حسين الشيخ نائباً للرئيس "ومعاً نحو فجر فلسطين وحريتها المشتهاة ونصرها الأكيد

الكاتب:

محمد عدوان جبر

بدايةَ، حين يكتب الكاتب عن شخص يعرفه عن قرب، فإنه يكتب ما يراه ويعرفه عن هذا الشخص، ويكون أصدق ممن يكتب عن هذا الشخص وهو لم يخالطه ولا يعرفه، إلا مما يسمعه لماماً، أومن أشخاص لاعلاقة مباشرة لهم مع الشخص المعني. ولطالما عرفت الأخ حسين الشيخ منذ أكثر من عشرين عاماً، وكنت مطلعاً على شخصه وعمله، فأنني أستطيع الكتابه عنه بصدقٍ وأمانه. فهو أنسان قائد وواعد، ولكن ليس ملاكاً، كما ليس أحدُ منا ملاك.

إن تعيين الأخ حسين الشيخ، عضو اللجنتين المركزية لفتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، -ولا يصل أحدِ لهذه المناصب دون كلل وعمل دؤوب ومميز لسنين طوال-، نائباً للرئيس، هو بمثابة إعلان عن حقبة فلسطينية جديدة بقيادته في ظل الرئيس عباس حفظه الله. ويسجل هذا للرئيس عباس لشغل أي فراغ دستوري متوقع، ويعتبر سبيلاً سلساً لتدوال السلطة.

الرئيس أبو مازن لمن لا يعرف لم يكن يوماً متشبثاً في كرسي الرئاسة، وقد قال مرة عام 2014 بعد فشل المفاوضات الإستكشافية في الأردن، أنه يفكر في ترك الرئاسة، لانه يريد أن يظل صادقاً مع تفسه ومع الشعب، وقال: 'أنا أتيت ببرنامج سلام، والإسرائيليون لا يريدون السلام، ولم يتم التقدم نحو سنتمير واحد للأمام، ولم يتحقق السلام '. إلا أنه تم ثنيه عن ذلك خشية حدوث فراغ دستوري، ولأنه الأنسب لقيادة السفينة التي تتقاذفها أمواج سياسية عاتية. أي أن الرئيس زاهد في السلطة منذ زمن، وله ندين بالولاء والعرفان، فهو من تحدى الرئيس أوباما حينها وجلب عضوية مراقبة لدولة فلسطين بعد أعتراف 132 دولة بها مباشرة في الأمم المتحدة، الدولة المعترف بها من 160 دولة حول العالم الآن، وهو الذي لم بتنازل، وهو الذي قال 13 مرة 'لا' للأمريكيين، في حين لم يجرأ أي زعيم في العالم على مجرد التفكير بقول كلمة 'لا' لهم، وهو وخلفة القيادة الذي وقف جبلاً منيعاً ضد صفقة القرن وأفشلها. حينها قال دبلوماسي عربي وكنت على مسمعٍ منه: إن ضعف السلطة الفلسطينة هو مكمن قوتها، وهي رقم صعب لا يمكن تجاوزه، أن الرئيس عباس متراسُ لا يقوض، وكأن لدية الأسطول السادس من خلفه، حول ضعف السلطة إلى قوة تحافظ على الأهداف الوطنية أمام أعتى قوة في العالم وهي أمريكا'.

وبالتالي فإن هذا الرئيس الفذ يختار بعناية وبعد نظر، وإختياره للسيد حسين الشيخ القائد الشاب ينطلق من هذا المنظور. والشيح كان دائماً الى جانب الرئيس في كل جهد.

حسين الشيخ، مناضل قديم، وينظر إليه على نطاق واسع في الخارج وإسرائيل كشخص براغماتي يمكن التواصل والتوصل معه إلى اتفاقات. وقد عمل طويلاً مع الأخ مروان البرغوثي فرج الله همه وعسى أن نراه قريباً بيننا، وبالتالي فإن للأخ حسين باعاً وطنياَ طويلاً، وأمضى 11 عاماً أسيراً في سجون الإحتلال، وقد شكل شخصيته النضالية بوقت مبكرعلى أساس وطني متين.

ويتبنى السيد حسين الشيخ نهج الرئيس أبومازن القائم على التوصل لإتفاق سلام مع إسرائيل عبر الحوار والدبلوماسية والمقاومة الشعبية (أي السياسة الواقعية)،

في مقابلة مع مجلة 'فورين بوليسي' الأميركية، قال حسين الشيخ: 'السلطة الفلسطينية اليوم غير قادرة على توفير أفق سياسي لشعبها، ولا تستطيع كذلك حل الأزمات المالية والاقتصادية الناتجة عن الاحتلال، ومع ذلك، فإن البديل عن وجود السلطة سيكون الفوضى والعنف، وهو أمر كارثي'. وهذه واقعية سياسية راشدة من لدنه، وهو يقر بحاجة السلطة الى الإصلاحات والتغيير. ويقر بضرورة ذلك. وهذا يعني أن الرجل ينشد الإصلاح والحكم الرشيد.

هناك نوعان من الناس، أغلبية عاطفية -حسب الظرف- وأقلية عقلانية دائماً، والفرق شاسع في نظرتهما وتقييمهما لأي أمر، لا سيما فيما يخص الإبادة في غزة. وكما يقال الجاهل أو 'غير العارف' عدو نفسه.

لقد تجلت الفترة الماضية بعدم شعبية السلطة بين الأغلبية العاطفية من شعبنا، وتم تفهم مواقفها من الأقلية العاقلة. ومن المنصف القول أن السلطة الوطنية لم تكن غائبة ولا ساكنه إزاء من يحدث في غزة وكل فلسطين. بل كان على عاتقها أعظم مهمة، وهي الصمود والمحافظة على الضفة الغربية من الإبتلاع والضياع وتصفية القضية في غمرة الحرب الشرسة والإبادة على غزة، وتلك مهمة جد صعبة في تلك الظروف بالغة التعقيد والعسر؛ وفي مهب رياح صرصرعاتية، حين يتخلى عنك الجميع، ويعتقد هذا الجميع أنه يجب مجاراة الولايات المتحدة في سياساتها.

وقد عملت السلطة الوطنية لسنوات في تعزير وترسيخ الرواية الفلسطينية في الذهن الغربي ومحاصرة الرواية الإسرائيلية، وزاد هذا الجهد الحميد قوة، صمود أهلنا الأبطال في غزة أمام أعتي مجزرة في التاريخ الحديث. والرئيس وكذلك حسين الشيخ والقيادة لم يستكينوا ولم يدخروا جهداً لوقف الحرب والتخفيف عن أهلنا في غزة.

ففي لقائين مع وزيرالخارجية الأمريكي السابق بلينكن، قال الرئيس عباس: أنتم تطالبونني باصلاحات، وأنا جاهز شريطة وقف الحرب! وفي اللقاء الثاني، قال الرئيس لبيلنكن: أتحمل جوالاً؟ قال بلينكن نعم، قال الرئيس إذن إتصل برئيسك الآن لوقف الحرب ونحن جاهزون للإصلاحات والتغيير، هذه الحرب يجب أن تتوقف... فبهت الذي كفر، أصابت الحيرة بلينكن.

علاوةً على ذلك لم تدخر جهداً أبداء لوقف الحرب وفي كل محفل دولي أو ثنائي. وليس من طبائع أي رئاسة في العالم أن تملآ الأجواء جعجعة لكل عمل صغيراً أو كبيراً قامت تقوم به، (مثل ما يفعل الرئيس ترامب: لا شاردة ولا واردة إلا ويعلنها لايف)، العمل السياسي يتم في هدوء، وأيضاً من باب 'وأقضوا حوائجكم بالكتمان'. من يفهم هذا البروتوكول، يعرف الجهود المضنية بشكل فعلي التي بذلها الرئيس والقيادة في سبيل وقف الحرب قطاعنا الحبيب. واللافت أن الرئيس عباس لم يتباهي بأي إنجاز فعله أبداً، فنعم الرئيس هو.

والسيد حسين الشيخ كان ركناً رئيسياً من هذه المواقف والجهود، وإختيار الرئيس له كنائبٍ له، مرده أن الرئيس يعرف قدرات هذا الرجل. والشيخ سياسي محضرم ذوو علاقات نافذة، وهو أبن الثورة وأبن السلطة ، ومسؤولاً فيها منذ زمن بعيد، ، وهو أسيرٍ سابق وبالتالي خبرته السياسية والقيادية الفذة تشهد على نفسها. وهو يتمتع بشخصة كارازمتيه، وعقل سياسي راجح، ومعرفة دقيقة في الشأن الفلسطيني والإقليمي والدولي، وله علاقات واسعة ومتينة ومثمرة مع العديد من المسؤولين والقادة في كثير من دول العالم، تعود بالنفع خدمة لفلسطين.

ولطالما أن الأغابية العاطفية والأقلية العقلانية ترنو لتغيير وإصلاح فإن الفرصة التي طرحها الرئيس أبو مازن بتعيين حسين الشخ نائبا وشاغراُ لمنصبة عند الشغور، سانحة ومتاحة لإستئناف التغيير والإصلاح الذي بدأه ، ولكن ولكي لا نظلم الرجل، فهو للعارفين، لم يألُ جهداً في سبيل رفعة الوطن والمواطن رغم الضغوط التي تنوء بها الجبال من الإحتلال ومسانديه. بالله عليكم، من يستيطع قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ويبقى صامداً شامخاً غيره؟؟ هذا رئيس رائع تماماً.

وميزات شخص الرئيس أبو مازن، تدلل على صحة تسمية حسين الشيخ نائباً مخلصاً له ولقضينه. ولقد قابلت الأخ حسين الشيخ نائب الرئيس مؤخراً وإستمعت اليه، إنه إنسان صادق ويشعر بحجم الثقة والمسؤولية، ولديه خبره واسعة وعميقة في سياسات أسرائيل والمنطقة بشكل لافت، وهو يمتلك عزما جسوراً لتنفيذ مهتمة ضمن خطة متينة للإصلاح والقيادة، وهو يحرص كثيراً على إرتباط الناس بالأرض، وعلى ضرورة الإفراج عن كل الأسرى، ويحرص كذلك على الإنحياز للمواطن أولاً، ويحرص على تراث الشهداء. وعلى تنمية الموارد، والأخذ بيد البسطاء، وتعزيز الإقتصاد وربط الشراكات، وشراكة القطاع الخاص، وتعزيز الأمن الذاتي للمواطن، وتحسين الأداء الحكومي والأمني، والإهتمام بالمثقفين والمرأة، وتعزير دور المعلمين، والعمال، وتعزيز القطاع الصحي والتأمين الصحي للجميع. ولديه أهتمام خاص بإصلاح القضاء، وهذا أمر لا شك مهم. ولمست أن لديه ما يبدو خطوطاً عريضة لخطة كبيرة لنجدة أهلنا في قطاع غزة، والعمل على أعادة ربطها قانونياُ ً ومؤسساتيا مع بقية الوطن. بجهد ورشد ما إستطع بعون الله إلى ذلك سبيلا.

قد تكون أفكاره طموحة جداً، ولكن الرجل بها زعيم، فهو يسخر كل خبرته وعلاقاته وذكائه السياسي، عبر فرق متخصصة لتنفيذ وترجمة خطته أو أفكاره. وقد لمست أن لدية خطط إستثمارية حقيقة من شأنها خلق فرص عمل كبيرة. ولفتني إصرارة على إنشاء جهار المساءلة والمحاسبة والمكافأة. والأهم أن الرجل صادق ومتحمس لتحمل المسؤوليات الجسام خدمة للوطن والشعب.

وخلصت الى أن نائب الرئيس حسين الشيخ ببساطة هدفه صون كرامة هذا الشعب العظيم والإرتقاء بابنائه. والعمل على تحقيق ألأهداف الوطنية.

صدقاً لم أرد الكتابة، ولكن بعد أيام من لقائه مع بعض الأصدقاء والإستماع اليه، صار لزاماً على أن أكتب وأنشر ما سمعت ورأيت، ومن الصحة بمكان أن نعطي هذا الرجل الفرصة، وأن نفهمه ونساندة. فالرجل إنسانُ له رؤية، فلنستمع إليها وندعمها في حينها.