في تطور اقتصادي لافت أثار دهشة الأوساط المالية، أعلن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية عن انكماش الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما مثّل مفاجأة غير سارة للأسواق. الانكماش جاء مدفوعًا بموجة هائلة من الواردات التي سعت الشركات الأمريكية إلى ضخها بسرعة، هربًا من الارتفاعات المتوقعة في الرسوم الجمركية نتيجة السياسات الاقتصادية التي يُتهم الرئيس دونالد ترامب بتبنيها دون تخطيط واضح.

تراجع الناتج المحلي الإجمالي رغم التوقعات الإيجابية

أظهرت البيانات الرسمية التي أصدرتها الحكومة الأمريكية انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة سنوية بلغت 0.3% خلال الفترة من يناير إلى مارس من هذا العام. وقد خيّب هذا الأداء الاقتصادي التوقعات التي رجّحت نموًا بنسبة 0.3%، وذلك حسب استطلاع أجرته وكالة رويترز لآراء عدد من أبرز الاقتصاديين قبل صدور البيانات الكاملة المتعلقة بعجز التجارة.

عجز تجاري قياسي يقلب التوقعات رأسًا على عقب

أشارت التقارير الأخيرة إلى أن عجز الميزان التجاري للسلع بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر مارس، نتيجة ازدياد غير مسبوق في حجم الواردات. وقد دفعت هذه الأرقام المفاجئة معظم المحللين إلى تعديل توقعاتهم الاقتصادية سريعًا، وخفض تقديراتهم للنمو إلى ما دون الصفر، بعد أن كانت الآمال مرتفعة بمواصلة الزخم الإيجابي من الربع الرابع من العام السابق.

ترامب تحت الضغط: السياسات التجارية محل تشكيك

أعاد هذا التراجع غير المتوقع تسليط الضوء على طبيعة السياسات التجارية المتبعة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تتسم بالعشوائية أحيانًا، وفقًا لما جاء في البيان الرسمي. إذ سعت الشركات إلى الاستيراد بكثافة في محاولة لتفادي تكاليف محتملة، الأمر الذي أدى إلى اختلال ميزان التجارة وتأثير سلبي على الناتج القومي. ويثير هذا المشهد تساؤلات ملحة حول فعالية النهج الحمائي المتبع، ومدى تأثيره على استقرار الاقتصاد الوطني في المدى الطويل.

نمو سابق يتحول إلى انكماش سريع

الاقتصاد الأمريكي كان قد حقق نموًا بنسبة 2.4% خلال الربع الرابع من عام 2024، ما أعطى مؤشرات على انتعاش محتمل. إلا أن البيانات الجديدة الصادرة تعكس صورة مغايرة تمامًا، وتطرح مخاوف جديدة بشأن مدى قدرة الاقتصاد الأمريكي على مواجهة التحديات العالمية والمحلية، وسط بيئة تجارية تتسم بالضبابية والقلق من إجراءات حمائية قد تؤدي إلى نتائج عكسية.