اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
في تحولٍ يثير قلق العلماء، توقفت إحدى أهم النظم البيئية في غابات الأمازون البيروفية عن أداء وظيفتها الحيوية في امتصاص الكربون، وتحولت من 'بالوعة كربون' فعالة إلى نظام محايد كربونيًا.
المفارقة المقلقة هي أن هذا التدهور حدث في غياب أي تدخل بشري مباشر، مما يطرح تساؤلات أعمق حول صحة الكوكب.
الأهمية الاستراتيجية لأراضي الخث
تلعب الأراضي الخثية (Peatlands) دورًا محوريًا في دورة الكربون العالمية، فهي مستنقعات تعمل كإسفنجة عملاقة تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وعلى الرغم من أنها تغطي 3% فقط من مساحة اليابسة عالميًا، فإنها تخزن ما لا يقل عن 550 جيجا طن من الكربون، أي أكثر من ضعف الكمية المخزنة في جميع غابات العالم مجتمعة.
في بيرو وحدها، تختزن هذه الأراضي ما يعادل كامل مخزون الكربون الموجود في الغطاء النباتي للبلاد بأكملها.
ما الذي حدث في بيرو؟
ركزت الدراسة، التي نشرت في مجلة Geophysical Research Letters، على نوع من الأراضي الخثية تهيمن عليه أشجار نخيل الموريتشي، وهي نظم بيئية حيوية تُعرف محليًا باسم 'aguajales'. ووجد الباحثون أن هذا النظام، الذي كان يُعتبر بالوعة كربون (Carbon Sink) قوية في عامي 2018 و2019، أصبح محايدًا تقريبًا في عام 2022.
يُعزى هذا التحول إلى عاملين رئيسيين:
شدة أشعة الشمس: أدت فترات صفاء السماء الطويلة وزيادة شدة أشعة الشمس إلى إجهاد النباتات، مما دفعها إلى إغلاق مسامها (الثغور التنفسية) للحد من فقدان المياه، وهو ما قلل بدوره من قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون عبر عملية التمثيل الضوئي.
انخفاض منسوب المياه: أدى انخفاض مستويات المياه إلى تعريض الطبقات العليا من تربة الخث للأكسجين، مما سرّع من عملية تحلل المواد العضوية، وأطلق كميات أكبر من المعتاد من ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي.
هل هو تحول دائم؟
رغم خطورة النتائج، ينصح الخبراء بعدم استخلاص استنتاجات متسرعة. فمن الطبيعي أن تتقلب قدرة هذه النظم البيئية على امتصاص الكربون من عام لآخر تبعًا للظروف الجوية. ومع ذلك، فإن ما يثير القلق هو أن هذا التغيير قد يكون مؤشرًا على تأثيرات أوسع لتغير المناخ.
يرى العلماء أن موجات الجفاف المتكررة وتغير أنماط الغيوم في منطقة الأمازون، الناجمة عن الأنشطة البشرية على نطاق أوسع مثل إزالة الغابات، قد تؤدي إلى تحول دائم في هذه النظم البيئية الحساسة، مما يحولها من حليف في مكافحة تغير المناخ إلى مصدر جديد لانبعاثات الكربون.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستستعيد هذه 'الرئة الخفية' قدرتها على التنفس، أم أن هذا الإنذار الصامت هو بداية تحول لا رجعة فيه؟