اخبار السعودية
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٦ أيلول ٢٠٢٥
كان موقف الرياض منذ اندلاع الصراع العربي- الإسرائيلي ثابتاً بالتصدي للهيمنة الصهيونية والاحتلال
كان الثلاثاء الماضي اليوم الوطني السعودي الـ95، كان يوماً تاريخياً مشهوداً، يحتفل به السعوديون وأشقاؤهم العرب بتحقيق أكبر وأقدم وحدة عربية على يد مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
في اليوم نفسه، حققت السعودية انتصاراً دبلوماسياً تاريخياً آخر في المعركة التي خاضتها على الساحة الدولية وفي المحافل العالمية، فعلى مدى أشهر وأعوام سعت بلا هوادة إلى تحقيق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
نجحت المملكة بانتزاع اعتراف دول كبرى ودائمة العضوية في مجلس الأمن كبريطانيا وفرنسا، ونظمت بالتعاون مع فرنسا حملة في نيويورك حيث تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعها السنوي بحضور زعماء ورؤساء دول العالم.
وتميزت فرنسا بدورها المستقل الذي تحاول أن تتميز به بعيداً من الهيمنة الأميركية على القرار الأوروبي، فشجعت دولاً أوروبية أخرى على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة، وتبعتها دول غربية مهمة أخرى كأستراليا وكندا.
أسهمت بشاعة حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل على مدى عامين والتشبث الأسطوري الفلسطيني بالأرض والضغط العالمي والثقل السعودي والدور الفرنسي المتميز في دفع دول عدة إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وبقيت الولايات المتحدة في عزلة مع إسرائيل بإنكار هذا الحق الذي طال انتظار الاعتراف به.
وهذه العزلة من المتوقع أن تنعكس بمغادرة الوفود العالمية لقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة عصر اليوم الجمعة (بتوقيت مكة المكرمة) حين يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمة حكومته فيها.
وكان موقف السعودية منذ اندلاع الصراع العربي- الإسرائيلي خلال أربعينيات القرن الماضي ثابتاً بالتصدي للهيمنة الصهيونية والاحتلال، فأسهمت في الحروب العربية- الإسرائيلية، وأوقفت تصدير النفط عن الغرب أثناء حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، ودعمت 'منظمة التحرير الفلسطينية' كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وساندت السلطة الفلسطينية بعد اتفاقات أوسلو، وحاولت جاهدة الإصلاح بين حركتي 'حماس' و'فتح' وباقي الفصائل الفلسطينية. وتكللت جهودها بالاعتراف الدولي بدولة فلسطين الذي وصل إلى 157 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
وتدرك المملكة أن الطريق لتحقيق الدولة الفلسطينية على أرض الواقع هو طريق وعر وطويل، ولكنها تؤمن أيضاً أن الجهود الدبلوماسية لا تقل أهمية عن الحروب التي خاضتها في الماضي، فعلى رغم أن دول الطوق توقفت عن قتال إسرائيل العسكري بالمعاهدات أو بالإنهاك، فإن السعودية لم تتوقف عن القتال السياسي والدبلوماسي لنصرة الشعب الفلسطيني على الصعد كافة لنيل حقوقه المشروعة.
ولعل أصعب العقبات في تحقيق الحلم الفلسطيني هي الفرقة الفلسطينية والتشرذم الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، وهو تشرذم استغله عدوهم ومحتل أرضهم لاستمرار سياسة التهويد وضم الأراضي والإمعان في القتل والتنكيل والتهجير.
إن التوافق الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية هو إنجاز سياسي ودبلوماسي تاريخي، وهو توافق يتطلب رص الصفوف الفلسطينية وترك التناحر والصراع الفلسطيني الداخلي لترجمة الاعتراف الدولي. فالاعتراف يتطلب أرضاً فلسطينية ما زال الشعب الفلسطيني يعيش عليها بالملايين وإن كانت تحت الاحتلال، ويتطلب كذلك سلطة فلسطينية موحدة مخلصة خالصة من الفساد والمحسوبيات تعمل باتجاه واحد لتحقيق أحلام شعبها، كي تحظى باحترام دول العالم التي اعترفت بها.
شكراً لجمهورية فرنسا على تفردها الشجاع الذي غيّر في موازين القوى الغربية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، وشكراً للسعودية على ما قدمته لقضية الشعب الفلسطيني، وكل عام والمملكة وشعبها وقيادتها بخير ونجاح وسؤدد.