اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة سبق الإلكترونية
نشر بتاريخ: ٢٦ شباط ٢٠٢٥
تمتلك كييف 5 % من احتياطيات الموارد العالمية
في عالمٍ يتسارع نحو التكنولوجيا الخضراء والتفوق الجيوسياسي، يضع دونالد ترامب عينيه على المعادن الحرجة في أوكرانيا، لكن لماذا؟ الإجابة تكمن في صراع عالمي محموم للسيطرة على الموارد التي تشكّل عصب اقتصاد المستقبل، بين هيمنة الصين على سلاسل التوريد، وتفاقم الحرب الروسية - الأوكرانية، تبرز هذه المعادن كورقة ضغط إستراتيجية، تدفع ترامب للتفاوض بقوة مع كييف. وراء المشهد، ترتسم معالم صفقة قد تغيّر موازين القوى، وتُثير تساؤلات القرّاء من الشباب إلى الشيوخ: مَن سيفوز بهذا الكنز؟ثروة تحت الأرض
تُعد أوكرانيا موطناً لثروة معدنية نادرة، إذ تمتلك نحو 5% من احتياطيات الموارد المعدنية العالمية، رغم أنها لا تشغل سوى 0.4% من مساحة الكوكب. تشمل هذه الثروة معادن حرجة، مثل الليثيوم -الذي يقدر احتياطيه بـ500 ألف طن- والتيتانيوم، الذي كانت تنتج منه 7% من الإمدادات العالمية قبل الحرب. إلى جانب ذلك، تحتضن أراضيها الجرافيت، وهو عنصر حيوي لمحطات الطاقة النووية، فضلاً عن العناصر الأرضية النادرة؛ كاللانتانوم والسيريوم والإيتريوم، التي تدخل في صناعات الإلكترونيات والدفاع.
لكن هذه الثروة تواجه تحديات كبيرة. مع سيطرة روسيا على خُمس أراضي أوكرانيا، بما فيها مناطق غنية، مثل دونيتسك وزابوريزهيا، أصبح ما يصل إلى 40% من هذه الموارد خارج نطاق كييف. هذا الواقع يجعل السيطرة على ما تبقى أكثر إلحاحاً، سواء لأوكرانيا أو لحلفائها المحتملين مثل الولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة 'الجارديان' البريطانية.أهمية اقتصادية
والمعادن الحرجة ليست مجرد مواد خام، بل هي أساس الاقتصاد العالمي الجديد. الليثيوم والكوبالت يشكّلان قلب البطاريات الكهربائية، بينما يدعم التيتانيوم صناعات الفضاء والدفاع، مثل تصنيع طائرات F-35. أما العناصر الأرضية النادرة، فهي العمود الفقري للسيارات الكهربائية، الهواتف الذكية، وأنظمة الطاقة المتجدّدة. تقدّر الوكالة الدولية للطاقة أن سوق هذه المعادن بلغ 320 مليار جنيه إسترليني في 2022، مع توقعات بتضاعفه ثلاث مرات بحلول 2040 إذا نفّذت الدول تعهداتها المناخية.
وهذا الارتفاع الصاروخي في القيمة يجعلها هدفاً جيوسياسياً، خاصة لدولة مثل الولايات المتحدة، التي تسعى لتأمين مواردها بعيداً عن قبضة الصين. بالنسبة لترامب، الاستحواذ على هذه المعادن يعني تعزيز الأمن القومي، ودعم الصناعات الأمريكية، وكسب نقاط في معركته التجارية مع بكين.هيمنة الصين
يتجاوز اهتمام ترامب حدود المساعدات العسكرية لأوكرانيا، إذ يركز على مواجهة هيمنة الصين، التي تسيطر على 90% من تكرير العناصر الأرضية النادرة، و50-70% من الليثيوم والكوبالت. مع فرضه تعريفات قاسية على البضائع الصينية، يصبح الوصول إلى مصادر بديلة ضرورة ملحة. المعادن الأوكرانية تقدّم حلاً مثالياً، لكنها ليست بلا ثمن. مفاوضاته مع زيلينسكي -التي قد تُتوَّج بزيارة إلى البيت الأبيض يوم الجمعة 28 فبراير 2025- تهدف إلى ضمان حصة أمريكية كبيرة مقابل الدعم المستمر.
والصفقة الأولية، التي رآها زيلينسكي عبئاً على 'عشرة أجيال'، خُففت لاحقاً، لكنها لا تزال تفتقر إلى الضمانات الأمنية طويلة الأمد التي تطالب بها كييف. هذا التوتر يعكس التحدّي الأكبر: موازنة المصالح بين بلدَيْن في سياق حرب وسباق عالمي على الموارد.مستقبل الصراع
والمعادن الحرجة في أوكرانيا ليست مجرد أرقام في تقارير، بل رهان على المستقبل. بينما يضغط ترامب للسيطرة عليها، تواجه كييف خياراً صعباً: التخلي عن جزءٍ من ثروتها مقابل الحماية، أو المخاطرة بفقدان المزيد لروسيا. فهل ستنجح الصفقة في إعادة تشكيل التحالفات، أم ستظل نقطة خلافٍ في عالم يتنافس على كل ذرة من هذه الثروة؟