اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
علي محمد الغامدي
هل تخيلت يومًا أن تصبح الألعاب الإلكترونية صناعةً وثقافةً، ومحركًا اقتصاديًا عالميًا؟ في المملكة العربية السعودية، لم يعد ذلك مجرد خيال، بل هو واقع يتم بناؤه بخُطى واثقة واستثماراتٍ استراتيجية، تتمركز في قلبه رؤية طموحة تُعيد تعريف الترفيه التفاعلي، وتضع المملكة في مقدمة المشهد العالمي لصناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية.
من خلال تطوير قطاع الألعاب الإلكترونية، تسعى المملكة إلى تمكين الابتكار، وتعزيز الاقتصاد الرقمي، وخلق منظومة حيوية تدعم اللاعبين والمطورين والجهات المعنية، بالإضافة إلى جمال الاستمتاع بالترفيه، عبر العمل على مجموعة من المبادرات الاستراتيجية التي تشمل: وضع إطار تنظيمي وحوكمة تُسهِم في تنسيق أدوار الجهات العامة ذات العلاقة بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بما يضمن التكامل والكفاءة في تطوير القطاع، وإنشاء بنية تحتية تقنية ومادية متقدمة تدعم نمو الرياضات الإلكترونية وتُسهِم في استقطاب الفعاليات والمواهب، وتوفير آليات تمويل ودعم مالي مبتكرة لتوسيع نطاق منظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية، والوصول بالمملكة إلى أن تكون المنصة العالمية الأولى لتجربة الابتكارات في تقنيات اللعب، وتعزيز مكانتها كمختبر مفتوح للابتكار والإبداع، وتقديم المملكة كمركز عالمي للتعليم المتخصص في مجالات الألعاب والرياضات الإلكترونية، وتعزيز التعاون والشراكات بين القطاعين العام والخاص بهدف توسيع نطاق المبادرات الوطنية وتحقيق التكامل في تنفيذ الخطط ذات الصلة بالألعاب والرياضات الإلكترونية، كل ذلك مدعومًا برؤية السعودية 2030.
وفي مجال التقنية، انطلقت المملكة في رحلة استثنائية لبناء أفضل بيئة ممكنة لنمو هذا القطاع، عبر استثمارات ضخمة في تقنيات الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تحسين تجربة اللعب، التي أصبحت أسرع وأكثر سلاسة من أي وقت مضى، مما أدى إلى إلغاء فعلي لمشكلة تأخّر الاستجابة (Latency) أو كما يُطلق عليها 'Ping'، التي كانت تؤرق اللاعبين لسنوات كون المملكة تُسجل أعلى معدلات استخدام الإنترنت والهواتف الذكية عالميًا.
قطاع الألعاب في المملكة من المتوقع أن ينمو حتى عام 2027 بمعدل سنوي مركب يبلغ 23 %، ليصل إلى أكثر من 1.1 مليار دولار، مدفوعًا بالطلب المحلي والاستثمار في الفعاليات والبنية التحتية وتوسيع سوق الألعاب السحابية. وضمن مبادرة 'Ignite'أطلقت المملكة أكاديمية للإعلام الرقمي، تضم محورًا متخصصًا في الألعاب الإلكترونية، بهدف تدريب وتأهيل المواهب وتوطين المعرفة.
إلى جانب ذلك، تواصل الأكاديمية السعودية للرياضات الإلكترونية، التي أسسها الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، جهودها في تقديم دورات تخصصية، وبناء شراكات استراتيجية مع جهات تقنية عالمية رائدة، مثل شركة GGTech وGen.G Global Academy، لتقديم محتوى تعليمي نوعي يُعزّز من كفاءة الخريجين.
ما يحدث في السعودية اليوم ليس مجرد نهضة في قطاع الترفيه التفاعلي، بل هو إعادة تعريف لمجالاته المتعددة، من ضمنها الألعاب الإلكترونية كرافعة اقتصادية، وتعليمية، وثقافية. إنها قصة تحوّل، ترسمها البيانات، وتقودها الرؤية الطموحة، ويتصدرها جيل جديد من المبدعين واللاعبين. والمملكة، بكل ثقة، تمضي نحو أن تكون في صدارة الدول التي تصنع مستقبل الترفيه التفاعلي.