اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
نبض السودان – رحاب عبدالله
أقر النائب الأول لمحافظ بنك السودان الأسبق، د. بدرالدين قرشي، في حديثه لـ(نبض السودان) بأن تدخل نافذين في الدولة وأصحاب مصلحة جعل بنك السودان عاجزاً تجاه تدهور قيمة الجنيه، مبيناً أنه في العام 2017 أعد البنك حزمة من السياسات والإجراءات المالية والنقدية والتجارية بالتنسيق مع وزارة المالية ووزارة التجارة، وخرجت مجموعات العمل وجلسات الاستماع مع ذوي الاختصاص بمصفوفة لمعالجة الخلل الاقتصادي، وتمت الموافقة عليها من قبل الجهات العليا، إلا أن تدخل بعض النافذين وأصحاب المصالح وقف حائلاً دون تنفيذها بل إلغاء بعضها، وتجنيب 25% من حصائل الصادرات لتغطية استيراد السلع الاستراتيجية.
غياب السياسات النقدية واستمرار التدهور
وأشار إلى أن غياب السياسات والإجراءات النقدية جعل بنك السودان المركزي يقف عاجزاً حيال تدهور قيمة الجنيه السوداني، مبيناً أن بنك السودان انتهج سياسة سعر الصرف الحر المرن المدار، وشهد سعر الصرف استقراراً وثباتاً في قيمة الجنيه وذلك بفضل انتهاج حزمة من السياسات المالية والنقدية اتخذت في مطلع العام 1997، وأعقب ذلك تدفق إيرادات البترول. وبفقدان هذا المورد المهم في العام 2011 بعد انفصال جنوب السودان عن الدولة الأم، أصبح التدهور في قيمة الجنيه مستمراً ومتصاعداً، ولم تُتخذ حياله السياسات والإجراءات المطلوبة لاستعادة استقرار سعر الصرف، بالرغم من اكتشاف مورد الذهب الذي يساهم بنسبة مقدرة تصل في المتوسط إلى 25% من حصيلة الصادرات السودانية. إلا أن العجز في الميزان التجاري والحساب الجاري ظل متزامناً، وعزا قرشي ذلك إلى غياب السياسات والإجراءات التي تعزز من قيمة الصادرات التي في المتوسط لا تتجاوز 5 مليارات دولار، وكذلك غياب السياسات والإجراءات التي تحد من فاتورة الاستيراد التي تبلغ في المتوسط 9 مليارات دولار، فأصبح الطلب على العملات الأجنبية عالياً لتغطية استيراد السلع الاستراتيجية والسلع والخدمات الأخرى.
هيمنة المالية على النقدية
وبرر د. بدرالدين قرشي عجز بنك السودان حيال تدهور قيمة الجنيه بهيمنة السياسة المالية على السياسة النقدية، مشيراً إلى أنه من خلال تحليل العوامل المؤثرة على مؤشرات قياس الاقتصاد الكلي وتحديد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم وعدم الاستقرار في سعر الصرف، نجد أن نقدية عجوزات الحكومة (Monetization of government deficit) وسيطرة أوضاع المالية العامة على الوضع النقدي (Fiscal dominance) أدت إلى توسع منافذ التسرب النقدي مثل سداد الضمانات والشهادات الحكومية، وتمويل المخزون الاستراتيجي، وسداد الدفعيات الحكومية، وشراء الذهب لمقابلة تمويل السلع الاستراتيجية من بترول وقمح ودقيق نيابة عن الحكومة، بالإضافة إلى التوسع في التمويل المصرفي للقطاعين العام والخاص. وقد أدى ذلك إلى التوسع في عرض النقود ليصل إلى 153% في عام 2021، لترتفع معدلات التضخم إلى 318%، بالإضافة إلى الصرف على المجهود الحربي، ويقابل ذلك انخفاض في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.
الفساد يفاقم أزمة الجنيه
كما أرجع د. بدرالدين قرشي عجز بنك السودان حيال تدهور قيمة الجنيه إلى وجود فساد مالي وإداري، حيث اكتشف البنك المركزي حالات تلاعب في حصائل الصادرات. فعلى سبيل المثال، في العام 2016 تم اكتشاف تلاعب في حصيلة صادرات بقيمة 2.8 مليار درهم لمصدر واحد وفي مصرف واحد، حيث قام المصدر بتوريد الحصيلة لأحد حسابات شركاته في المصرف المحلي، وفي نفس اللحظة أعاد إيداعها في حساباته الخارجية لدى مصارف أجنبية، ليتم استغلالها في استيراد سلع لشركات وأسماء عمل فيما يُعرف بالوراقة والتلاعب في فورمات الاستيراد. وهنا شدد قرشي على ضرورة تضافر الجهود بين البنك المركزي والجهات ذات الصلة لتتبع حصائل الصادرات.