اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كمال صالح - الخليج أونلاين
السعودية حلّت في المركز الأول عالمياً في البيانات الحكومية المفتوحة والمهارات الرقمية الحكومية للعام 2024.
تواصل المملكة العربية السعودية العمل على قدم وساق لتحويل رؤيتها الرقمية إلى واقعٍ ملموس في مختلف المجالات، حيث بات الذكاء الاصطناعي محوراً مركزياً في استراتيجية بناء الاقتصاد المعرفي وفق رؤية 2030.
ومؤخراً أبرمت شركة 'هيوماين'، المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، شراكة مع 'كوالكوم تكنولوجيز' الأمريكية، ضمن جهود المملكة لبناء منظومة رقمية رائدة تدعم الاقتصاد المعرفي والتحوّل التكنولوجي.
هذه الشراكة، وغيرها من الاتفاقيات والمشاريع الرقمية والتكنولوجية، تعزز توجهات السعودية لتحقيق التحول الاقتصادي، وحجز موقع في صدارة السباق العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، واقتصاد المعرفة.
وقبل الحديث عن إنجازات المملكة في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الاقتصاد المعرفي يستند إلى المعرفة والتكنولوجيا والابتكار بوصفها مصدراً رئيسياً للنمو والتنافسية، بدلاً من الاستناد إلى الأدوات والأساليب التقليدية.
شراكة مهمة
الشراكة بين 'هيوماين'، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة 'كوالكوم تكنولوجيز' الأمريكية، تهدف إلى إطلاق بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي في المملكة.
وقالت شركة 'هيوماين' في بيان (29 أكتوبر) إنها دخلت في شراكة مع شركة إيرترونك المدعومة من بلاكستون لتطوير مشاريع مراكز البيانات في المملكة، باستثمار أولي يبلغ نحو 3 مليارات دولار، لبناء حرم مركز بيانات واسع النطاق في المملكة.
الشراكة تهدف إلى تعزيز قدرات السعودية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة عبر تطوير منظومة هجينة تربط الحوسبة الطرفية والسحابية، لتقديم خدمات ذكية قادرة على تشغيل النماذج التوليدية وتحليل البيانات الضخمة.
وفقاً للاتفاقية، فإن هذه الشراكة ستساهم في تمكين المؤسسات الحكومية والخاصة داخل المملكة من توظيف حلول الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، مع تحسين كفاءة التشغيل وتقليل تكاليف التملك الكلية، ما يعزز من تنافسية الاقتصاد السعودي في مجال التقنية العالمية.
وأعلنت الشركتان توسيع التعاون التقني بين المملكة وأمريكا لإنشاء بنية تحتية هي الأولى من نوعها في المنطقة، بقدرة 200 ميغاواط باستخدام حلول 'كوالكوم AI200 وAI250'، بهدف تمكين المملكة من أن تصبح مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة.
وستعمل الشركتان على تطوير حلول مخصصة للجهات الحكومية والمؤسسات الكبرى في المملكة وخارجها، بما يدعم قطاعات الطاقة، والاتصالات، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، والتعليم، عبر توظيف الذكاء الاصطناعي في رفع الكفاءة وتحسين جودة الخدمات.
توجه طموح
التفوق السعودي في مجال التحول الرقمي لم يعد مجرد أحلام أو طموحات، بل أصبح واقعاً ملموساً في مختلف القطاعات، وخلال السنوات القليلة الماضية، حققت المملكة قفزات هائلة في الاعتماد على التقنية في حلول الإدارة والمعاملات في مختلف القطاعات.
وتصدرت المملكة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة لعام 2024، الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، حيث حققت المملكة المركز الأول للمرة الثالثة، بنسبة 96%، وفق المؤشر.
كما حلّت المملكة في المركز الأول عالمياً في البيانات الحكومية المفتوحة والمهارات الرقمية الحكومية، وسابعاً في مؤشر المشاركة الإلكترونية، بما يعكس نضج المنظومة الرقمية وتكاملها، بحسب تقرير رسمي صادر عن هيئة الحكومة الرقمية (مايو 2025).
وخلال العام 2024، بلغ حجم الاقتصاد الرقمي في المملكة 132 مليار دولار، أي ما نسبته 15% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين كانت التقديرات تشير إلى مساهمة قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بما نسبته 135 مليار دولار بحلول 2030.
هذه الأرقام تعكس التطور الكبير في بيئة الأعمال الرقمية، مدعوماً بأنظمة وتشريعات حديثة عززت من كفاءة الأداء الحكومي ورفعت جاذبية السوق المحلية.
وحالياً تشير التقديرات إلى أن قيمة سوق مراكز البيانات السعودية عند نحو 2.11 مليار دولار في 2025، مع توقع وصولها إلى نحو 3.9 مليارات دولار بحلول 2030.
إطلاق مبادرات
وخلال السنوات الماضية، أطلقت المملكة استراتيجيات موازية، منها الهيئة الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) (2019)، واستراتيجية الملكية الفكرية (ديسمبر 2022)، بالإضافة إلى برامج لتطوير المهارات الرقمية بتمويلات حكومية ومبادرات بعائد اجتماعي واقتصادي.
ولا بد من الإشارة إلى أن اعتماد سياسة لحماية الملكية الفكرية يعزّز تحويل الابتكار المحلي إلى أصول اقتصادية قابلة للتسويق والاستثمار، وهو شرط أساسي لاقتصاد معرفي صحي يجذب رؤوس الأموال والشراكات الدولية.
كما أن ظهور شركات مدعومة بصندوق الاستثمارات العامة مثل 'هيوماين' يسهل ربط التمويل الوطني بالمشروعات التقنية الاستراتيجية، إذ لم تعد هذه الشركة مجرد شركة ناشئة، بل أصبحت لاعباً يسعى للقائمة المزدوجة ولبناء منصات تشغيلية (OS) ونماذج لغوية محلية (مثل دمج نموذج 'علّام')، ما يمنح السعودية سيطرة أكبر على المكدسات التقنية المحلية وحماية البيانات الوطنية.
ووفق موقع 'سمارت ثينك' الاستشاري، فإن الحكومة السعودية وضعت الرقمنة محركاً ومؤشراً لنموها الاقتصادي، منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، لافتاً إلى أنه تم ربط نحو 70% من الأهداف الاستراتيجية للرؤية بالتقنية والتحول الرقمي.
وتسعى 'سدايا' إلى أن يصبح اقتصاد السعودية واحداً من أفضل عشرة اقتصادات عالمية في مجال البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن خلال بناء المملكة لاقتصادها المعرفي ستكون مؤهلة تماماً لترسيخ مكانتها كمركز اقتصادي عالمي للتقدم التقني في المستقبل.
وخلال السنوات الماضية أطلقت المملكة منصة 'أبشر' الإلكترونية، وكذلك منصات أخرى كـ'نسك' و'توكلنا' و'نفاذ'، وغيرها من المنصات التي تشكل تحولاً جذرياً في العلاقة بين الدولة والمواطن عبر خدمات مؤتمتة وعالية الكفاءة.
التحول الرقمي
استراتيجية المملكة للتحول الرقمي مرنة بشكل كبير، بحيث تستوعب كل التطورات التي يشهدها قطاع التكنولوجيا والتقنية العالمي، والذي كان الذكاء الاصطناعي أبرز تجلياته.
وحرصت المملكة على جذب استثمارات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي والتقنية، ما يعكس توجهها نحو بناء اقتصاد معرفي مستدام، وخلال مؤتمر 'ليب 2025'، التقني في الرياض، أعلنت السعودية عن استثمارات تفوق 14.9 مليار دولار في قطاع الذكاء الاصطناعي، تشمل البنية التحتية والشركات الناشئة.
في حين أشار تقرير سوق التحول الرقمي إلى أن حجم السوق السعودية للرقمنة وصل إلى 55.15 مليار دولار في 2025، مع توقع الوصول إلى نحو 90.25 مليار دولار بحلول 2030، بنمو سنوي مركب يزيد على 10%.
وفيما يتعلق بقطاع المعاملات المالية، قال خالد الطاهر، نائب محافظ الرقابة والتقنية في البنك المركزي السعودي 'ساما'، إن المملكة حقّقت 79% معدل المعاملات الرقمية غير النقدية بنهاية 2024، متجاوزة المستهدف قبل الموعد.
وأشار الطاهر، في تصريحات نقلتها صحف سعودية في وقت سابق هذا الشهر، إلى أن عدد شركات التقنية المالية وصل إلى أكثر من 280 شركة، مدفوعة بالإصلاحات التنظيمية والابتكار الرقمي واستثمارات البنية التحتية المالية.
كما أبرمت السعودية شراكة مع شركة 'إنفيديا' الأمريكية لتوريد نحو 18 ألفاً من الشرائح المتطورة (GPUs) ضمن مشروع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بقدرة 500 ميغاوات، بحسب ما نُشر في مايو الماضي.
هذه الجهود تعتبر جزءاً من توجه السعودية للانتقال من 'اقتصاد قائم على النفط' إلى 'اقتصاد معرفي وتقني'، حيث قدّرت شركة PwC أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم بنحو 235.2 مليار دولار (أو 12.4% من الناتج المحلي) بحلول عام 2030 في المملكة، بحسب مقال للكاتب زهير خياط في منصة 'عرب نيوز' نُشر في أواخر فبراير الماضي.










































