اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة صدى الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
وجه أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقًا، ونائب رئيس جمعية الطقس والمناخ، الدكتور عبدالله المسند شكره وتقديره للمركز الوطني للأرصاد على ما يبذله من جهود في توعية المجتمع.
وأشاد المسند بإصدار المنشور الأخير بعنوان “مصادر الغبار في المملكة”، غير أنه قدّم في الوقت ذاته قراءة علمية تحليلية ونقدية لبعض الجوانب الجغرافية والمناخية والمنهجية التي وردت في المنشور.
وقال المسند عبر حسابه الرسمي على منصة إكس:' إن منشور “مصادر الغبار في المملكة” الصادر عن المركز الوطني للأرصاد يمثل خطوة إيجابية في توعية المجتمع، مشيدًا بجهود المركز في تسليط الضوء على واحدة من أكثر الظواهر المناخية إزعاجًا في البيئة'.
وأضاف :' أن العواصف الغبارية تُعد من الظواهر المؤثرة صحيًا واقتصاديًا وتعليميًا، وهو ما يستدعي – بحسب وصفه – تضافر الجهود العلمية وتكامل التخصصات لتقديم مخرجات دقيقة وقابلة للتطبيق.'
وأوضح في قراءته النقدية للمنشور أن الخارطة المرفقة والتي توضح “مصادر الغبار في المملكة” تستوجب مراجعة جغرافية دقيقة، مرجعًا ذلك لعدة أسباب.
وأشار في هذا السياق إلى أن موقع ومساحة نفود الثويرات غير دقيقة، إذ إن المنطقة الموضحة في الخارطة تتجاوز حدودها الحقيقية لتشمل نفود المظهور، ونفود السر، ونفود الشقيقة، ونفود عريق البلدان، فضلًا عن أجزاء واسعة من شمال الدهناء، مؤكدًا أن نفود الثويرات أصغر حجمًا من الشكل المعروض.
وتابع :' إن امتداد صحراء الجافورة قد تم تضخيمه في المنشور، موضحًا أن الجافورة تمتد شمالًا حتى قرب دائرة عرض 27 شمالًا، وتتصل جنوبًا بالربع الخالي، في حين أن تحديد المركز تجاوز هذا الامتداد ليصل بها شمالًا حتى حدود الخفجي وحفر الباطن بل وحتى الكويت، وهو ما اعتبره “تجاوزًا جغرافيًا واضحًا”.
وفيما يتعلق بـ”الجزء الغربي من الربع الخالي”، واصل المسند ملاحظاته قائلاً إن المنطقة المشار إليها في الخارطة أقرب إلى الجزء الأوسط منه، بينما يمثل الجزء الغربي الحقيقي عروق بني معارض، وليس كما وصفه المنشور بـ”الجزء الجنوبي الغربي لحافة طويق”.
وفي ملاحظاته المنهجية، تساءل المسند: “أين هي المعايير العلمية التي استند إليها المنشور؟”، مضيفًا أن المنشور لم يوضّح الأسس أو الدراسات التطبيقية المعتمدة في تحديد المناطق الغبارية، وكأن الاختيار تم بناءً على وجود كثبان رملية فقط، معتبرًا ذلك تبسيطًا مخلًا.
وتابع قائلاً: “لو كانت الرمال هي المعيار، فأين صحراء الدهناء وهي ثالث أكبر مسطح رملي في المملكة؟ وأين النفود الكبير ثاني أكبر المسطحات الرملية؟ وأين عروق سبيع وعريق الدسم وغيرها من المناطق التي لها نشاط غباري فعّال ولم تُذكر في المنشور؟”.
وأكد المسند، استنادًا إلى أكثر من عقدين من المراقبة الميدانية لسلوك العواصف الغبارية، أن الغبار لا يصدر فقط من المسطحات الرملية، بل من معظم أراضي المملكة إذا بلغت سرعة الرياح الحدّية ما بين 20 إلى 36 كم/ساعة، لافتًا إلى أن الرياح الهابطة أو الانفجارية الموضعية خلال فصل الربيع تثير الغبار حتى في الأراضي غير الرملية.
وفي جانب آخر، شدد المسند على ضرورة إعادة النظر في تحميل الربع الخالي مسؤولية إثارة الغبار، مبينًا أن هذه الصحراء، رغم ضخامتها، إلا أن موقعها يجعلها ممرًا للرياح لا منشأً لها، مشيرًا إلى أن الرياح تهب عليها من الشمال، وغالبًا ما تكون العواصف التي تعبرها قادمة من شمال المملكة أو من دول مجاورة كالعراق والأردن والكويت.
وأشار أيضًا إلى عوامل مناخية مؤثرة لا تتعلق فقط بالرمال، مثل رياح البوارح التي تبدأ من جنوبي العراق، مرورًا بالكويت، ثم تتحرك جنوبًا لتجعل المنطقة الشرقية مسرحًا لنشاطها، وقد تصل أحيانًا إلى أطراف الربع الخالي.
وأضاف أن المنخفضات الجوية المتوسطية والعميقة تخلق جبهات هوائية قوية تُثير الغبار في أي بيئة تمر بها، سواء كانت طينية أو حجرية، بل وحتى في المناطق الجبلية والحرّات البركانية، إلى جانب الرياح الهابطة الناتجة عن العواصف الرعدية، والتي قد تثير عواصف موضعية مفاجئة لا علاقة لها بالموقع الجغرافي أو طبيعة التربة.
واختتم الدكتور المسند قراءته بدعوة إلى شراكة علمية تكاملية بين المتخصصين في علوم الجغرافيا التطبيقية والمناخية، وجغرافية التربة، والأرصاد الجوية، مؤكدًا أن العواصف الغبارية ظواهر مركبة لا يمكن فهمها إلا من خلال رؤية علمية شمولية.
واختتم حديثه:' إن فصل المناخ عن الجغرافيا في تحليل مثل هذه الظواهر قد يؤدي إلى استنتاجات غير دقيقة ومخرجات غير قابلة للتطبيق الميداني. نحن في هذا الوطن نمثل مكتبة علمية واحدة، وهدفنا جميعًا خدمة البلاد والعباد، وتعزيز فهمنا للتحديات المناخية المعاصرة، ومنها العواصف الغبارية.”