اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في وقت يشهد فيه القطاع العقاري السعودي تحوّلاً نوعيًا مدفوعًا برؤية المملكة 2030، تتقدم شركة 'الجهات الأربعة' للتطوير العقاري بخطى واثقة نحو تبنّي مفهوم جديد للتنمية العمرانية يضع الإنسان وجودة الحياة في قلب التصميم. فبينما يركز كثير من المطورين على تحقيق العوائد السريعة من الكثافة البنائية، تؤمن 'الجهات الأربعة' بأن العائد المستدام الحقيقي يُقاس بالأثر الإنساني والمجتمعي الذي يتركه المشروع في المكان وساكنيه.
في هذا الحوار الحصري لـ'الرياض'، يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة 'الجهات الأربعة' للتطوير العقاري محمد آل زرعة، أن التحول نحو جودة الحياة ليس خياراً تجميلياً، بل مساراً استراتيجياً يعزز استدامة المدن السعودية ويجعلها أكثر جاذبية وارتباطاً بتراثها وهويتها الثقافية.
كما يكشف عن فلسفة الشركة في تصميم مشاريع متكاملة متعددة الاستخدامات، تحقق التوازن بين السكن والعمل والترفيه، وتدمج التقنية الحديثة بالاستدامة البيئية والهوية المحلية، لتصنع بصمة تطويرية تعيش طويلاً وتُعبّر عن روح المكان. وإليكم نص الحوار:
كيف ترى 'الجهات الأربعة' أهمية الانتقال من النموذج التقليدي الذي يركز على المساحات القابلة للتأجير فقط، إلى تطوير بيئات متكاملة تعطي الأولوية لجودة الحياة؟
تقوم فلسفتنا في 'الجهات الأربعة' على أن التطوير العقاري الحقيقي اليوم لا يُقاس بعدد الأمتار المبنية أو بعدد المسطحات، بل يُقاس بعدد اللحظات التي يصنعها المكان، والتحول من نموذج يعتمد على العائد المالي فقط إلى نموذج يضع الإنسان في قلب التصميم. هدفنا أن يكون لكل مشروع بصمته الخاصة وباقية بعدنا، أي أننا نطوّر تجارب متكاملة وليس مجرد مناطق سكنية، مثلا. وإذا لم نرَ أن المشروع يأخذ بعين الاعتبار تجربة الموظف والساكن، فلن يكون للمشروع قيمة حقيقية.
ما هي النسبة المثالية أو المستهدفة لتخصيص المساحات المفتوحة والحدائق والمرافق الترفيهية في مشاريعكم، مقارنة بالمساحات المبنية؟
لا يمكن أن تقل المساحات المفتوحة عندنا عن 25% وتصل إلى أكثر من 70%، حسب فكرة كل مشروع. نحن نؤمن بأن المساحات الخضراء ليست مجرد طرف بصري نضعه في المشروع، بل عنصر إنتاجي يعزز جودة الحياة اليومية. وعلى سبيل المثال، يحتوي مشروع 'يمامة بيزنس بارك' على 75% من المساحات الخضراء، و'يمامة بيزنس سكوير' حوالي 50% و'يمامة جاردن' بأكثر من 60%.
كيف تبرر الشركة الاستثمار في المساحات المجتمعية والترفيهية غير المنتجة للإيرادات المباشرة؟ وما هو العائد غير المالي على المجتمع والشركة؟
يمكن تحقيق العوائد المالية للمشاريع من خلال زيادة الكثافة البنائية، ولكن هذا العائد غير ممتد ولن يكون مفيدًا للشركة على المدى البعيد، حيث لن يكون وجهة للناس. نحن نؤمن بأن العائد غير المالي هو في الأثر الممتد الذي يُكسِبُنا ثقة المجتمع وسمعة الشركة مما يعزز قوة العلامة وارتفاع القيمة طويلة المدى. هذا هو هدف مشاريعنا الذي يشعرك بالانتماء ويحقق عائد يتجاوز الارقام.
كيف تضمن 'الجهات الأربعة' تحقيق توازن فعلي بين السكن والعمل والترفيه في مشاريعها؟
نصمم المشروع كتجمع صغير يتضمن المنازل وأماكن للسكن ومكاتب العمل والمقاهي والحدائق، وغيرها، بحيث تتجاور جميع هذه العناصر الأساسية بتناغم، بدعم من الدولة لتطوير المشاريع متعددة الاستخدامات والتجربة المجتمعية، وخصوصًا مع رغبة المزيد من السكان بالتواجد في أماكن متعددة الاستخدامات تُسهّل عليهم العمل والسكن والترفيه والحصول على الخدمات في نفس المكان.
هل لديكم أمثلة ناجحة على دمج المساحات التفاعلية والمجتمعية مثل ساحات اللقاءات أو ممرات المشاة والدراجات في مشاريعكم؟
نعم، في مشاريع مثل 'يمامة بيزنس بارك' و'يمامة بيزنس سكوير' و'يمامة جاردن'، تم تصميم الممرات والساحات لتكون مساحات لقاء وليس مجرد ممرات عبور. وترتكز مشاريعنا بشكل أساسي على التوجه الثقافي ورفع ودعم جودة الحياة ونقاشها مع الجهات المعنية وفقا لرؤية صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله، وذلك بهدف ضمان نجاح المشاريع على المدى الطويل.
هل تشجع التشريعات الحالية المطورين على تخصيص المزيد من الأراضي للمساحات المفتوحة والمنفعة العامة، أم أنها لا تزال تركز على الكثافة البنائية لتحقيق أكبر عائد استثماري؟
بدأت التشريعات تتطور مع رؤية السعودية 2030، ولا يزال القطاع بحاجة إلى أدوات تحفيزية أكبر للمطورين لتشجيع المشاريع التي تهتم بجودة الحياة والمساحات العامة على حساب الكثافة البنائية. المشاريع التي تُراعي جودة الحياة تُحقق عائداً مستداماً يفوق في أثره العائد السريع من الكثافة البنائية.
كيف تؤثر رؤية الجودة والترفيه على قيمة العقار واستدامته مقارنة بالمشاريع ذات الكثافة العالية فقط؟
المشاريع ذات الجودة العالية تضيف قيمة مستدامة، فالقيمة المضافة ليست في ارتفاع المبنى، بل بالتجربة التي تمنحها المشاريع ذات الجودة العالية للمجتمع. وعلى سبيل المثال، مركز الملك عبدالله المالي KAFD يُعتبر مثالاً على المشاريع المتكاملة التي أضافت قيمة جمالية للمدينة، مما يجعل هذه الوجهة تجربة فريدة ومستدامة على المدى الطويل.
كيف تستخدمون التقنية والأنظمة الذكية لتحسين تجربة السكان والمستأجرين في مشاريعكم؟
نعتمد على منظومات ذكية لإدارة الطاقة والمواقف والدخول والخروج والأمن وجميع خدمات الساكن والمستأجر، ونستخدم أنظمة المراقبة الرقمية. وفي مشروع 'يمامة بيزنس بارك'، على سبيل المثال، نستخدم الأنظمة الذكية لإدارة استهلاك المياه وخفض التكاليف المستقبلية وضمان تقديم أفضل تجربة ممكنة على المستأجرين والسكان.
هل تعتمدون على مفاهيم المدن الذكية أو حلول التقنيات العقارية لتعزيز الاستدامة وجودة الحياة؟
نحن نؤمن بأن التخطيط الذكي يبدأ من لحظة تصميم المشروع، حيث نفكر بخفض استهلاك الطاقة من خلال اختيار واجهات المباني وأنظمة الإضاءة والتكييف التي تخفض التكاليف على المستأجرين والمُلاّك، وندعم كل ما يعزز الاستدامة وجودة الحياة.
كيف تساهم مشاريعكم في دعم المجتمع المحلي وتعزيز الثقافة والفنون أو الرياضة؟
نحن في 'الجهات الأربعة' نُحوّل المشاريع إلى منصات ثقافية مفتوحة ليُصبح الوطن متحفًا مفتوحًا. ونهدف على توثيق الهوية التاريخية للمنطقة من خلال أعمال فنية داخلية وخارجية في كافة مشاريعنا تُبرز ثقافتنا وحضارتنا وتاريخنا وتُعزز من الهوية الوطنية.
كيف تحرصون على أن يكون لكل مشروع هوية معمارية مميزة تعكس الثقافة المحلية مع الحفاظ على الحداثة؟
نعمل على أن يكون لكل مشروع رمز يُبرز بصمة تراثية سواء من خلال الأعمال الفنية أو العناصر المعمارية التي تعكس الشخصية الثقافية المحلية، مع الحفاظ على الحداثة في التصميم.
بالنظر إلى أهداف رؤية السعودية 2030 لرفع جودة الحياة، ما هي الرسالة التي توجهونها للمطورين الآخرين حول أهمية تبني هذا التحول في استراتيجياتهم التطويرية؟
رسالتنا الداخلية أن التحول نحو جودة الحياة ليس خياراً تجميلياً، بل مساراً استراتيجياً. المدن التي تضع الإنسان أولاً هي التي تبقى، وهدفنا أن نكون من الأوائل ممن يصنعون هذا التحول في المملكة العربية السعودية.










































