والمقاهي الجديدة أبوابها احتفاءً بعودة الموسم إلى عهده السابق.
وبالتزامن مع قلّةٍ من الفنادق التي أقفلت أبوابها خلال السنوات الخمس الماضية، عادت بعض هذه الفنادق وفتحت أبوابها، مثل فندق الشيخ في بحمدون وفندق الصخرة. علمًا أنّ فندق طانيوس يُعدّ العدة لإعادة افتتاحه في شهر نيسان المقبل، وفقًا لما كشفه رئيس بلدية عاليه وجدي مراد، لصحيفة نداء الوطن.يبدو الريّس وجدي متفائلًا بتحسّن أعداد السيّاح في الشهر المقبل، لا سيما بعد النجاح الذي حققه المهرجان الدولي الذي أقامته عاليه في 17 تموز واستمرّ ثلاثة أيام، إذ استقطب عددًا من السيّاح والخليجيين. وقد تمّ توثيق حضور عدد من الخليجيين، غالبيتهم يملكون منازل في عاليه وبحمدون، عادوا إليها لتأهيلها وقضاء عطلتهم الصيفية في عروس المصايف وبحمدون.وحول جنسيات الخليجيين، يقول مراد إنهم من قطر والكويت والإمارات، باعتبار أنّ السعودية لم ترفع الحظر بعد عن قدوم رعاياها إلى لبنان.
تنشط في منطقة عاليه، التي تتميّز بأجوائها الصاخبة والموسيقية، حركة افتتاح المطاعم والمقاهي الجديدة المعروفة، والتي لها فروع في بيروت، وكانت قد استأجرت وحجزت مواقع لها في عروس المصايف قبل اندلاع الحرب. وقد أعدّت هذه المؤسسات عدّتها لمواكبة موسم الصيف الواعد.وتبقى الحركة في المنطقة متفاوتة، فـ يوم هيك ويوم هيك، على حدّ تعبير صاحب أحد المقاهي الجديدة، في إشارة إلى التذبذب اليومي في الإقبال. علمًا أن نسبة الإشغال تزيد والحركة تشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال عطلة نهاية الأسبوع.
قال صاحب أحد الفنادق، والذي حوّل فندقه إلى مقرّ صيفي للعائلة، لـنداء الوطن، إن الفندق أقفل أبوابه منذ اندلاع الأزمة المالية، ولا يزال مغلقًا بسبب ارتفاع أكلاف التشغيل، وعلى رأسها تكلفة المولّدات الكهربائية، ما قد يحول دون تحقيق أي أرباح. وأشار إلى أن الفندق موسمي، لا يفتح أبوابه على مدار العام، ويحتاج أيضًا إلى أعمال تأهيل قبل إعادة تشغيله.
وبشّر مراد أبناء منطقة عاليه بأن مطاعم معروفة تعدّ العدّة للقدوم إلى المنطقة، مؤكدًا أنه لن يُعلن عنها حتى يحين الوقت المناسب. وكشف أنّ المنازل التي تعود للكويتيين والخليجيين يُعاد ترميمها، خصوصًا في بحمدون، حيث يعود الخليجي إلى بلده الثاني، لبنان، ويحمل صفة مصطاف لا سائح، نظرًا إلى أنه يمضي في ربوعه عطلة صيفية تمتدّ لشهرين أو ثلاثة.ولفت مراد إلى أن البلدية منحت 3 رخص بناء، وهو أمر لم تشهده عاليه منذ سنوات طويلة، معتبرًا ذلك مؤشّرًا إيجابيًا.وفي ما يتعلّق بالتوقّعات، أعرب عن تفاؤله بأن يكون شهر آب جيدًا على لبنان والمناطق الجبلية، مشيرًا إلى أن موسم صيف 2025 سيكون أفضل من السنوات الثلاث الماضية.
حركّة النقل ترتفع
تعكس الإيجابية المحدودة سياحيًا التي تشهدها البلاد، خصوصًا في مناطق الاصطياف، حضورًا لافتًا للمغتربين اللبنانيين وبعض الخليجيين، وهو ما يظهر جليًا من خلال حركة الركّاب اليومية المتزايدة في مطار رفيق الحريري الدولي.
في هذا السياق، كشف المدير العام للطيران المدني أمين جابر، لصحيفة نداء الوطن، أنّ عدد الوافدين إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري خلال شهر تموز تراوح بين 15 و17 ألفًا يوميًا، فيما بلغ عدد المغادرين بين 9 و11 ألفًا. وبذلك، يصل متوسّط عدد الركّاب الإجمالي اليومي في المطار إلى نحو 25 ألف راكب.وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه، في مثل هذه الفترة من السنة، وتحديدًا خلال شهري تموز وآب، يفوق عادةً عدد الوافدين عدد المغادرين يوميًا، نظرًا إلى أنها فترة موسم الذروة.
ومقارنةً بشهر تموز من العام الماضي، حين كانت الحرب الإسرائيلية على حزب الله دائرة، سجّلت حركة الركّاب في المطار انخفاضًا بنسبة 20 % عن المعدلات المسجلة في تموز الجاري.
وأما إذا أجرينا مقارنة مع شهر حزيران 2025، فيقول جابر إنّ عدد الركّاب في مطار رفيق الحريري الدولي انخفض خلال الحرب التي اندلعت في 13 حزيران إلى نحو 4000 راكب يوميًا، ثم ارتفع تدريجيًا ليصل إلى 9000 راكب بعد انتهاء الحرب، أي بعد 25 حزيران، وتابع بعد ذلك ارتفاعه بشكل مستمر.
ويُسجَّل حاليًا في المطار نحو 180 رحلة يوميًا، ذهابًا وإيابًا، تُنفّذها بشكل رئيسي شركات طيران خليجية وعربية، إضافة إلى شركات تركية وقطرية وإماراتية، وذلك وفق البرنامج السابق المعتمد قبل الأزمة.ومن المتوقّع أن يرتفع عدد الرحلات والمغادرين في الفترة ما بين 12 و14 آب، تزامنًا مع ذكرى أربعين الإمام الحسين في العراق، إذ ستُخصّص الرحلات للزيارات الدينية، حيث يُقدّر عدد المسافرين بنحو 10 إلى 15 ألف راكب يوميًا، على أن يعودوا بعد ثلاثة أو أربعة أيام إلى العراق.
وهكذا، تبدّدت المؤشرات التي كانت ترجّح موسم صيف واعد جدًا أو سيّئ للغاية، ولا سيّما في مناطق الاصطياف الجبلية، وبدأ الوضع يتحسّن تدريجيًا، ليصل إلى مستوى متوسط، ويقترب من تصنيف جيّد، كما هو متوقع، إذا استمر الوضع الأمني مستقرًا خلال شهر آب المقبل.