بينما كانت الأجواء بداية، توحي بإمكان تشكيل لائحة توافقية في طرابلس تحظى بتزكية كل القوى السياسية، وغير السياسية في المدينة، انفجرَ الاستحقاق البلدي في عاصمة الشمال، وخرج عن كل التوقّعات، وعن كل الخطط المرسومة.

هي 'خبصة' لوائح كما يقال في الشارع الطرابلسي، إذ لم تستطع القوى السياسية في طرابلس الاتفاق على لائحة واحدة توافقية، للانتخابات البلدية. وانقسم تأييد هذه القوى بين لائحتين أساسيتين: 'رؤية طرابلس' و'نسيج طرابلس'.

لكنّ ذلك ليس المشهد بكامله، ففي طرابلس تشكّلت 6 لوائح للبلدية بعضها غير مكتمل. إضافة إلى اللائحتين، ثمة 4 لوائح هي: 'لإنقاذ طرابلس'، 'حراس المدينة'، 'للفيحاء' و 'طرابلس العاصمة'. لكن كل التقديرات تشير إلى أن التنافس سينحصر بشكل كبير، بين لائحتي 'رؤية طرابلس' التي يرأسها عبد الحميد كريمة وهي مدعومة من النائبين أشرف ريفي وفيصل كرامي بشكل أساسي، ولائحة 'نسيج طرابلس'، التي تدعمها 'جمعية عمران' بشكل أساسي، وفيها مرشحون لها. و'عمران' هذه، مجموعة شخصيات كانت مقربة من الجماعة الإسلامية ثم انفصلت عنها، بالإضافة إلى دعم النائب إيهاب مطر، الذي وبحجّة دعم لائحة غير مسيسة، اختار لائحة 'نسيج طرابلس'، التي يقال إنها لائحة الرئيس نجيب ميقاتي وتيار 'المستقبل' من تحت الطاولة. خيار مطر هذا ليس مستغرباً لدى أوساط طرابلسية، خصوصاً، أن علاقات مطر بالرئيس ميقاتي وتيار 'المستقبل' معروفة، وكان دعم الطرفين له في الانتخابات النيابية 2022 واضحاً. علماً أن مطر قد حرّك ماكينته الانتخابية منذ أسابيع، للعمل على دعم هذه اللائحة.

وفي ظل عدم تمرير قانون اللائحة المقفلة في مجلس النواب، الذي يضمن التمثيل العلوي والتمثيل المسيحي في بلدية مثل طرابلس، فلا وجود حتى اللحظة لمؤشرات تدلّ على حفظ هذا التمثيل، وقد تذهب الأمور إلى شيء يشبه الذي حصل في بلدية طرابلس في العام 2016. ويلاحظ في هذه الانتخابات التشتت الواضح على قوى المجتمع المدني في طرابلس، التي انقسمت على بعضها، وترشّح المحسوبون عليها على لوائح عدة، من دون أن يكون لهذه القوى أي رؤية واضحة لحل الأزمات التي تتخبط فيها مدينة طرابلس منذ سنوات.

في المقابل، لا يُتوقّع أن تشهد الانتخابات البلدية في طرابلس إقبالاً كبيراً، ناهيك عن عدم اكتراث مسيحي بالانتخابات وطريقة تركيب اللوائح. وفي هذا الصدد، لم يبرز أي دور للنائب الأرثوذكسي عن طرابلس جميل عبود الذي وصل إلى البرلمان بـ 79 صوتاً. كما لا يبدو أن حزب 'القوات اللبنانية' في وارد التدخل بالبلدية ولا يلحظ لنائبه إيلي خوري أي تحرك دعماً للوائح أو مرشحين.

وفي السياق، عقد النائب السابق مصباح الأحدب مؤتمراً صحافياً رد فيه على مسألة ترشحه للبلدية وقال: 'في ما يتعلق بما أشيع عن ترشحي، فالحقيقة أن السيد عمر حرفوش كتب مقالة يتمنى فيها أن أترشّح. وأنا أشكره على ثقته، وأعلم مدى حبه لطرابلس. ومدينتنا كما تعلمون، بحاجة إلى أبنائها المغتربين، لا سيما المتمولين منهم، كي يعودوا إليها ويستثمروا فيها، والكل يعلم أنه لم يجمع أمواله على حساب دماء أبناء طرابلس، كما فعل بعض من حكموا المدينة.

وتابع الأحدب:'لقد تلقيت اتصالات من أصدقاء كثر أعلنوا فيها دعمهم لترشحي، وأشكرهم جميعاً، لكنني وبصراحة عندما أرغب بالترشيح فأنا من يقرر ذلك وليس نواب طرابلس، ولو ترشحت لتوافق نواب على العمل لإسقاطي لأنهم يعلمون أنني لا أساوم، ولا أدخل في صفقات، ولا أخشى المواجهة إذا كان في ذلك إنصاف للمدينة. وهذه المواصفات لا تناسبهم، وسيفعلون كل ما في وسعهم لإبعادي'.