اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتبت نوال برّو في 'نداء الوطن':
بعد كل زخة مطر، تتكرر الكارثة السنوية، حيث تتحول الطرقات في بعض المناطق إلى بحيرات موحلة، وتصبح سيارات المواطنين عبارة عن قوارب مغلقة، فيما يجدون أنفسهم مضطرين للغوص في المياه كالسبّاحين للنجاة. وعلى الرغم من فظاعة هذا المشهد، فإنه لم يعد غريبًا ولا جديدًا. وعبارة 'الشتي يفضح المستور' تعكس الصورة، حيث تكشف الفيضانات عن هشاشة البنية التحتية والطرقات، وتظهر جليًا غياب التخطيط وإهمال المواطنين.
هذا العام، بدأت صرخات الاستغاثة قبل أشهر من مجيء الموسم، لا سيما أنها عادة ما كانت تخلّف ضحايا وخسارات مادية تقدر بملايين الدولارات، ومع ذلك، شهدت أول شتوة غرق بعض الطرقات من صور إلى الرحاب وعين المريسة في بيروت، وصولًا إلى جرد مربين في الضنية.
وفيما تتوجه عادة أصابع الاتهام إلى وزارة الأشغال مع كل فيضان، لا بدّ من التوضيح أن مسؤوليات الفيضانات تتوزع بين عدة جهات. وفي التفاصيل، يتوجب على البلديات واتحاداتها جمع النفايات والكنس اليومي الميكانيكي واليدوي. وتقوم وزارة الطاقة والمياه بالإشراف على إدارة الموارد المائية وتنظيف مجاري الأنهار الكبرى، وتنسق مع الجهات المعنية لتفادي أي ارتفاع خطير في منسوب المياه. أما وزارة الأشغال فيفترض بها تولي صيانة الطرق والمجاري الرئيسية وإزالة الانسدادات الكبرى.
هل سيكون هذا العام مختلفًا؟
يقول المهندس محمود الحجار، رئيس مصلحة الصيانة إن وزارة الأشغال العامة والنقل 'قامت بمعالجة عدد من النقاط التي كانت تشهد فيضانات في عدة مناطق مثل ضبية وخلدة ونفق المطار وجونيه، وما زالت تتابع الأعمال'.
ويطمئن الحجار إلى أن الوزارة 'بدأت أعمال التنظيف في الأول من أيلول، وقامت بتنظيف كل الريغارات والقساطل، فيما يبقى فريقها متواجدًا دائمًا على الطرقات لمتابعة أي طارئ' ولكنه ينفي وجود تقصير من بعض الجهات الأخرى.
أما في ما يتعلق بالعراقيل الأساسية التي تواجه العمل، يشكو الحجار من أن 'النفايات والرمي العشوائي من نوافذ السيارات وسرقة الريغارات تشكل أبرز المشكلات'، مضيفًا أن 'المسؤولية الكبرى تقع على المواطن، لأن النفايات حتى لو رميت في طرق فرعية، فإن الهواء والأمطار يجرّانها إلى المصافي'.
المشكلة ليست لوجستية فقط، بل هندسية أيضًا. ويقول الحجار في هذا الإطار إنها تتعلق ببنية الطرق وشبكة تصريف مياه الأمطار، مؤكّدًا 'ضرورة فصل شبكة مياه الأمطار عن شبكة المجاري وإجراء دراسة كاملة بهذا الخصوص'.
يُشير التوزيع الرسمي للصلاحيات إلى أن 'كل طريق أو منطقة تقع خارج إطار الأوتوسترادات هي من مسؤولية البلديات'، وفقًا لـ الحجار الذي يلفت إلى أن 'عدم تنظيف البلديات شبكاتها بشكل دوري ومتكرر يتسبب بمشاكل في الطرق الفرعية قد تمتد إلى الأوتوسترادات الرئيسية نتيجة تدحرج المياه'. ويتابع: 'هناك تعديات على الأوتوسترادات، إذ يتم وضع مكبات نفايات عليها'.
وبما أن المواطن لا يُردع إلا بالغرامات، يشدد الحجار على 'ضرورة فرض غرامات على المواطنين الذين يقومون برمي النفايات على الطرقات'، بالإضافة إلى إجبار كل وزارة على تحمل مسؤولياتها.
يتوقع الحجار أن هذا العام سيكون المشهد أفضل بكثير، ومع ذلك لا بد من التشديد على أن الحلول المعتمدة ليست جذرية. وعليه، وللمفارقة، إن لبنان الذي تغنيه الينابيع والأمطار، يواجه مصيرًا مشابهًا كل شتاء فيما يعاني الجفاف في المواسم الأخرى. وبدلًا من أن تُستثمر هذه الثروة المائية لاستعمالها تتحول إلى نقمة على المواطنين.











































































