اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
احتضن جبل الرحمة اليوم جموع الحجاج، الذين توافدوا إليه منذ ساعات الصباح الأولى، يحدوهم الشوق إلى الرحمة والمغفرة.
افترش الحجاج سفوحه ورفعوا أكفّهم بالتضرع إلى الله، متوجهين إليه بالدعاء في وقفة عظيمة تتجلى فيها الصفاء الروحي والسكينة.
النبي صلى الله عليه وسلم وصف هذا اليوم بقوله: 'ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة'.
يُعد جبل الرحمة، الذي يتوسط ساحة مشعر عرفات، من أبرز معالم المشاعر المقدسة، ويحتل مكانة راسخة في ذاكرة الشعيرة والمكان له صلة وثيقة بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ وقف عليه خطيبًا في حجة الوداع عند الصخرات الشهيرة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، شاهدة على أعظم خطب التاريخ الإسلامي.
يقع الجبل على بُعد 17 كيلومترًا من المسجد الحرام، ويرتفع عن سطح الأرض بنحو 65 مترًا.
ويُعرف بعدة أسماء، أشهرها: جبل الرحمة، جبل الدعاء، وجبل الموقف، وكلها تعكس ما يحمله هذا الموقع من معانٍ روحانية وتاريخية عميقة.
وفي إطار العناية الدائمة بالمشاعر المقدسة من قبل القيادة الرشيدة، نُفذت مؤخرًا مشروعات نوعية في منطقة جبل الرحمة لتخفيف أثر الإجهاد الحراري.
بلغت مساحة المشروعات المنفذة مؤخرًا نحو 196 ألف متر مربع، وشملت تركيب مظلات بمساحة 1200 متر مربع، مزودة بـ 129 مروحة رذاذ، تعمل على تلطيف الأجواء وتقليل درجة الحرارة في المنطقة المحيطة بالجبل.
منذ بزوغ شمس هذا اليوم، بدت ساحة الجبل كلوحة إنسانية، تماهت فيها الأجناس والألوان واللغات، وتوحدت القلوب والألسن بنداء واحد: 'لبيك اللهم لبيك'. يفيض المشهد بالإيمان والانكسار بين يدي الله، فيما يتردد صدى التهليل والتكبير والدعاء بين جنبات الجبل، في لحظات تكتب بمداد النور في صحائف الزمان.
يُجسّد جبل الرحمة أحد الرموز التي تُذكر بعظمة الموقف، حيث يظل الحجاج فيه واقفين أو متضرعين أو متأملين، يستشعرون القرب من الله، متوسلين برحمته ومغفرته، في مشهد يتكرر كل عام، لكنه يبقى جديدًا في قلوب من عاشوه؛ لا يشبهه مشهد آخر من حيث المشاعر والتجليات الإيمانية.