ليلة مواجهات عنيفة في "رام الله التحتا" خلال اقتحام لتفجير منزل الأسير الفروخ

كتب سائد أبو فرحة:

أصيب عشرات المواطنين بالرصاص، وبحالات اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، خلال اقتحامها لمدينتي رام الله والبيرة، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق، انتهت بتفجير منزل عائلة الأسير إسلام الفروخ (26 عاماً)، ويقع في البلدة القديمة في رام الله، التي تعرف باسم 'رام الله التحتا'.

وشهدت المدينتان وتحديداً رام الله، التي تركزت فيها عشرات الآليات العسكرية، مواجهات وصفها البعض بـ 'الأعنف منذ سنوات'، إذ تسببت كثافة النيران وقنابل الغاز التي أطلقتها قوات الاحتلال في تسارع سقوط مصابين، ومن ضمنهم المصوران الصحافيان مؤمن سمرين ويعمل في وكالة 'فلسطين بوست'، وأصيب بعيار معدني مغلف بالمطاط في الرأس، وربيع المنير ويعمل في تلفزيون 'العربي'، وأصيب بعيار معدني في البطن.

وذكر المدير التنفيذي في مجمع فلسطين الطبي د. أحمد البيتاوي، أن المجمع استقبل 35 إصابة جراء المواجهات التي شهدتها المدينتان، معظمها كانت في الأطراف السفلية، مبيناً أن كافة المصابين غادروا المستشفى باستثناء أربع حالات بقيت قيد المتابعة الطبية.

وقال لـ'الأيام': المصابون الأربعة أجريت لهم عمليات جراحية، وكلهم وضعهم مستقر، بمن فيهم سمرين، الذي تسببت إصابته في حدوث نزيف في الدماغ، وأدخل العناية المكثفة.

واستدرك: سجلت بعض الإصابات بالرصاص الحي، لكن وضعها لم يكن خطيراً.

ليلة عصيبة

عموماً، فقد عاش أهالي منطقة رام الله التحتا ليلة عصيبة، في أعقاب عملية الاقتحام التي بدأت قرابة الساعة الحادية عشرة ليلا، وتواصلت حتى الساعة السادسة صباحاً.

وروى المواطن حربي الفروخ، والد الأسير، وصاحب المنزل الذي تم تفجيره، أن قوة كبيرة من جيش الاحتلال، اقتحمت المنطقة، وتوجهت إلى المنزل، ووضعت فيه كمية كبيرة من المتفجرات قبل أن تقوم بتدميره في الساعة الخامسة والنصف فجراً.

ويقع منزل هذه العائلة ضمن بناية مكونة من أربع طبقات، وهو يعود أساساً لجد الأسير الفروخ، علماً أن الفروخ اعتقل خلال كانون الأول الماضي، في أعقاب اتهامه بتنفيذ عمليتي تفجير متزامنتين في محطتي حافلات في القدس، أسفرت عن مقتل إسرائيليين اثنين خلال تشرين الثاني الماضي.

وتابع وهو يشير بيده إلى المنزل: هذا البيت ورثته عن والدي، وقد أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل شهر ونصف قراراً بإخلائه بغية هدمه، وقد استأنفنا على القرار وأخلينا البيت، وانتقلنا إلى منزل شقيقي مؤقتاً.

واستدرك: أمس 'أول من أمس' جاءت قوة عسكرية كبيرة قرابة الساعة الحادية عشرة إلى المنزل، الذي نقيم فيه منذ 30 عاماً، ويؤويني وزوجتي، وبناتنا الأربع، وابني إسلام.

وأشار إلى امتلاك العائلة منزلاً آخر في منطقة كفر عقب شمال القدس، خاصة وأنه وأولاده يملكون هويات زرقاء 'إسرائيلية'، كون والدتهم من المدينة المقدسة.

وقال: ارتأى جيش الاحتلال تدمير منزلنا في رام الله، وليس في كفر عقب، لأن ذلك يلحق بنا ضرراً أكبر.

وبين أن ابنه الأسير لا يزال موجوداً في العزل في سجن 'مجدو'، ولم تتم محاكمته منذ اعتقاله قبل ستة أشهر.

تفاصيل الاقتحام

وغير بعيد عن منزل هذه العائلة، انهمك المواطن كايد جرادات (55 عاما)، في الحديث إلى الصحافيين، الذين قصدوا المكان منذ ساعات الصباح، للتغطية الصحافية، واستجلاء صورة الوضع.

وقال: كانت ليلة من أصعب الليالي التي واجهناها، بعدما دخلت المنطقة نحو 60 آلية عسكرية، وحولوها إلى ثكنة عسكرية بالكامل.

وتابع: اقتحم عشرات الجنود المنازل بطريقة همجية، ما اقترن بإطلاق وابل كثيف من قنابل الصوت والغاز، ومنع الناس من التحرك والخروج من منازلهم، دون مراعاة لوجود أشخاص طاعنين في السن، حاولنا إخراجهم من المنطقة.

ودلل على ما ذهب إليه بحالة والده المسن ويبلغ من العمر 85 عاماً، مضيفاً 'حاولت أكثر من مرة الحديث إلى الجنود، بغية السماح لنا بنقل والدي الذي أصيب بضيق في التنفس بسبب الغاز المسيل للدموع، ويعاني أصلا من أمراض في القلب، إلى المستشفى، لكنهم صوبوا بنادقهم باتجاهنا، ومنعونا من ذلك'.

وقال: أصيب والدي بتوعك شديد، رغم محاولاتنا الحثيثة لإبقائه بعيداً عن تأثير الغاز، لكن ذلك كان متعذراً في ظل الكميات الكبيرة التي انتشرت منه في الأجواء، وعندما توجهنا للجنود لم يبالوا بالأمر، وهددونا بإطلاق النار علينا.

وحول كيفية التعامل مع حالة والده، قال: ركزنا على المسكنات، واستخدام الكمادات، والبصل، لأنه لم يكن لدينا حل آخر، وانتظرنا إلى حين مغادرة الجنود قرابة الساعة السادسة صباحاً، حيث قمت بنقله للمستشفى لتلقي العلاج.

وبين أن الجنود دهموا عدداً كبيراً من المنازل، واعتلوا أسطح بعضها، ما تسبب بنوبة هلع لدى الكثير من الأطفال الذين يقطنون فيها.

وقال: قوات الاحتلال اقتحمت المنطقة، وكأنها ساحة حرب، وانتشرت في مناطق واسعة من رام الله بدءاً بمنطقة الجدول حتى الطيرة، وقد حاول شبان بكل ما طالته أيديهم التصدي لهم، حيث دارت مواجهات استمرت لساعات.

واستطرد: نحن أربعة أشقاء نقطن في بناية واحدة مع والدنا، وبمجرد دخول الجنود للمنطقة، انتقلنا إلى المكان الذي يوجد فيه والدي، لأننا لم نرغب بأن يبقى أي منا بمفرده، لكن أبناء أشقائي من الأطفال عايشوا ظروفا عصيبة في ظل همجية قوات الاحتلال.

اشتية: سنعيد بناء كل بيت يهدمه الاحتلال

وأكد رئيس الوزراء محمد اشتية أن الحكومة ستعيد بناء كل بيت يهدمه الاحتلال.

جاء ذلك خلال زيارة قام بها اشتية، أمس، لعائلة الاسير إسلام الفروخ.

وقال رئيس الوزراء: سنعيد بناء كل بيت يهدمه الاحتلال، وسنتعاطى بكل مسؤولية مع احتياجات العائلات التي تهدم بيوتها، وهذه مسؤوليتنا تجاه أبناء شعبنا'.

واضاف اشتية: ان ما قام به الاحتلال (هدم منزل عائلة فروخ) جريمة نكراء حولت عائلة بين ليلة وضحاها الى عائلة مشردة بعد هدم بيتها، وهذه العقوبات الجماعية التي لم تحصل في التاريخ هي محاولة من الاحتلال للنيل من معنويات شعبنا.

وتابع: الذي يجري إعادة احتلال كامل للضفة الغربية، سواء كان ذلك منطقة (أ) ـو (ب) أو (ج)، وواضح تماما أن هذه الحكومة تضرب بعرض الحائط أي سيادة فلسطينية، سواء كان ذلك نص عليها الاتفاق أو غيره'.