اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال'
كشفت فعالية صخرة الروشة وما رافقها من تطورات، التباين الواضح بين رئيس الحكومة نواف سلام وفريقه السياسي وبين المؤسسة العسكرية التي حاول بعض الفاعلين فيه “تلبيسها” ما حصل، وتحميلها مسؤولية عدم التصدي للمشاركين بالفعالية الذين تجمعوا على الكورنيش البحري بعشرات الآلاف، ومنعهم من عرض صورة الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
يبدو واضحا أن الإرتجال هو سمة تعاطي الرئيس سلام ووزرائه وفريقه مع المؤسسة العسكرية، بدءا من رمي كرة النار في حضنها بتكليفها وضع خطة لسحب سلاح المقاومة وتنفيذها في مهلة أقصاها نهاية العام، من دون الأخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة والحساسيات والمخاطر التي تتحكم بهذا الملف، خصوصا في ظل إستمرار الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه اليومي على بيئة المقاومة، وصولا الى فعالية صخرة الروشة حيث أراد هؤلاء للجيش أن يدخل في مواجهة مع عشرات الآلاف من المتحمسين لإضاءة الصخرة بالصور وأن يعمل على سحب جهاز اللايزر بالقوة من دون أن يقيموا أي وزن للعواقب التي يمكن أن تنتج عن ذلك.
لا شك في أن محاولة إستهداف الجيش اللبناني على خلفية ما حصل أمام صخرة الروشة يُظهر أن هناك من يريد تصفية حسابات سياسية مع المؤسسة العسكرية وقائدها العماد رودولف هيكل الذي جاءت الخطة المنطقية والشفافة لحصرية السلاح بيد الدولة، والتي قدمها الى مجلس الوزراء في جلسة الخامس من أيلول وضمّنها العراقيل والعقبات التي تعيق عمل الجيش وتمنعه من إتمام المهمة في ظل العدوان والاحتلال الاسرائيليين، مناقضة تماما لتوجهات فريق رئيس الحكومة والتيارات السياسية الساعية الى سحب هذا السلاح مهما كانت النتائج والتداعيات.
لذلك فقد وجدت هذه التيارات مع رئيس الحكومة وفريقه في كسر التعميم وإضاءة صخرة الروشة بالصور، فرصة لضرب عصفورين بحجر واحد، أولا لجهة إتهام الجيش بالتقصير، وثانيا عبر الايحاء بعدم رغبة ضباطه التدخل في مناسبة تخص المقاومة، علما وبحسب القوانين المرعية الاجراء فإن مخالفة التعاميم هو شأن إداري لا علاقة للجيش اللبناني به، وأن المخالفين لا تنطبق عليهم في هذه الحالة أي مادة من المواد التي تفرض التوقيف الاحتياطي بل أن أكثر ما يمكن أن يتعرض له هؤلاء هو تسطير محاضر ضبط بحقهم، وربما سها عن بال رئيس الحكومة المحامي والقاضي نواف سلام هذه المواد، فطلب من وزراء الدفاع والداخلية والعدل إعطاء التوجيهات لتوقيف مخالفي تعميمه أمام صخرة الروشة.
الرد على محاولة سلام ومن يدور في فلكه من نواب وسياسيين إستهداف الجيش جاء مزدوجا، أولا من المؤسسة العسكرية التي إستفاق اللبنانيون أمس على خوضها معارك ضارية مع مطلوبين في دار الواسعة في البقاع أدت الى جرح عدد من العسكريين وذلك ضمن المهام الوطنية المنوطة بها في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع التهريب، وثانيا من وزير الدفاع ميشال منسى الذي أصدر بيانا رد فيه على كل المشككين بدور الجيش، معتبرا أن “المهمة الوطنية الأساسية التي يضطلع بها هي درء الفتنة ومنع انزلاق الوضع الى مهاوي التصادم وردع المتطاولين على السلم الاهلي وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية”، لافتا الى أن “كرامة الضباط والعسكريين الفخورين الجسورين الميامين تأبى نكران الجميل وتأنف التحامل الظالم وتأسف لالقاء تبعات الشارع على حماة الشرعية والتلطي وراء تبريرات صغيرة للتنصل من المسؤوليات الكبيرة”.
بعد إنتهاء فعالية صخرة الروشة، جلس القاضي نواف سلام تحت قوس المحكمة، وبدأ بإصدار أحكامه الناتجة عن ردات فعله الغاضبة والتي لم توفره شخصيا حيث أوحى بقرار الاستقالة ثم سارع الى تخفيفه بالاعتكاف، ومن ثم تخفيفه أكثر الى ملازمة المنزل لساعات لإجراء مراجعة تهدف الى تصويب العمل الحكومي، وفي ذلك إعتراف بأن ثمة قرارات تحتاج الى إعادة نظر، لا سيما مسارعة الرئيس سلام الى الوقوف دائما مع طرف ضد آخر، ما يفقده صفة رئيس الحكومة الجامع.
في نهاية المطاف كانت التخريجة في إجتماع تشاوري للبحث في تداعيات ما حصل أمام صخرة الروشة والذي إنتهى بتسوية قرأ بيانها نائب الرئيس طارق متري مؤكدا “تضامن الحكومة وتطبيق القوانين على المواطنين الذين لا تميز الدولة بين أحد منهم، والتشديد على إتخاذ الاجراءات القانونية حيال ما حصل من مخالفة صريحة للترخيص المعطى للتجمع في منطقة الروشة، للحفاظ على هيبة الدولة”.