رأى الصحفي البريطاني ديفيد هيرست أن إسرائيل، رغم كل ما أسقطته من قنابل وأزهقته من أرواح، قد خسرت حربها في غزة بالفعل، لكنها لم تدرك ذلك بعد.

وفي تحليل موسّع، يُجري هيرست مقارنة تاريخية صارخة بين عدوان إسرائيل على غزة وحرب فيتنام، مشيرًا إلى أن الكلفة الإنسانية والدمار الهائل الذي أنزلته تل أبيب بغزة يفوق ما فعلته الولايات المتحدة بفيتنام من حيث كثافة القصف وعدد الضحايا.

كما اعتبر أن كِلا القوتين الاستعماريتين ارتكبتا الفظائع نفسها تحت ذريعة محاربة 'الإرهاب'، لكن النهاية ستكون واحدة: الهزيمة أمام الشعوب المصممة على البقاء.

ويؤكد هيرست أن إسرائيل باتت تمارس سياسة تطهير جماعي ممنهجة عبر قصف وتجويع مليوني فلسطيني، في محاولة لطردهم من غزة للأبد، مستشهدًا بخطة 'عربات جدعون' لإجبار السكان على الانتقال إلى مناطق 'معقمة' في رفح، ومنعهم من العودة.

وفي هذا السياق، أشار إلى استخدام إسرائيل 275 طنًا من المتفجرات لكل كيلومتر مربع في غزة، أي ما يفوق بـ18 مرة ما استخدمته أمريكا في فيتنام، واصفًا ذلك بأنه 'قصف إبادة'.

لكن رغم شراسة الحملة، يرى هيرست أن روح المقاومة الفلسطينية لم تُهزم، بل إن إسرائيل تفقد مبرراتها وتخسر دعم الرأي العام العالمي تدريجيًا، حتى من داخل الغرب نفسه.

ومن جهة أخرى، أوضح هيرست أن ما يجري في غزة الآن يتجاوز حدود الصراع العسكري، ليتحوّل إلى فصل استعماري أخير شبيه بسقوط سايغون، حيث تصرّ إسرائيل على إعادة احتلال غزة، فيما تتشبث المقاومة بالبقاء، مدعومةً بتحوّل واسع في الرأي العام الغربي الذي بدأ يرى بوضوح 'النكبة الجديدة' ويتخلى عن الرواية الإسرائيلية.

وبالوقت ذاته، انتقد هيرست صمت بعض القادة العرب، واصفًا الموقف الخليجي بـ'الخيانة الكبرى'، بينما تواصل إسرائيل قتل الفلسطينيين بلا رادع، مستغلّة انشغال قادة الخليج بـ'مسرحية ترامب الاستعراضية في الرياض والدوحة'، حسب تعبيره.

وختم هيرست مقاله بالتأكيد أن الحرب الحقيقية لا تدور فقط في شوارع غزة، بل في قلوب وعقول الغرب الذي أنشأ المشروع الصهيوني ويغذيه، معتبرًا أن تلك المعركة هي التي ستحسم المصير، كما حسمت في فيتنام من قبل.