اخبار سوريا
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
يرى خبراء اقتصاديون أن واشنطن غير جادة في رفع قانون 'قيصر' عن كاهل السوريين وإن سوقت لغير ذلك.
فبعدما تعهد الرئيس الأمريكي ترامب برفع العقوبات عن سوريا عادت حكومته لتتذرع بحجج يجزم هؤلاء الاقتصاديون أنها لا تصمد في ميدان المنطق وإن جاءت مفصلة على مقاس السياسية الأمريكية التي تحسن رفع سيف الابتزاز على البلد الذي لوحت له بورقة رفع العقوبات قبل أن تماطل بشأن ذلك بغية القبض على ملف إعادة الإعمار ومنع التواصل مع كل من الصين وروسيا التي تبدو دمشق حريصة على نسج أفضل العلاقات معها عقب الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين ما اثار حفيظة واشنطن التي جعلت من مسألة رفع العقوبات وابقائها بحساب ، بوابة عبور من تشاء إلى خريطة الاستثمار في سوريا.
ذر للرماد في العيون..
فشلت محاولة النائب الأمريكي الجمهوري جو ويلسون المدعوم من منظمة ( التحالف السوري ـ الأمريكي) في تمرير قانون إلغاء ' عقوبات قيصر' من خلال دمجه ضمن جملة من التعديلات في قانون الموازنة الدفاعية الأمريكية بعدما رفض مجلس النواب الأمريكي الغاءه، لتستحضر الذاكرة الجمعية عند السوريين وغيرهم من الشعوب التي خضعت للعقوبات الأمريكية مشاهد الابتزاز السياسي التي دأبت واشنطن على التلويح به كلما اعتقدت هذه الشعوب أن زوال العقوبات محكوم بزوال مسببها في حين أن الحسابات الأمريكية تبقى مرتبطة بفرض مروحة واسعة من الإملاءات على النظم السياسية الجديدة وإن قدمت هذه النظم نفسها على وفاق شبه تام مع السياسة الأمريكية.
فالأمر بالنسبة لواشنطن لا يرتبط فقط بهذه الدول وشعوبها وانما بمدى رغبتها في إبرام شبكة علاقات وتحالفات مع قوى دولية وإقليمية قد لا ترضى عنها واشنطن كما يقول محللون سياسيون سوريون.
يرى المحلل الاقتصادي السوري حسن ديب أن التسويف الأمريكي في رفع عقوبات قيصر عن سوريا كان متوقعا وهو لم يخرج عن السياسات الأمريكية التقليدية تجاه شعوب انقلبت على نظمها السياسية المعادية لواشنطن التي تعطي بيد وتأخذ ما تعطيه باليد الاخرى.
وفي حديثه لـ RT أشار ديب إلى أن عقوبات ' قيصر' التي فرضت عبر تشريع خاص في الغام 2019 لا يمكن إلغاؤها إلا من خلال تشريع خاص كذلك خلافا لما يشاع عن قدرة الرئيس الأمريكي عن رفع هذه العقوبات بموجب صلاحياته فقط.
ليأتي تمديد هذه العقوبات في العام 2024 كمؤشر حقيقي على رغبة واشنطن في إبقاء الاقتصاد السوري رهن مشيئتها خاصة وأن العقوبات تشمل قطاعات هامة في هذا الإقتصاد يأتي على رأسها قطاع إعادة الإعمار الذي ربطته واشنطن بشبكة من القوانين التي تمنع على الدول الأخرى الخوض فيه من دون المرور على الرقابة الأمريكية.
وأضاف المحلل الاقتصادي بأن واشنطن عرفت كيف تذر الرماد في العيون من خلال ايحاء الرئيس الأمريكي ترامب أنه بصدد رفع العقوبات عن سوريا أثناء لقائه مع رئيس المرحلة الإنتقالية أحمد الشرع بوساطة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واتباعه ذلك وعلى مدى مراحل زمنية بإلغاء العقوبات الرئاسية المفروضة على دمشق واصداره قرارا بتجميد التشريعية منها بما فيها ' قانون قيصر' لمدة ستة أشهر مع وعود بإلغائه نهائيا وكأنه لم يكن يوما.
وهو الأمر الذي ما زال حتى اللحظة في حيز الوعود لكنها هذه المرة باتت وعوداً مشروطة تعيد صياغة المشهد السوري وفق الرؤية الأمريكية التي دفعت الحكومة الإنتقالية في دمشق نحو الإنفتاح على إسرائيل والسعي لإبرام اتفاقية أمنية معها لا تملك فيها دمشق أوراق التفاوض الكافية التي تجعلها اتفاقية متوازنة.
قطع التواصل مع كل من روسيا والصين..
من جانبه يرى المحلل السياسي السوري سعيد جودة أن إبقاء ' قانون قيصر' يعني استمرار إحكام واشنطن قبضتها السياسية والاقتصادية على دمشق بصرف النظر عما يحاول الأمريكيون إظهاره عبر الإيحاء بوجود انقسامات بينية بشأنه فيما بينهم.
وفي حديثه لـ RT شدد جودة على أن استمرار وجود ' قانون قيصر' يسمح لواشنطن بتخير الجهات الدولية التي يمكن لها أن تستثمر في سوريا بحيث تعود منفعة هذا الاستثمار على شركات واشنطن وحلفائها بعيداً عن الجهات الدولية والإقليمية الغير مرغوب بها أمريكيا.
وأضاف بأن المشهد الحالي القائم على استمرار العقوبات وإخضاع ما جمد منها ـ إلى حين ـ لعين الرقابة الأمريكية ومدى تحقيق دمشق لشروط واشنطن السياسية يحول دون خلق حالة من الأمان والثقة في البيىة الاستثمارية السورية التي تتوق كل الشركات الكبرى في العالم إلى التموضع فيها نتيجة لوجود فضاءات واسعة من الاستثمارات في كل القطاعات الكبرى فيها والتي يبقى الولوج إليها رهن الرضا الأمريكي على هذه الشركات ومن ورائها الدول التي أتت منها. الأمر الذي ينطوي على مخاطر كبيرة لا يمكن تجاهلها بأي شكل من الأشكال.
وشدد المحلل السياسي على أن كلا من روسيا والصين تبدوان معنيين بشدة بهذا التكتيك الأمريكي الذي يحاول من خلال الإبقاء على عقوبات قيصر تحجيم نفوذهما الاستثماري المتوقع في سوريا وخاصة روسيا التي بدت إدارة الشرع حريصة على فتح خطوط التواصل معها على كافة المستويات في زمن قياسي لم يخطر ببال أحد من المراقبين سيما وأن البلدين شهدا زيارات متبادلة لكبار المسؤولين فيهما كما أن رئيس المرحلة الإنتقالية أحمد الشرع بصدد زيارة موسكو الشهر القادم.
ولفت جودة إلى أن الرئيس الأمريكي الذي لا يشعر عادة بالحرج من أي موقف اتخذه ثم انقلب عليه قد يجد في الموقف المتميع من ' قانون قيصر' واختلاف التأويلات الأمريكية الداخلية بشأنه سبيلاً للقول بأنه فعل ما توجب عليه القيام به وأن وعده للأمير محمد بن سلمان قد تحقق فيما يخص صلاحياته هو دونا عن بقية القوى المؤثرة في هذا الملف على الصعيد الداخلي الأمريكي بانتظار مدى تطبيق الحكومة السورية لتعهداتها في هذا الشأن.
المصدر: RT