اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٣ أيلول ٢٠٢٥
منذ اللحظة الأولى لتوحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أدرك أن بناء الدولة الحديثة لا يكتمل إلا عبر ربط أرجائها وتعزيز اتصالها بالعالم، فجعل من الاتصالات ركيزة وطنية وجسرًا تنمويًا أسهم في ترسيخ الأمن والوحدة، وفتح الطريق أمام قطاع حيوي بات اليوم شاهدًا على مسيرة التطور المتجدد للمملكة.
انطلقت البدايات عام 1926 بإنشاء أول مديرية للبرق والبريد والهاتف، ثم شُيّد أول برج للتلغراف اللاسلكي في حي جبرة بالرياض عام 1931 بارتفاع 60 مترًا، ليشهد أول مكالمة تاريخية أجراها الملك عبدالعزيز مع ولي عهده الملك سعود.
وفي عام 1929 تأسست قلعة اللاسلكي بمكة التي احتضنت مدرسة لتأهيل الكفاءات في فنون المخابرة، تبعها افتتاح محطة الاتصالات اللاسلكية بالرياض عام 1938 لتوسيع الربط الداخلي والخارجي.
وجاء حضور الملك عبدالعزيز لمؤتمر 'أتلانتك سيتي' عام 1946 وإلقاؤه خطابًا حول المواصلات السلكية واللاسلكية ليؤكد التزام المملكة بالمشاركة في صياغة مستقبل الاتصالات عالميًا.
واستمرت الخطوات المتسارعة مع الملك سعود الذي دشّن عام 1957 أول محطة للهاتف اللاسلكي بالرياض، وصولًا إلى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز الذي افتتح محطة الأقمار الصناعية في الباحة عام 1987، فاتحةً لعصر الاتصالات الفضائية وربط المملكة بالعالم عبر الفضاء.
ومع التسعينيات، توسعت خدمات الهاتف الثابت والجوال، ودخل الإنترنت للجامعات والجهات الحكومية عام 1994 قبل أن يُتاح للعامة عام 1997، إيذانًا بمرحلة جديدة من التحول الرقمي.
وفي الفترة بين 1997 و2001، نُقلت خدمات الاتصالات من وزارة البرق والبريد والهاتف إلى شركة الاتصالات السعودية، وتبعها صدور نظام الاتصالات الذي أرسى الأطر التنظيمية الحديثة.
ثم جاءت مرحلة الخصخصة عام 2002 بطرح 30% من أسهم الشركة للاكتتاب، وتوسعت مهام الهيئة التنظيمية لتشمل تقنية المعلومات، فاتحةً الباب أمام التنافسية والابتكار.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان دخل القطاع عصره الذهبي مع توسع شبكات الألياف البصرية، وانتشار الجيل الخامس، وإنشاء مراكز بيانات كبرى، وتعزيز الأمن السيبراني، لتصبح المملكة واحدة من أسرع دول العالم نموًا في التحول الرقمي.
وقد تُوجت هذه المسيرة بإنجازات عالمية؛ فحققت المملكة عام 2024 المرتبة الثانية عالميًا في مؤشرات التقنية، ثم تصدرت عام 2025 مؤشر تنمية الاتصالات وتقنية المعلومات الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات.
أما على أرض الواقع، فقد انعكست هذه التطورات على حياة الناس عبر تطبيقات مبتكرة مثل 'أبشر' الذي قدم أكثر من 430 مليون خدمة إلكترونية، و'توكلنا' الذي تجاوز عدد مستخدميه 34 مليونًا، و'قوى' الذي وثّق 11 مليون عقد عمل. كما سجل تطبيق 'صحتي' أكثر من 53 مليون قراءة حيوية و23 مليون موعد عن بُعد، فيما وصلت خدمات 'نسك' إلى 18 مليون حاج وزائر من مختلف أنحاء العالم.
وبين عصر البرقيات وانطلاقة الثورة الرقمية، جسدت المملكة رؤية قيادية استشرفت المستقبل منذ البدايات، مؤكدة أن الاستثمار المبكر في البنية التحتية والمعرفة التقنية كان ولا يزال ركيزة في بناء وطن طموح.
ومع رؤية المملكة 2030، تواصل البلاد تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتقنية، في انسجام مع نهضتها الشاملة وطموحها بأن تكون قوة رقمية رائدة في خدمة الإنسان والمستقبل.