اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الرياض - 'الرياض'
اختتمت في الرياض أعمال اليوم الثاني من الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، والتي ركزت على تعزيز الاستثمارات الصناعية، وتسريع وتيرة التصنيع في أفريقيا عبر مشاريع قابلة للتمويل وشراكات دولية عابرة للأقاليم.
وجمعت جلسات اليوم الثاني من 'القمة العالمية للصناعة' وزراء ومسؤولي الاستثمار وصناديق التمويل الدولية والأفريقية في مباحثات عكست تقاطع الأولويات الوطنية مع أهداف التنمية الصناعية المستدامة عالميًّا.
وفي الجلسة العامة الافتتاحية في يوم الاستثمار والشراكات ألقى معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف، كلمة أكّد خلالها سعي المملكة إلى أن تصبح إحدى أكثر الوجهات جاذبية للاستثمار الصناعي في العالم، عبر الفرص الاستثمارية النوعية، والممكنات والحوافز التي تقدمها، والمزايا التنافسية لبيئتها الاستثمارية.
وسلط الخريف الضوء على جهود المملكة لتمكين المرأة والشباب في القطاع الصناعي، مؤكدًا أن قاعدة واسعة من الكفاءات الشابة، إلى جانب التوسع الملحوظ في مشاركة المرأة في سوق العمل، تعيد رسم ملامح المستقبل الصناعي للمملكة.
وقال: 'شريحة كبيرة من النساء السعوديات أصبحن يُدِرن مصانع، ويشرفن على مناطق صناعية، ويتقدمن إلى الصفوف الأولى في سلاسل القيمة الصناعية مدعومات ببرامج شاملة لبناء القدرات وإدماجهن في الصناعات المتقدمة'.
وتطرق الوزير الخريّف إلى مبادرات وطنية يقودها الشباب مثل برنامج 'صنع في السعودية' وبرنامج 'مصانع المستقبل'، بوصفهما دليلًا عمليًّا على ابتكار الجيل الجديد، وقدرته على تطوير منتجات وخدمات تنافسية، مؤكدًا على أن هذه الجهود تشكل ركيزة أساسية في بناء منظومة صناعية قائمة على الفرص، ومتسقة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في التنويع الاقتصادي، ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي.
وفي جلسة أخرى ناقشت تمكين الاستثمار المتبادل مع الشرق الأوسط والاستفادة من التنويع الاقتصادي لتحقيق نمو مشترك، نوه معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، بالتنافسية الصناعية عالميًا، وظهور مشهد جديد لسلاسل الإمداد العالمي حيث لم يعد الإنتاج الصناعي مركّزًا في بعض المراكز العالمية الكبرى، بل يتم إعادة تشكيل سلاسل الإمداد إلى تجمعات صناعية متصلة إقليميًا تستفيد من هذا التحول لجذب الاستثمارات وزيادة أهميتها الصناعية.
وأكّد أن المملكة تمضي بثبات لمزيد من التنافسية الصناعية بفضل موقعها الإستراتيجي ومواردها النوعية وإصلاحاتها الاقتصادية الطموحة، مشيرًا إلى أن المملكة أصبحت اليوم إحدى الركائز الأساسية في إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية.
من جهته تحدث معالي نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة المهندس خليل بن سلمة، عن إسهام التنويع الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط في تحقيق الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل، ودوره في تعزيز عمليات التطور والنمو وتحقيق الاستدامة.
وركز معاليه على أن تطوير قطاعات اقتصادية متنوعة، ودعم الابتكار، وفتح فرص استثمارية جديدة يتيح للمنطقة بناء أساس اقتصادي متين قادر على الصمود أمام كافة التحديات، مما يساهم في تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، إضافة إلى دعم مسيرة التنمية المستدامة لجميع الدول المعنية.
وخلال المناقشات العامة للمؤتمر، أعاد معالي وزير الصناعة في لبنان جو عيسى الخوري، تأكيد انفتاح بلاده على الاستثمار والتعاون مع جميع الشركاء الدوليين، مشيرًا إلى أن القطاع الصناعي اللبناني يستند إلى إرث طويل من المهارة والخبرة رغم التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأكّد الخوري أن لبنان مستعدة للعمل مع UNIDO والدول الأعضاء؛ لتعزيز البنية التحتية الصناعية، ورفع الطاقة الإنتاجية، وتمكين الكفاءات الشابة عبر مبادرات مشتركة، بما يسهم في جذب استثمارات نوعية تدعم إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز قدرته على المنافسة.
وشكلت مائدة الاستثمار الأفريقية إحدى المحطات الأبرز خلال فعاليات اليوم الثاني من القمة العالمية للصناعة، إذ خصصت لمناقشة تسريع التصنيع في القارة من خلال مشروعات قابلة للتمويل، وتحسين الأطر التنظيمية، وتبنِّي هياكل تمويلية مبتكرة تمزج بين التمويل العام والخاص، وشارك في المائدة المدير العام لمنظمة UNIDO جيرد مولر، والمديرة العامة المساعدة للمنظمة فاتو حيدرة، إلى جانب كبار التنفيذيين من مؤسسات مثل مؤسسة أفريقيا للتمويل، وبنك غرب أفريقيا للتنمية، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، والبنك الدولي، والبنك التجاري الإثيوبي، فضلًا عن وزراء من المغرب ونيجيريا والسنغال وبوركينا فاسو وتوغو، ومسؤولي ممرات اقتصادية ومناطق اقتصادية خاصة من مختلف أقاليم القارة.
واتفق المتحدثون على أن أفريقيا تقف عند لحظة حاسمة فهي قارة غنية بالموارد، مع حاجتها إلى التحول من نموذج تصدير المواد الخام إلى نموذج يقوم على خلق قيمة مضافة من خلال التصنيع والابتكار.
وأبرزت المناقشات، أن القارة تواجه فجوة سنوية في تمويل البنية التحتية تقدر بنحو (170) مليار دولار، في وقت يمكن أن يصل فيه حجم اقتصادها إلى سبعة تريليونات دولار بحلول عام 2035م، إذا ما تم الاستثمار بفعالية في الممرات اللوجستية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، وسلاسل القيمة الإقليمية.
واستعرض المشاركون في المائدة نماذج ملموسة لهذا التحول، من بينها استثمارات مؤسسة أفريقيا للتمويل التي بلغت حتى الآن (17) مليار دولار وأسهمت في توفير أكثر من سبعة ملايين فرصة عمل، إلى جانب ممر لوبِيتو الذي قلص زمن نقل البضائع من أسابيع عديدة إلى نحو أسبوع واحد، مما يعكس حجم المكاسب الممكنة من تطوير البنية التحتية الإقليمية، ورفع كفاءة النقل والتجارة.
وأُبرزت خلال المائدة مساهمة البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد في إعداد المشاريع، إذ أشير إلى أن برامج إعداد المشاريع التي يقودها من المتوقع أن تفتح الباب أمام استثمارات تكميلية بقيمة تصل إلى (10.6) مليارات دولار في قطاعات صناعية مختلفة، مع التأكيد على أن تحسين جودة إعداد المشروعات يُعدُّ أحد المفاتيح الأساسية لتحويل التعهدات الاستثمارية إلى مشاريع ممولة فعلًا.
وفي المقابل، حذرت مداخلات أخرى من أن عامل الوقت يشكل تحديًا ضاغطًا، فعدد سكان أفريقيا يزداد بنحو (60) مليون نسمة سنويًّا، ما يعني أن عددهم مرشح للتضاعف بحلول منتصف هذا القرن، وهو ما يستدعي نمطًا تنمويًّا قائمًا على التصنيع وخلق الوظائف، بدلًا من الاقتصار على الاقتصادات الريعية أو المعتمدة على تصدير المواد الخام.
وعكست نقاشات اليوم الثاني من أعمال الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر اليونيدو في الرياض، درجة عالية من التوافق بين الحكومات، ومؤسسات التمويل الدولية، والمستثمرين، وقادة الصناعة حول ضرورة الانتقال من مستوى تبادل الرؤى إلى مستوى تحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتنفيذ، تستند إلى شراكات أعمق بين الأقاليم وتعزز الابتكار الصناعي، كما أكّد المشاركون أن توسيع قاعدة الاستثمارات الصناعية، وتعزيز الشراكات الدولية، وتسريع التصنيع في أفريقيا، تشكل مجتمعة عناصر أساسية لبناء تنمية صناعية أكثر شمولًا واستدامة، تتماشى مع التحولات في الاقتصاد العالمي ومع تطلعات الأجيال الصاعدة.










































