اخبار تونس
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
مراقبون يعتبرون الخيار مستحيلاً والسلطات صامتة والحركة لا تعلق ونواب: بلادنا ليست منفى
أثارت تقارير إسرائيلية وفرنسية تتحدث عن محادثات من أجل نقل قيادة حركة 'حماس' إلى تونس عاصفة من الجدل، سواء داخل الشارع أو في الأوساط السياسية والإعلامية، لاسيما أن هذه التقارير جاءت إثر زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى تونس.
وذكرت قناة 'آي 24' العبرية في نسختها الفرنسية عن مصادر قولها إن 'مفاوضات غير مباشرة تجري من جهة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، ومن جهة أخرى مع طهران لنقل قادة (حماس) إلى تونس'.
وأشارت القناة إلى أن 'هذه الخطوة تأتي تماماً كما حدث في عهد ياسر عرفات، مع فارق بسيط هو أن عناصر منظمة التحرير الفلسطينية في عهد عرفات لم يكونوا من الإسلاميين'، كما كشفت صحيفة 'أونتروفو' الفرنسية عن هذه الخطط نقلاً هي الأخرى عن مصادرها.
حاولت 'اندبندنت عربية' الحصول على تعليق من حركة 'حماس'، لكن جلّ قادتها الذين اتصلت بهم لم يردوا، فيما اعتذر علي بركة رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحركة المقيم في بيروت عن التعليق، بينما لازمت السلطات التونسية الصمت.
وعدّ الباحث السياسي التونسي منذر ثابت، أن 'السلطات التونسية لم تصدر بعد أي موقف إزاء هذه التقارير التي تستند إلى معطيات، من أهمها أحداث سياسية ودبلوماسية مثل زيارة وزير خارجية إيران إلى تونس بعد أيام من عملية عسكرية إسرائيلية استهدفت قيادة (حماس) في الدوحة'.
وأضاف ثابت لـ'اندبندنت عربية' أن 'البعض يرى أن هناك محاولة لاستنساخ تجربة عام 1982 عند اجتياح إسرائيل للبنان ونقل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت إلى تونس، لكن الذي حدث آنذاك أن تم قصف واستهداف تلك القيادة من قبل إسرائيل في حمام الشط، وبعد ذلك أيضاً تمت تصفية أبو جهاد في منطقة سيدي بوسعيد بالعاصمة'.
ولفت إلى أن 'الإشكال الآن هو أن السلطة التونسية لم تطرح أي موقف مما يُقال في هذا الشأن، لكن منطقياً لا أعتقد أن تونس ستكون محطة مناسبة لقيادة حركة (حماس) انطلاقاً أولاً من تجربة سابقة وهي العدوان الإسرائيلي على حمام الشط وملاحقة قيادة منظمة التحرير، وثانياً المزاج العام، سواء الشعبي أو النخبة، لا يحبذ أن تكون تونس حاضنة للحركة'.
وسبق أن استضافت تونس منظمة التحرير الفلسطينية في ضاحية حمام الشط، التي تعرضت لقصف من قبل إسرائيل عام 1985 ضمن عملية 'الساق الخشبية'، كما أطلقت عليها حكومة تل أبيب آنذاك.
واستهدف القصف اجتماعاً لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وأودى بحياة نحو 68 شخصاً وجرح 100 آخرين في الأقل، وهو الأمر الذي يجعل المخاوف تتفاقم اليوم في تونس من استضافة قيادة 'حماس' التي يتوعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالملاحقة 'أينما حلت'.
وذكر منذر ثابت 'صحيح أن الشارع مساند كلياً للقضية الفلسطينية ومنصهر مع جبهة المقاومة، لكن أن تتحمل تونس مسؤولية قيادات من (حماس) تحديداً كتيار مقاومة إسلامي أمر فيه مجازفات قد تكون خارج إمكانات تونس من الناحية اللوجستية، ومن حيث الهشاشة العامة اقتصادياً واجتماعياً، ولا يمكن أن يكون ثمة مقابل لذلك قادر على إنعاش اقتصاد تونس المتعطش لاستثمارات كبرى، ولا أعتقد أن هناك أطرافاً مستعدة للتكفل بذلك لا سيما بعد الهجوم على الدوحة'.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعبر تونس باستمرار عن رفضها لخطط تهجير الفلسطينيين، وأيضاً رفض حتى مخطط 'حل الدولتين'، ويُعد الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ملفاً حساساً في الشارع التونسي كما الأوساط السياسية.
وسارع سياسيون في تونس إلى رفض هذا الطرح، إذ قالت النائبة البرلمانية فاطمة المسدي، إنه 'بانتشار الإشاعات والمصادر المشبوهة، أقول لكم إن تونس ليست منفى لأحد، ولا نقبل أن تتحول بلادنا إلى ساحة لتفريغ البشر أو لإخفاء عناصر خطرين. وقبل المساءلة نطالب الحكومة بالحقيقة'.
بدوره، اعتبر الباحث السياسي التونسي بوبكر الصغيّر، أنه 'إلى حد الآن الأمر يتعلق بتسريبات فقط، لكن الواضح أن هناك ترتيبات بصدد الحصول بخصوص التعاطي مع اليوم التالي للحرب في غزة ومحاولة تحديد مصير قيادات حركة (حماس)، وتونس يُعاد ذكر اسمها بما أن لها سوابق في استضافة قيادات فلسطينية'.
وأردف الصغيّر في تصريح خاص أن 'هناك نوعاً من الطرح الدولي في الكواليس بخصوص مستقبل قيادة (حماس)، لكن ما أعتقده أن من الصعب أن يحصل الأمر لأسباب داخلية تهمّ تونس، وأخرى خارجية تهم الحرب في غزة، وأيضاً مواقف قوى إقليمية أخرى'.
وبيّن المتحدث أنه 'حتى وإن كانت هناك ضغوط دولية أو دفع لتونس نحو هذا الأمر فإن نقل قادة (حماس) إليها سيكون موقتاً من أجل إيجاد صيغة لحل الأزمة في قطاع غزة، ثم يعودون أو يتم إيجاد مكان آخر لهم'.
وفي خضم التكتم الذي تُبديه 'حماس' وأيضاً السلطات التونسية إزاء هذه التقارير، فإن هذا الملف سيبقى مثيراً للجدل والتكهنات داخل تونس وخارجها، خصوصاً أن طرحه يأتي بالتوازي مع بدء الجيش الإسرائيلي اجتياحاً برياً لغزة.