هل يمنح الرئيس الأميركي «الأوكسجين» للاقتصاد السوري؟

تُعد العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا من أكثر أنظمة العقوبات تعقيداً واستمرارية في السياسة الخارجية الأميركية،واليوم مع التقارب مع الجانب الأمريكي وزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن هل يمنح الرئيس الأميركي «الأوكسجين» للاقتصاد السوري؟

العقوبات الأمريكية فُرضت على سوريا على مدار عقود مضت وضمن عدة مراحل منذ عام 2004، وتوسعت بشكل كبير بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011.

وتهدف هذه العقوبات إلى الضغط على الحكومة السورية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، استخدام الأسلحة الكيميائية، ودعم جماعات تعتبرها واشنطن إرهابية.

ومن أبرز العقوبات المفروضة على سوريا عقوبات مالية واقتصادية منها تجميد أصول شخصيات وكيانات سورية في الولايات المتحدة، ومنع الأميركيين من التعامل معهم، و عقوبات على قطاع الطاقة مثل حظر تصدير المعدات والتقنيات المتعلقة بالنفط والغاز.

ومن العقوبات المفروضة على سوريا أيضاً عقوبات مصرفية منها منع التعامل مع البنك المركزي السوري وبعض البنوك الخاصة، وحرمان سوريا من نظام 'سويفت' للتحويلات المالية وعقوبات على شركات الطيران والنقل: حظر توريد قطع الغيار للطائرات ومنع دخول شركات الطيران السورية إلى المجال الجوي الأميركي.

والعقوبات الأشد على الاقتصاد السوري كانت في قانون قيصر (Caesar Act) حيث دخل حيز التنفيذ في يونيو 2020، ويستهدف أي جهة أو فرد يقدم دعماً مالياً أو تقنياً للحكومة السورية، بما في ذلك الشركات الأجنبية، مما وسّع نطاق العقوبات دولياً.

ورغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو 2025 عن رفع 'كامل' للعقوبات الاقتصادية على سوريا، إلا أن بعض العقوبات بقيت سارية .

العقوبات الأمريكية كان لها الكثير من التأثيرات السابقة على الاقتصاد السوري فقد أدت إلى تضخم حاد فقدت الليرة السورية أكثر من 90% من قيمتها، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار. و نقص في السلع الأساسية:

بسبب تراجع الاستيراد، خاصة في المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار. و شلل في القطاع المصرفي: غياب التحويلات الدولية، وتوقف الاستثمار الأجنبي حتى من دول حليفة.

و تدهور الخدمات: في الصحة والطاقة والنقل، نتيجة حظر توريد المعدات والتقنيات.

ويعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بحسب خبراء الاقتصاد نقطة تحول حاسمة، ومن المتوقع أن ينعكس إيجاباً على عدة مستويات منها:

تنشيط حركة رأس المال وعودة التحويلات المالية من المغتربين بسهولة و فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإمكانية إعادة هيكلة النظام المصرفي وربطه بالنظام المالي العالمي.

وسيكون تأثير رفع العقبات أيضا على التجارة والاستيراد والتصدير من استئناف استيراد المعدات الصناعية والطبية والتقنيات الحديثة.

و انخفاض تكاليف النقل والتخزين، مما ينعكس على أسعار السلع و عودة الشركات الأجنبية للتعامل مع السوق السوري دون خوف من العقوبات الثانوية.

الانعكاس الأهم لرفع العقوبات سيكون على المصارف والقطاع المالي وسيتيح إمكانية إعادة دمج البنوك السورية في النظام المصرفي الدولي.

و تسهيل عمليات التمويل والتجارة الخارجية. و تحسين الثقة في النظام المالي السوري، ما يعزز الاستقرار النقدي.

رغم أن التعافي الكامل للاقتصاد السوري سيحتاج وقتًا وجهودًا تنظيمية كبيرة، فإن رفع العقوبات يُعد بمثابة 'ضخ أكسجين' في جسد الاقتصاد السوري المنهك.

وإذا ما اقترن هذا القرار بإصلاحات داخلية حقيقية، فقد يشهد الاقتصاد السوري تحولاً تدريجياً نحو الاستقرار والنمو.