اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
لم يحدث في تاريخ العدو الإسرائيلي أن خاض حرباً لمدة 687 يوماً بشكل متواصل دون أن يحسم المعركة، ودون أن يخرج منتصراً، إما بالتحايل والتلاعب والأكاذيب، أو بالتآمر والتجسس، أو بالخدع التفاوضية، أو بالحسم العسكري، ليصطدم العدو الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى بأرض غزة، وأهل غزة، ومقاومة غزة، التي لا تعرف الانكسار، وتأبى الانهيار.
حقيقة الحيرة الإسرائيلية والربكة السياسية والعسكرية لا يدركها الكثير من أبناء شعبنا الفلسطيني الغارقين في هموم الحصار والدمار، والذين ينزحون من مكان إلى مكان غير آمن، ومن خيمة إلى خيمة يقتلعها القصف، ومن محرقة هنا، وتدمير مقومات الحياة هناك، فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة لا يرى إلا الوجه البشع من الحروب، ومحكوم بقراءته للأحداث بالواقع الظاهر للعيان، وغير مستعد للغوص في عميق التداعيات الإستراتيجية والسياسية والعسكرية.
وقد يتجاهل حالة الإرباك التي تعيشها السياسية الإسرائيلية الكثير من المراقبين، وهم يقرؤون الواقع الميداني بعدسة محدبة، لا تسمح لهم برية الآفاق البعيدة للمعركة، وهذه القراءة قد ترضي القيادات والساسة الذين ترعبهم التحولات الإستراتيجية للمعركة، وهي تفضح واقعهم السياسي المتخاذل أحياناً، والمتآمر أحياناً أخرى.
ودون تجاهل لحجم الخراب والدمار الهائل الذي لحق بأهل غزة، ودون تجاهل لغزارة الدماء التي نزفت من أجساد عشرات آلاف الشهداء والجرحى، فلما يزل عدونا الإسرائيلي يتخبط في قراراته التي تكشف عن تورطه في حرب لم يستعد لها، ولم يأخذ بالحسبان تداعياتها، ومع واقع ميداني لم يخطر له على بال، ولم يدر في خلده يوماً، أنه سيتورط في حرب دون أن يجد له مخرجاً.
ولعل أكبر ورطة تطبق على عنق القرار السياسي الإسرائيلي تتمثل في عدم قدرة العدو على حسم المعركة العسكرية مع المقاومة في غزة، وهذه الحقيقة تقف خلف تعدد التسميات لمعاركه في غزة، وتعدد الخطط، وتعدد المسارات التي فضحتها الخلافات القائمة بين المستوى العسكري والمستوى السياسي.
وتأتي الورطة الثانية في عدم قدرة العدو الإسرائيلي على هزيمة حركة حماس، وهو الذي حسب أن المزيد من الذبح والقتل والمحرقة والحصار والتجويع، سيفرض على حركة حماس أن ترفع الراية البيضاء، فإذا بحركة حماس صامدة وتقاوم بعد 687 يوماً بشكل مقتدر، أربك كل الحسابات الإسرائيلية.
أما الورطة الثالثة التي تحرج المستويات العسكرية والسياسية والاستخبارية الإسرائيلية، فتتمثل في عدم قدرتهم على استرجاع جنودهم الأسرى لدى غزة، بل وعدم معرفتهم بمصيرهم، ومكان أسرهم في غزة التي وقع 75% منها تحت السيطرة الإسرائيلية كما يزعمون.
أما الورطة الكبيرة للإسرائيليين فتتمثل في عدم فهم عقلية الشعب الفلسطيني، وعدم قدرتهم على تركيع أهل غزة رغم كل أصناف التجويع والترويع.
ولعل الورطة الأخطر بالنسبة للحكومة الإسرائيلية تتمثل في عدم مقدرته على إقناع الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلي بعدالة عدوانه على أهل غزة، وقد أفادت صحيفة معاريف أن 72% من الإسرائيليين مع صفقة تبادل أسرى، ومع وقف الحرب على غزة بشكل نهائي، أو صفقة جزئية.
أما الورطة الإسرائيلية ذات الأبعاد الخطيرة فتتمثل في عدم قدرتهم على مواصلة الكذب على العالم، والتدليس على شعوب الأرض بأن إرهابهم ضد أهل غزة عادل وانتقامي!
إضافة لما سبق، فإن الورطة القاسية على العدو الإسرائيلي تتمثل في عدم قدرتهم على التغطية على فشلهم وهزيمتهم على أرض غزة في حالة التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار، وصفقة تبادل أسرى مع غزة، وهذا هو عنوان الفشل الذي يتمثل بعجز أكبر وأقوى جيوش المنطقة عن تحقيق النصر المطلق على 2,5 مليون جائع ونازح ومجروح بالصمت الدولي من سكان غزة.
لما سبق من بينات، يطول زمن المفاوضات، ويطول زمن التوقيع على صفقة تبادل الأسرى، لأن المعنى الوحيد لصفقة تبادل أسرى مع وقف إطلاق النار هو انكسار الصلف الإسرائيلي، ولما لذلك من أثر على الوجود الإسرائيلي نفسه في المنطقة، وتأثير ذلك على الحسابات الإستراتيجية المعقدة في كل ما يتعلق بمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي بوجه عام.