في الذكرى الثانية والثمانين للاستقلال، جاءت رسالة رئيس الجمهورية من جنوب لبنان تحديداً لتعيد وضع البوصلة في مكانها الصحيح: دولة تستعيد دورها، ومؤسسات تُبنى على قواعد الثقة، وشعب لا يزال يؤمن بأن هذا الوطن يستحق فرصة جديدة.

في لحظة سياسية واقتصادية دقيقة، كانت كلمات الرئيس أكثر من مجرد خطاب بروتوكولي، اذ شكلت محاولة جدية لفتح نافذة أمل، ورسالة واضحة بأن البلد قادر على النهوض إذا توافرت الإرادة الوطنية الجامعة.

اللافت في مضمون الرسالة أنّها لم تكتف بالتوصيف، بل قدّمت دعوة صريحة لكل القوى إلى تحمل مسؤولياتها، والانتقال من منطق النزاعات إلى منطق الدولة الواحدة. وهذا بالذات ما يحتاجه لبنان اليوم: موقف رئاسي يضع الاستقرار فوق الحسابات، والإنقاذ فوق الاصطفافات.

الجدير بالذكر ان هذه الرسالة تستحق أن يتم تلقفها بإيجابية، ومن جميع الاطراف، لا لأنها صادرة عن موقع رئاسة الجمهورية فقط، بل لأنّها تطرح ما يشكّل قاعدة مشتركة يمكن البناء عليها: احترام المؤسسات، تحصين الجيش والقوى الأمنية وحصرية السلاح الى تحرير كل شبر من ارض لبنان.

إنّ تلقّف هذه الرسالة مسؤولية وطنية، لأن أي مسار إصلاحي أو سياسي يحتاج أولاً إلى إرادة جامعة تُعيد الاعتبار لفكرة الدولة.

في عيد الاستقلال، تبدو اللحظة مناسبة كي تُترجم الكلمات خطوات، وكي تتحوّل الرسالة الرئاسية التي واجهت حقيقة الامور إلى مدخل لحوار فعلي لا شعاراتي، يجمع الأطراف على مشروع واحد: إنقاذ الوطن. فالاستقلال ليس ذكرى فقط، بل قرار يومي بأن نضع لبنان أولاً و نبقيه دائماً على حق، وأن نحمي ما تبقى من مؤسساته وطاقاته وقدرته على النهوض ' لاننا اكتشفنا ان ثمن العيش معاً اقل بكثير من كلفة ولائنا لاي خارج كان او التحاقاً باي وهم كان شرقياً او غربياً'.

إنّ التفاعل الإيجابي مع رسالة الرئيس ليس خياراً سياسياً فحسب، بل واجب وطني، لأن الوطن لا يحتمل مزيداً من الانقسام. والاستقلال الحقيقي يبدأ عندما نلتقط اللحظة ونحوّلها فرصة لبناء المستقبل.