الوقائع الإخباري: أكد خبراء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تقدم الأردن في مؤشر تبني التكنولوجيا الرقمية بين الأفراد والشركات، وتحسّن مهارات القوى العاملة الرقمية، يمثل إنجازًا استراتيجيًا يعكس التحول المتسارع نحو اقتصاد رقمي حديث ومجتمع أكثر انفتاحًا على التقنيات المتطورة.

وأشار الخبراء إلى أن صعود الأردن ست مراتب في مؤشر التنافسية الرقمية العالمي الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا، ليصل إلى المرتبة 44 عالميًا عام 2025 بعد أن كان في المرتبة 50 عام 2024، يُعدّ دليلًا على نجاح الجهود الوطنية في تطوير البنية التحتية الرقمية وتمكين التحول الاقتصادي المعرفي.

وقال رئيس هيئة تنظيم قطاع الاتصالات السابق المهندس بسام السرحان، إن هذا التقدم يعكس تطور البنية التحتية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وانتشار الخدمات الرقمية على نطاق واسع في مختلف مناطق المملكة، إلى جانب وجود بيئة تشريعية وتنظيمية عادلة تضمن المنافسة وتدعم الابتكار.

وبيّن أن الثقافة الرقمية أصبحت أكثر ترسخًا بين المواطنين، ما عزز الإقبال على الخدمات الإلكترونية وأسهم في توسيع قاعدة المستخدمين، مؤكدًا أن الأردن يسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد رقمي متكامل ومستدام.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد الكساسبة، المتخصص في علوم الحاسوب وأمن الشبكات في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، أن اعتماد المواطنين والشركات بشكل متزايد على الخدمات الإلكترونية في مجالات التعليم والصحة والتجارة والمعاملات المالية، يعكس نجاح السياسات الوطنية في توسيع التحول الرقمي. وأشار إلى أن تحسّن مهارات القوى العاملة الرقمية يُبرز مدى تطور القدرات البشرية الأردنية، نتيجة جهود الدولة والجامعات ومؤسسات التدريب في تطوير مهارات البرمجة وتحليل البيانات والأمن السيبراني، ما يعزز جاهزية السوق لاستقطاب الاستثمارات التقنية.

بدوره، قال المستشار في قضايا التحول الرقمي الدكتور حمزة العكاليك إن التقدم في مؤشر التنافسية الرقمية هو ثمرة لسياسات حكومية طويلة الأمد ركزت على تطوير البنية التحتية للاتصالات وتوسيع خدمات الإنترنت، مشيرًا إلى أن الأردن سجل تقدمًا في عدة محاور؛ منها محور المعرفة الذي صعد من المركز 57 إلى 50، ومحور الاستعداد للمستقبل الذي ارتفع من 43 إلى 42.

وأضاف أن المملكة احتلت المركز 11 عالميًا في نشاط رأس المال المخاطر وفي الأمن السيبراني الحكومي، ما يعزز الثقة بالبيئة الرقمية الأردنية ويجعلها وجهة جاذبة لمراكز البيانات والخدمات السحابية.

كما ارتفع ترتيب الأردن في محور رأس المال من 42 إلى 31 بفضل الاستثمارات المتزايدة في البنية التحتية للاتصالات، التي تغطي أكثر من 99% من السكان بخدمات الإنترنت والمحمول.

وأشار العكاليك إلى أن أبرز التحديات تتمثل في فجوة المواهب الرقمية، حيث تراجع ترتيب الأردن في مؤشر الموهبة من 43 إلى 57، وهو ما يعكس الحاجة إلى مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات الاقتصاد الرقمي. وبيّن أن رغم التطور الكبير في شبكات الاتصالات، إلا أن نسب الاشتراكات في الإنترنت عالي السرعة ما تزال دون المستوى المطلوب، مشيرًا إلى أن نمو اشتراكات الجيل الخامس تجاوز 800% بنهاية 2024، ما يدل على قابلية السوق الأردني للتوسع السريع متى توفرت الخدمات بأسعار مناسبة.

وأوضح أن قانون حماية البيانات الشخصية لعام 2023 يمثل نقطة تحول مهمة في تعزيز الثقة الرقمية، ومع بدء تطبيقه في عام 2024، أصبح لدى الأردن إطار قانوني متقدم يجذب الاستثمارات، خاصة في الأمن السيبراني والخدمات السحابية.

وختم العكاليك بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب من الأردن الانتقال من استهلاك التكنولوجيا إلى إنتاجها، عبر دعم البحث والتطوير وتشجيع إنشاء شركات محلية تنتج حلولًا رقمية قابلة للتصدير، مشددًا على أن المملكة تمتلك المقومات لتكون خلال السنوات الخمس القادمة ضمن أقوى 30 دولة رقمية في العالم، وأن عمّان قادرة على أن تصبح مركزًا إقليميًا لصادرات الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.