اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
عادل الحربي
مؤسف ما آل إليه مؤخراً وضع إحدى سلاسل المطاعم التي واجهت أزمة مع أحد موظفيها شغلت الرأي العام رغم محاولاتها المتكررة للحل، والتواصل مع الموظف السعودي، وإعادته إلى العمل. وما جرى في هذه القضية يضعنا أمام تحدي تحويل برامج السعودة إلى منظومة ذكية تدعم التكامل بين المستثمرين والكفاءات الوطنية، بعيداً عن التفسيرات الخاطئة والاجتهادات غير الموفقة.
نتفق أن السعودة ليست عبئاً على المستثمر، بل هي خيار استراتيجي تبنته الدولة منذ عقود، وجزء من مشروع وطني يعزز حضور المواطن السعودي في السوق؛ غير أن المشكلة تكمن في طريقة التطبيق، وفي خطر تحولها إلى مجرد نسب تُفرض على القطاع الخاص تركز على الكم لا الكيف.. عندها تصبح بالفعل عبئاً، ليس على المستثمر فحسب، بل على الشاب السعودي الذي يجد نفسه في بيئة طاردة لا توفر له أسباب النجاح والاستقرار، أو في وظائف غريبة لا ترتقي لتأهيله.
اليوم، لم يعد مقبولاً أن تبقى بعض الشركات في منأى عن التغيير، أو أن تُركّز فقط على استقدام عمالة رخيصة وتعتبر السعودة عقبة أمامها. كما لم يعد مقبولاً أن تُختزل السعودة في وظائف لا تتناسب مع ما تنفقه الدولة على الجامعات المحلية وبرامج الابتعاث العالمية، التي تمثل استثماراً وطنياً ضخماً في رأس المال البشري. ومن غير المنطقي أن يتخرج الشاب السعودي من أرقى الجامعات ليجد نفسه في وظيفة عادية لا ترتقي إلى مستواه، أو أن يُختزل جهده في عمل لا يعكس ما حصّله من علم ومهارة.
الشاب السعودي يملك الكثير من المزايا التنافسية؛ تعليم متقدّم، مهارات عالية، وطموح وثقافة. ومن الطبيعي أن يتطلع إلى رواتب مجزية تليق بتأهيله ومهاراته، لا إلى مقارنات بعمالة رخيصة تُستقدم من دول متخلفة اقتصادياً وتعليمياً. ومن يقول إن على الشاب السعودي أن يبدأ من الصفر، فعليه أن يوضح: عن أي صفر يتحدث؟ إذ ليس من المنطقي بعد كل هذا التأهيل والتعليم أن نهدر كفاءته ببدايات متدنية، إلا إذا كانت مؤهلاته بالفعل صفراً.
المطلوب ليس توظيفاً شكلياً أو تفضلاً من القطاع الخاص، بل توظيف نوعي يخلق بيئة عمل متوازنة تُخرج أفضل ما لدى الكفاءات الوطنية؛ فالسعودة مشروع وطني عظيم يحتاج إلى آليات ذكية تحقق المستهدفات الحقيقية، وتغلق الباب أمام سوء الفهم والقرارات العاطفية، وتبني شراكة عرض وطلب صادقة بين القطاعين العام والخاص، وتقوم على حماية الاستثمار وحماية الموظف السعودي في آن واحد.