اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة سوا الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
قالت صحيفة 'الأخبار' اللبنانية، صباح اليوم الجمعة 16 مايو 2025، إنه حتى اللحظة لا يوجد ضغط كافي على إسرائيل للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة ، كما ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفضل دوامة الحرب.
وأوضحت الصحيفة، أن 'الولايات المتحدة تبدو أكثر إصراراً على التوصل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، رغم أن الواقع يشير إلى تعقيدات كبيرة تعرقل هكذا سيناريوات. إذ تصاحب الجهودَ الأميركية انقساماتٌ جوهرية بين واشنطن وتل أبيب، خصوصاً في ما يتعلّق بتمسك نتنياهو، بمواقفه ذات السقوف العالية، والتي يَصعب على الطرف الآخر قبولها، ما يشير إلى عدم استعداده للانخراط بشكل جدّي في مسار التسوية التي يعمل الأميركيون على بلورتها'.
وتابعت 'وإذ من شأن وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في المنطقة، أن يعطي مساعي مندوبيه زخماً مؤقتاً، فإن تساؤلات عدة تُطرح حول استمرارية هذا الضغط بعد انتهاء الزيارة، وهو ما قد يبرّر تسويف تل أبيب وتمسكها بشروطها الصعبة. ومع ذلك، يمكن القول إن الهدنة لم تعُد بعيدة كما كانت عليه في الماضي، لكنها ما تزال تتطلّب تدخلاً أميركياً مصحوباً برافعات ضغط حقيقية على الجانبين، وتحديداً الإسرائيلي، يما يدفعه إلى تقديم تنازلات جدية، تمكّن الطرف الآخر من اتخاذ خطوة مماثلة'.
على أن ما يجدر إيضاحه، هنا، هو أن الإدارة الأميركية لا تعمل على بلورة تسوية شاملة وعادلة، بل تستهدف إرساء تفاهم يراعي ميزان القوى الحالي، ويستند إلى النتائج الجزئية التي حققتها إسرائيل عسكرياً في قطاع غزة، وإلى حقيقة ما لا يمكنها بلوغه عبر مواصلة الحرب، وهو الأمر الذي كان يجب على تل أبيب أن تقرّ به، لو أن القتال ليس مطلوباً لذاته لدى صاحب القرار فيها.
ويعني ما تقدّم أن تظهير واشنطن نفسها وسيطاً محايداً يريد إحلال الهدوء والاستقرار، إنما يأتي بعد أن استنفدت الخيارات العسكرية نفسها؛ وبالتالي، فإن دور 'الوساطة' هو أقرب ما يكون إلى دور المساعد لإسرائيل، كي تتّجه الأخيرة نحو خيار سياسي أصبح ضرورياً بعد الفشل في تحقيق الأهداف الأكثر طموحاً.
وفي المقابل، تبدو الحكومة الإسرائيلية غير مستعجلة لإنهاء الحرب، بل هي تعمل على استيعاب الضغوط الأميركية المتصاعدة عليها بوصفها مرحلة مؤقتة يجب اجتيازها، لتعود إلى تموضعها السابق. وفي الوقت الذي تطالب فيه بإطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين في غزة، كشرط أولي للدخول في أي مفاوضات جادة، يواصل نتنياهو التمسك بموقفه الرافض لوقف إطلاق النار، ويهدّد باستئناف العمليات العسكرية إذا لم تُلبَّ شروطه التي ترفضها حركة ' حماس '.
وإذا كان رفع السقف التفاوضي إستراتيجية طبيعية في سياق أي مفاوضات، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، فإن ثمة من يشكّك في نجاعة تلك الإستراتيجية حالياً، ويرى أن تصعيد الشروط قد يكون غطاء لإعاقة التسوية نفسها. وبين هذا وذاك، فإن العامل الرئيسي في هذه المرحلة هو مدى جدية المسعى الأميركي لدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات، علماً أن ما تسعى إليه واشنطن هو في نهاية المطاف يساوق ما تريده تل أبيب، لكن الأولى تريد تحسينه في الشكل، حتى تنتزع موافقة حركة 'حماس' عليه.
وفي غضون ذلك، تنتظر إسرائيل، ومعها الوسطاء ربما، نتائج العملية العسكرية الأخيرة التي استهدفت عدداً من القادة العسكريين لـ'حماس' ومن بينهم محمد السنوار، لمعرفة ما إذا كانت ستُحدث تغييراً في موقف الحركة، وبالتالي تسهم في إيجاد بيئة أكثر ملاءمة للانخراط في التفاهم، وإنْ ثبت أن الاغتيالات لا تغيّر كثيراً من ميزان القوى بين الأطراف.
وقالت 'على أي حال، لا يكفي أن يُعرب ترامب عن رغبته في التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب في غزة، بل عليه أن يوظف أدوات ضغط حقيقية على نتنياهو، لا مجرد مناشدات أو لقاءات خلف الأبواب المغلقة عبر مندوبيه. ذلك أن رئيس الحكومة الإسرائيلي لا يريد – وربما لا يستطيع – الاستجابة لتلك الضغوط ما لم يكن ثمن التنازل إنجازاً سياسياً أو ميدانياً يمكن أن يسوّقه داخلياً، خصوصاً أن قضية الأسرى ليست أولوية لديه، وأن حساباته السياسية تربط إنهاء الحرب بشروط تجعل 'حماس' تظهر منكسرة أو مستسلمة، سواء عبر الآليات التي تتضمنها التسوية نفسها، أو عبر نتائج رمزية تُحقق هذا الانطباع'.
وهنا، تكمن الصعوبة الحقيقية أمام الإدارة الأميركية؛ إذ كيف يمكن إقناع نتنياهو بالتخلي عن موقفه من دون تدفيعه ثمناً داخلياً باهظاً؟ ثم كيف باستطاعتها دفعه إلى التنازل عما لا يمكن تحقيقه عبر الحرب، بينما تستمر العمليات العسكرية من دون الوصول إلى النتائج المرجوّة؟ الجواب يكمن في تقديم مكاسب أو تنازلات أميركية لنتنياهو، سواء ربطاً بالاتفاق السياسي نفسه، أو بمكاسب خارج إطار الحرب، كتلك التي اعتادت إسرائيل الحصول عليها من الولايات المتحدة عندما كان يُطلب منها اتخاذ خطوات صعبة سابقاً.
في المحصلة، إن أراد ترامب حقاً إنهاء الحرب، فإن إسرائيل سترضخ. لكن ذلك لن يحدث إلا عبر مفاوضات موازية حقيقية بين واشنطن وتل أبيب، يتحدّد فيها الثمن الذي ستحصل عليه الأخيرة مقابل انخراطها في التسوية، وهو ما سيجعل أي اتفاق نهائي ليس بين إسرائيل و'حماس' فقط، بل بين الأولى وبين الولايات المتحدة، وأيضاً بينها وبين الأطراف الثالثة.