اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
حبيب الشمري
صيغة التأجير المنتهي بالتمليك للمركبات نشاط اقتصادي مهم، وأسهم لسنوات طويلة في تسهيل حصول عشرات الآلاف على المركبات، وتحول إلى سوق ضخمة، فيها أطراف كثيرة، تتعلق بالجهات التشريعية (البنك المركزي، وهيئة التأمين، وشركة تقدير، ووزارة التجارة وغيرها)، والشركات مثل: تأجير السيارات، وشركات التمويل بما فيها ما يتبع للبنوك، ووكالات السيارات ومعارضها، ونهاية بالمستفيد.
هذا القطاع أحد مكونات الأنشطة الاقتصادية المحلية، ومن خلاله تم إيجاد وظائف بتخصصات كثيرة، وأنعش أسواقًا، وصنع حراكاً مهماً، لكنه كأي نشاط آخر يتعرض لتحديات كثيرة، منها التشريعية والرقابية، ومنها ما يتعلق بممارسات أطراف هذه العملية التجارية المعقدة أحياناً.
أول التحديات التي تواجه هذا النشاط ارتباطه الوثيق بقطاع التأمين، وهو قطاع يعاني عالمياً من تعقيدات وممارسات وأساليب تتعلق بمختلف أطرافه، سواء من ناحية محاولات الشركات التملص من بعض المسؤوليات والتكاليف، أو من حالات التلاعب والتحايل التي تحدث من بعض العملاء والمستفيدين، أو من طبيعة التشريعات التي تتطلب قراءات قانونية متخصصة.
وخلال الفترة الماضية ظهرت شكاوى مستهلكين من لجوء بعض شركات التأمين إلى ما يرونه إجحافاً في استعمال حقها في اعتبار بعض المركبات (تالفة كلياً) بعد تعرضها لحوادث مرورية. وبعيدًا عن حساسية الكلمة (تالف)، والأثر الذي يترتب عليها، أو الاختلاف في تفسيرها، فإن أغلب الشكاوى تحدث بسبب وجود بعض الثغرات التي تؤدي بالنهاية إلى هذه النتيجة.
على سبيل المثال تقوم بعض شركات التمويل (منفردة عن العميل/المستأجر) عند جدولة الدفعة الأخيرة بتقييم السيارة بأقل من السعر الحقيقي، بصفتها مالكة للمركبة، وربما لتحصل على وثيقة تأمين أرخص من المعتاد، وفق الغالب - بحسب حالات حدثت فعلاً تقوم هذه الشركات بتسعير المركبة بما يعادل القيمة المتبقية من قيمة الأقساط، لأن هذا الأمر هو ما يهمها في المقام الأول. وهذا عامل مؤثر في حالة حصول حادث للسيارة مروري، إذ إن وصول تقدير تكاليف الإصلاح إلى نحو 50 % من السعر المقيم في البوليصة يعتبر المركبة من قبل شركة التأمين (تالفة كلياً من الناحية الاقتصادية).
مع العلم أن (المادة 11) من ضوابط التأمين الشامل على المركبات المؤجرة تمويليًا للأفراد، تشير إلى أن التناقص السنوي لقيمة المركبة يجب أن يعكس قيمتها الفعلية عند التجديد. لذلك من المهم أن تتولى جهة محايدة تقدير القيمة الفعلية للمركبة. وفي مثل هذه الحالة فإن (شركة تقدير) هي الجهة المأهولة فنياً ونظامياً بالقيام في بوليصة التأمين الأخيرة خلال فترة التقسيط.
الأمر الآخر، أن بعض شركة التأمين تتجاهل تقييم (شركة تقدير) للمركبة بعد الحادث، وتقوم بتقدير الأضرار والتي يبنى عليها قرار الإتلاف الكلي مرة أخرى لدى الوكيل، بحجة أن لديها شرطاً في البوليصة أن الإصلاح في الوكالة، وهي تنفذ من هذا الباب إلى إهمال تقدير شركة (تقدير) الرسمي، واعتماد تقدير الوكالة.
وهذه الممارسة تخالف (المادة 9) من الضوابط السالفة الذكر والتي تنص على 'يقوم المؤجر والمستأجر بالاتفاق على تحديد الإصلاح - وكالة أو ورش الإصلاح المعتمدة في وثيقة التأمين'. وإذا علمنا أن شركات التأمين تقوم أصلاً بإصلاح السيارات خلال السنوات الأولى في ورش معتمدة وليس في الوكالات، فإن هذا التحول في السنة الأخيرة بعيداً عن كونه مخالفة للنص، ربما يوحي أو يفسر بوجود سوء نية من قبل شركة التأمين، أو على الأقل يعطي هذا التصور للمستأجر. لذلك يجد المستأجر نفسه أمام خيار واحد فقط لاستمرار تملكه للمركبة وهو طلب إلغاء (المطالبة بالإصلاح)، وتحمل تكاليفها.
إن إعادة النظر في تطبيقات هذا النظام، وتفعيل المواد النظامية ذات الصلة بصرامة، هو ما يضمن عدالة العلاقة بين كافة الأطراف، ويعزز من مساهمة هذه القطاعات في النمو الاقتصادي بشكل عام.










































