اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
نعم.. تحلو الدندنة، حين تكون عن ما نعشق ونحب، والطائف عشق قديم عند كثير من السعوديين، تربطهم بها ذكريات لا يمكن نسيانها!! بعد مقالتي الأسبوع الماضي، تواصل معي كثيرون، لكن لعل أطول حوار كان مع الأخت العزيزة الأستاذة (نورة آل الشيخ) حول المقال، وعن الطائف تحديداً، وهي تحمل في جعبتها أجمل ذكريات الطفولة والشباب صُنعت في الطائف. حدثتني عن (البساتين) وعن (الردف) وعن (غدير البنات) وعن (صخرة القديرة)؛ الصخرة التي كانت أول زحلقة ترفيهية في الزمن القديم، يذكرها الذين قضوا أوقاتاً ممتعة فيها!! كان الحديث مع الأخت نورة ماتعاً شيقاً، تطرقنا فيه لجوانب عديدة تهم الطائف بالذات؛ كونها مدينة سياحية. بعض الناس يرى الطائف بمنظار سلبي جدًا؛ لأنه واجه متاعب موجعة ومواقف مؤلمة مع بعض زملاء العمل، أو غيرهم من أقارب أو أصحاب (غير أسوياء)؛ ما جعلها في نفسه ندبات لا تنسى؛ فالبعض يربط المدينة بذلك، فليس هناك قبول عنده لمدينة تعب فيها وتأذى وناله من الغدر والمكائد من فرد أو جماعة؛ ما شوه الصورة في نظره!! لكن لا!! من الظلم أن نربط المواقف والأحداث السيئة التي نمر بها بمدينة ما، أو تتشوه صورة أهلها بسبب أفراد افتقروا لطيب التعامل، وأصول الزمالة وحسن الخلق!! تخيلوا إحدى الأخوات لم تزر الطائف منذ ثلاثين عاماً؛ رغم رجاءات عائلتها لها، وذلك لأنها فقدت والدتها- رحمها الله- في إحدى مرات تصييفهم في الطائف. تقول: بعد يومين من دخولنا مرضت والدتي ثم توفيت!! إنه القدر المحتوم يا عزيزتي، لا دخل للطائف أو أي مدينة فيه (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) (وما تدري نفس بأي أرض تموت).
في اعتقادي أن الأشخاص الذين يربطون مدينة جميلة فيها مقومات تهفو لها النفوس؛ كالطائف بمواقف مروا بها، وكانت أقداراً مقدرة. هؤلاء-عذراً- بحاجة (لعلاج نفسي) لأن الإنسان معرض للابتلاءات بكل صنوفها، إنما هي أقدار لا يعلم متى وكيف وأين تصيبه إلا الله!! كل ما يحتاجه فعلاً الثقة بالله، والاستعانة به والقدرة على المواجهة السليمة!! غفر الله لنا ولكم ورحمنا وإياكم، وتبقى الطائف العشق والمحبوبة والبلد الهادئ ذات النسمات العليلة، وأنا أكتب في المقال، والهواء المنعش يتسلل بنعومة وبرودة تملأ النفس راحة، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله!! الطائف مدينة سياحية من الدرجة الأولى في فترة الصيف، وممكن حتى الشتاء لمن يحبون الأجواء الباردة. لماذا لا تكون في مصاف المدن السياحية العالمية!! تساؤلات تتردد كثيراً في عقول محبيها وزائريها!! في الطائف معالم سياحية اختفت أو توقفت دون أسباب وجيهة!! فمثلاً أين حديقة الملك فيصل.. سنوات وهي مقفلة!! وقد كانت من معالم الطائف. أين متنزه النقبة الحمراء.. سنوات طويلة وهو مغلق!! وقد كان تحفة !! وغيرها!! وقد سمعت أحدهم يقول: الأمانة لم تجد مستثمراً لتشغيل الموقع!! هل هذا سبب يجعل مواقع كهذه مهملة!! طبعاً سبب غير مقنع وحجة واهية !! أين التخطيط المتقدم لمتنزهي الشفا والهدى؛ ليرتادهما السياح براحة وانسيابية، عوضاً عن الزحام الشديد الذي يستغرق الوصول لجلسة في الشفا ساعات، حتى إن شدة الزحام في الشفاء جعلت كثيرين يعودون دون زيارة الشفا!! فالاستجمام والراحة تتنافى مع الزحام. هناك حاجة نفسية للطبيعة الغناء. صحيح أن المقاهي والمطاعم الراقية والتراثية واجهة سياحية حضارية مهمة، لكنها ليست بأهمية الحفاظ على الطبيعة والاهتمام بالمزارع والمسطحات الخضراء!! الجبال في الشفاء حكاية جميلة. لماذا هي بعيدة عن الاهتمام والعناية اللائقة بمدينة كالطائف!! للأسف انتشرت المقاهي والمطاعم في الشفا والهدى بشكل غير مدروس، وهذا الجانب يحتاج تخطيطاً عميقاً يدرس حاجات السياح بجميع فئاتهم وأجواءهم، خاصة أن الطائف منطقة سياحية يقصدها المصطافون محلياً وخارجياً، فمعظم مواطني الخليج تستهويهم الطائف لمناخها وجمالها وموقعها القريب من مكة وجدة!! لماذا لا تعمل الأمانة على إحياء غدير البنات' المكان التاريخي' الذي يذكره محبو الطائف منذ أكثر من 100 عام!! وهو الآن للأسف مهمل!! لماذا لا تعمل على (زحليقة القديرة) لتكون معلماً في ذاكرة الناس والجيل الحديث!! الطائف مدينة خيالية لو وجدت الاهتمام والعناية والدراسة التي تستحقها! قد تكون البلدية تظهر الاهتمام هنا وهناك، جزاهم الله خيراً، لكنه ليس الاهتمام الواجب والمستحق للمدينة التاريخية، مدينة استرخاء النفس وهدوء القلب!! مدينة تستحق من الأمانة كل أمانة وإخلاص، وهنا يراودني سؤال.. هل أمانة الطائف تعشق الطائف!! هل موظفوها شغوفين بالعمل من أجلها كما تستحق!! إذا كانوا كذلك، فأين هم من جعل الطائف في غضون سنة واحدة أجمل مدينة سياحية في الشرق الأوسط، دون التماس أعذار لأي تقصير!! أين هم من الكلاب السائبة في بعض الأحياء، ومنها الوسام!! أين هم من الأبقار التي تتجول نهاراً في الحي بعض الأيام!! أين هم من الأحواض الترابية الكبيرة في الشوارع دون زرع!! أنا واثقة أن لدينا مهندسين على مستوى من الذكاء والمقدرة، لكنهم ربما لم يجدوا الفرصة أو ربما مقيدين!! ألا يقتدون بعراب الرؤية وقائد التغيير، الذي صنع في خمس سنوات ماكان يستغرق عشرات السنوات. (ما شاء الله ولا قوة إلا بالله) وهكذا يجب أن يكون الجميع وبالذات الأمانات. نتابع في مقال قادم- بإذن الله- ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها فخراً وعشقاً).