اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما نسبة ارتفاع الاستثمارات في المحافظ الأجنبية خلال النصف الأول من عام 2025؟
ارتفعت بنسبة 40%، وفق تقرير شركة 'إكويفيتر'.
- كم بلغت الاستثمارات الأجنبية داخل الاقتصاد السعودي بنهاية الربع الثاني من 2025؟
تجاوز 815 مليار دولار، حسب بيانات 'ساما'.
يشهد القطاع الاقتصادي السعودي مرحلة جديدة من النضج الاستثماري، إذ تتسارع وتيرة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية في ظل إصلاحات هيكلية وتشريعية عززت مكانة المملكة كوجهة رئيسية للاستثمار العالمي.
ويعكس هذا الزخم تحوّلاً في بنية الاقتصاد الوطني من الاعتماد على العوائد النفطية إلى تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات النوعية ذات القيمة المضافة.
بيئة أكثر تنافسية
وتؤكد المؤشرات الحديثة أن الإصلاحات التي أُقرت خلال الأعوام الأخيرة أوجدت بيئة أعمال أكثر تنافسية، دفعت المؤسسات العالمية إلى زيادة حضورها في السوق السعودية.
ووفقاً لتقرير شركة 'إكويفيتر' السعودية الصادر في 19 أكتوبر 2025، ارتفعت الاستثمارات في المحافظ الأجنبية بنسبة 40% خلال النصف الأول من 2025، وهو ما يعكس تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين بالفرص التي تتيحها المملكة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة تستهدف رفع مساهمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، ضمن مساعي رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد وتعزيز استدامته.
كما تجاوز إجمالي الأموال الأجنبية المستقطبة مع نهاية النصف الأول من العام 3 تريليونات ريال (800 مليار دولار)، مدعوماً بصدور قانون الاستثمار الأجنبي الجديد لعام 2025، الذي أعاد صياغة بيئة الأعمال على أساس الشفافية وتحليل المخاطر، مانحاً المستثمرين الأجانب مزيداً من الحماية والمرونة التشغيلية.
إصلاحات محورية
وتُعد الإصلاحات التشريعية واحدة من الركائز الأساسية في تعزيز جاذبية المملكة، إذ أسهمت الإجراءات الأخيرة في تسهيل ملكية الأجانب للعقارات والشركات، ما أوجد مساراً استثمارياً أكثر استقراراً.
وأشارت صحيفة الوطن السعودية نقلاً عن تقرير شركة AHYSP إلى أن السماح بتملّك الأجانب في السوق العقارية من المتوقع أن يرفع نمو القطاع بنحو 30% خلال عام 2025، ما يعكس الثقة في السوق المحلية وقدرتها على استيعاب رؤوس أموال جديدة.
وتُظهر بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بلغت 24.9 مليار ريال (6.6 مليارات دولار) خلال الربع الثاني من 2025، بينما ارتفع صافي التدفقات إلى 22.8 مليار ريال (6.1 مليارات دولار) بزيادة سنوية قدرها 14.5%، مدفوعاً بتراجع كبير في التدفقات الخارجة بنسبة 74.5%، وهو ما عزز صافي الاستثمارات المتجهة إلى الداخل.
وتشير الأرقام إلى أن الزخم الاستثماري لم يعد ظاهرة مؤقتة، بل اتجه نحو استدامة مؤسسية. وكشفت صحيفة عكاظ السعودية، في 20 أكتوبر 2025، عن ارتفاع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر داخل الاقتصاد إلى 1023.8 مليار ريال (273 مليار دولار)، بما يمثل 34% من إجمالي الاستثمار الأجنبي في المملكة.
وبيّنت الصحيفة، استناداً إلى بيانات البنك المركزي السعودي (ساما)، أن إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي بلغ 3055.7 مليار ريال (815 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من العام، محققاً نمواً نسبته 17% على أساس سنوي.
وتتوزع هذه الاستثمارات على استثمارات مباشرة، واستثمارات حافظة تشمل حقوق الملكية وصناديق الاستثمار وسندات الدين بقيمة 1190.9 مليار ريال (317 مليار دولار)، إضافة إلى استثمارات أخرى بقيمة 841 مليار ريال (224 مليار دولار)، ما يعكس تنوع أدوات التمويل داخل الاقتصاد المحلي.
استقرار واستدامة
ويؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور أن النمو المتسارع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للسعودية يعكس بوضوح ارتفاع مستوى الثقة في البيئة الاقتصادية والإصلاحات الجارية.
ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن القيمة الحقيقية لهذا النمو لا تُقاس بالأرقام فحسب، بل بمدى قدرته على ترسيخ بيئة استثمارية مستقرة ومستدامة تقوم على أساس قانوني وتشريعي متين.
ويشير الهور إلى أن التجارب الدولية تؤكد أن أحد أهم عناصر جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي هو وجود بنية تشريعية واضحة وعادلة ومستقرة.
وتضمن هذه البنية للمستثمر أن حقوقه مصانة، وأن التزاماته محددة ضمن منظومة قانونية شفافة وقابلة للتطور مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.
ويلفت الهور إلى أن كل إصلاح اقتصادي، مهما بلغت جرأته، يحتاج إلى حاضنة قانونية تحافظ على اتساق القرارات وتحميها من التقلبات السياسية أو الإدارية.
ويعتقد الأكاديمي الاقتصادي أن الجهود التي تشهدها المملكة لتطوير التشريعات الاقتصادية والقضائية، وتوحيد الإجراءات، وتعزيز الشفافية، تمثل حجر الزاوية في بناء الثقة لدى المستثمرين.
كما يردف بأن استقرار الأنظمة وتحديثها المستمر، بما يتوافق مع المعايير الدولية، هو ما يجعل من الرياض بيئة جاذبة للمقرات الإقليمية للشركات الكبرى.
ويبين الهور أن تحقيق مستهدفات الاستثمار قبل مواعيدها ليس مجرد إنجاز رقمي، بل إشارة إلى أن البنية القانونية والتنظيمية بدأت تؤتي ثمارها في تحسين الكفاءة ورفع مستوى الثقة المؤسسية.
ويرى أنه مع استمرار هذا النهج في بناء منظومة تشريعية متوازنة تضمن العدالة وتكافؤ الفرص وتواكب التطورات، فإن المملكة تسير بخطى واثقة نحو ترسيخ موقعها كمركز مالي إقليمي وعالمي.
تحقيق مبكر للمستهدفات
وتُظهر البيانات أن المملكة تجاوزت مستهدفات الاستثمار قبل عام 2030 بفارق زمني كبير، فبحسب صحيفة الشرق بلومبيرغ الاقتصادية، بلغت نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي 30% في عام 2024، وهو المعدل المستهدف في رؤية 2030، أي قبل 6 سنوات من الموعد المحدد.
وأوضح وزير الاستثمار خالد الفالح، في 20 أكتوبر 2025، أن معدل الاستثمار تضاعف أربع مرات منذ إطلاق الرؤية، بدعم من الشراكة المتنامية مع القطاع الخاص وثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
وأشار الفالح إلى أن إجمالي الاستثمارات المحلية بلغ 1.3 تريليون ريال (347 مليار دولار)، مقابل 650 مليار ريال (173 مليار دولار) في عام 2019، فيما ارتفعت مساهمة القطاع الخاص من 60% إلى 76% من الإجمالي، مع تقليص الإنفاق الحكومي المباشر لصالح تمكين الشركات من قيادة المشاريع الكبرى في قطاعات الطاقة والمياه والموانئ والمطارات والخدمات اللوجستية.
أما في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، فقد قفزت التدفقات من متوسط سنوي يتراوح بين 20 و30 مليار ريال (5.3 – 8 مليارات دولار) عند إطلاق الرؤية، إلى نحو 120 مليار ريال (32 مليار دولار) في العام الماضي، بنمو تجاوز 24% مقارنة بالعام السابق.
وأكد الوزير أن المملكة حققت أكثر من 40% من مستهدفاتها الكمية في هذا المجال قبل الموعد المحدد.
توسع المقرات الإقليمية
ويمثل استقطاب المقرات الإقليمية للشركات العالمية أحد محاور التحول الاقتصادي، حيث تحولت الرياض إلى مركز إقليمي للشركات متعددة الجنسيات.
وأوضح الفالح أن عدد المقرات الإقليمية بلغ 670 مقراً حتى أكتوبر الجاري، متوقعاً أن يرتفع إلى 700 مقر بنهاية العام، مقابل 571 مقراً في يناير الماضي.
وتوظف هذه الشركات نحو 3 آلاف موظف في مناصب قيادية، ما يعكس اتساع دائرة النشاط المؤسسي داخل المملكة.
ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية وزارة الاستثمار لجذب الكيانات الدولية وتعزيز التكامل بينها وبين الشركات الوطنية، بهدف بناء منظومة اقتصادية مترابطة تُسهم في نقل الخبرات وتوسيع قاعدة الشراكات العالمية.
وتوضح المؤشرات والتحليلات أن السعودية باتت تتعامل مع الاستثمار الأجنبي كعنصر بنيوي في نموذجها الاقتصادي الجديد، لا كمصدر تمويلي مؤقت؛ فالتقدم المتحقق في وقت قياسي يعكس التحول الجذري في بيئة الأعمال، ويؤكد أن المملكة تسير بثبات نحو ترسيخ موقعها كمركز إقليمي وعالمي لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات النوعية.










































