اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
كشف نعمان الشرقاوي، الكاتب العام للنقابة المهنية الوطنية للمبصاريين بالمغرب، في حوار مع جريدة 'العمق'، عن أزمة عميقة يواجهها قطاع البصريات في المغرب، تتمثل في انتشار بيع الدبلومات، وفوضى التكوين المهني، وتجاهل الوزارة الوصية للمشكلات المتفاقمة، مما يهدد المهنة بالإفلاس.
وأشار الشرقاوي إلى أن النقابة تعاني منذ سنوات من ظاهرة بيع الدبلومات في قطاع البصريات، وأنها أرسلت عشرات المراسلات في هذا الشأن دون أن يتم أي تحقيق جدي. إلا أن النقابة، بالتنسيق مع السلطات القضائية، تمكنت من جمع أدلة تثبت قيام إحدى المؤسسات ببيع الدبلومات. وقد أدى هذا التحقيق إلى الحكم على مدير المؤسسة بتسع أشهر سجنا، تم تخفيضها لاحقاً إلى ستة أشهر في الاستئناف.
وعبر الشرقاوي عن أسفه لعدم إغلاق هذه المؤسسة من قبل الوزارة الوصية، مؤكدا أنها لا تزال تواصل تقديم تكوين في مجال البصريات على الرغم من صدور الحكم القضائي. وأضاف أن النقابة تعمل حالياً على جمع أدلة جديدة تتعلق بأحداث أخرى مماثلة.
وحمّل الشرقاوي المسؤولية الأولى عن هذه الفوضى للوزارة الوصية، مشيراً إلى أن القانون رقم 13.00 المنظم للتكوين المهني الخاص منذ عام 2000، لا يلزم المدارس بالحصول على 'التأهيل' أو 'الاعتماد' بشكل إلزامي، بل يكتفي بالترخيص الذي يعد أسهل مرحلة. وهذا يتيح للمدارس غير المؤهلة تخريج بصريين مرخصين، مما يؤثر على جودة التكوين.
وأوضح أن 'التأهيل' يتطلب من المدرسة الالتزام بمعايير محددة تضعها الوزارة، تشمل المواد الدراسية، والمؤهلات المطلوبة للأساتذة، والمعدات اللازمة. وبما أن القانون لا يلزم المدارس بالحصول على هذا التأهيل، فإن العديد من المؤسسات تركز على الربح المادي دون الالتزام بمعايير الجودة.
وأبرز أن النقابة طالبت بشكل عاجل بإيقاف التكوين في قطاع البصريات على مستوى التكوين المهني، مؤكدة أن الوزارة لا تملك الآليات القانونية الكافية لضبط هذا القطاع الصحي شبه الطبي، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لوقف بيع الدبلومات هو وقف التكوين في التكوين المهني، مع التركيز على التعليم العالي لتوحيد شروط الولوج للمهنة وفرض امتحان موحد.
وانتقد الشرقاوي عدم وجود أرضية قانونية لامتحان موحد، على الرغم من اقتناع الفرق البرلمانية والعديد من المهنيين بضرورته. كما أشار إلى تناقض الوزارة في مسألة الموارد البشرية، حيث ترخص لمزيد من المدارس بينما تعترف بأنها تعاني من نقص في الموظفين لضبط هذه المؤسسات.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن القانون 13.00 يتضمن نقطة مضيئة وحيدة تتمثل في ضرورة تحقيق توازن بين العرض والطلب في سوق الشغل من خلال إعداد 'خريطة تكوين' سنوية تحدد احتياجات المنطقة من المقاعد البيداغوجية. إلا أن هذه الخريطة لم يتم إعدادها سنوياً، مما أدى إلى انتشار المدارس بشكل عشوائي وفوضوي.
وأكد الشرقاوي أن المغرب يتصدر دول المغرب العربي في معدل عدد البصريين بالنسبة لعدد السكان، حيث يوجد بصري واحد لكل 6700 مواطن، وهو معدل يتجاوز حتى فرنسا التي تسجل بصرياً واحداً لكل 5700 مواطن. وتوقع الشرقاوي أن يصبح المغرب الأول عالمياً في هذا المعدل خلال عامين، بسبب تزايد عدد المدارس وتخريج أعداد كبيرة من البصريين.
وحذر الشرقاوي من أن هذا الاكتظاظ سيؤدي إلى إفلاس المهنة، حيث سيصبح عدد البصريين أكبر بكثير من حجم سوق الشغل، مما سيخفض من قدرتهم على تغطية نفقاتهم. وأشار إلى أن مظاهر الإفلاس بدأت تظهر بالفعل، مع إغلاق العديد من محلات البصريات.
وشدد الشرقاوي على أهمية جودة النظارات وتأثيرها المباشر على صحة المواطن، موضحاً أن النظارات التي تصنعها مؤسسات غير مؤهلة أو التي لا تلتزم بمعايير الجودة، يمكن أن تتسبب في مشاكل بصرية خطيرة، مثل صعوبة القراءة لدى الأطفال (عسر القراءة) أو مشاكل في القوام. وأكد أن النظارة المصنوعة بشكل علمي ومدروس من قبل بصري مؤهل يمكن أن تحل هذه المشاكل، بينما النظارة العشوائية يمكن أن تسببها.
كما تطرق الشرقاوي إلى مخاطر الأشعة الزرقاء المنبعثة من شاشات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، مشيراً إلى ضرورة استخدام عدسات تحمي العينين من هذه الأشعة، مبرزا أن النقابة عقدت عدة لقاءات مع الوزارة مؤخراً، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، مشيرا إلى أن الوزارة لا تملك رؤية واضحة للقطاع، وتعترف بوجود اختلالات لكنها لا تملك التصور اللازم لإصلاحها، وتبرر ذلك بضرورة تغيير قوانين أخرى قبل تعديل القانون المنظم للقطاع.
وأوضح أن النقابة أعلنت عن عزمها تصعيد الاحتجاجات، حيث ستنظم وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة يوم 23 من شهر يونيو الجاري، مصحوبة بإضراب وطني، مؤكدا أن هذا التصعيد يعد مسألة حياة أو موت للمهنة، وأن النقابة عازمة على حل هذه المشكلة، مع التأكيد على استعدادها للتعاون مع الوزارة في حال أبدت إشارات إيجابية بوقف الترخيص للمدارس الجديدة ووقف تجديد التراخيص للمدارس القائمة.
كما لوح الشرقاوي بتشكيل تنسيقية مع باقي المهن الصحية وشبه الطبية المنظمة في القانون 45.13، والتي تعاني هي الأخرى من مشاكل مماثلة، بهدف التوحد والضغط على الوزارة لتحقيق مطالبهم.