اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٤ أب ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما هو المحرك الرئيسي لنمو اقتصاد الخليج حالياً؟
القطاع غير النفطي الذي بات يمثل أكثر من 71% من الناتج.
ما أبرز القطاعات غير النفطية الصاعدة في الخليج؟
يشهد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي تحولات متسارعة تقودها القطاعات غير النفطية، في إطار استراتيجيات التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية.
وبحسب بيانات المركز الإحصائي الخليجي (17 أغسطس) فإن مساهمة الأنشطة غير النفطية في الاقتصاد ارتفعت بشكل ملحوظ، لتؤكد مساراً جديداً يرتكز على التنوع والإنتاجية.
القطاع غير النفطي
وبلغت قيمة الدخل القومي الإجمالي لدول الخليج بالأسعار الجارية عام 2023 نحو 2.143 تريليون دولار، بتراجع طفيف بلغت نسبته 2.7% مقارنة بعام 2022، فيما سجل الدخل القومي المتاح 1.989 تريليون دولار بانخفاض 3%.
كما كشفت البيانات أن القطاع غير النفطي أصبح المحرك الأبرز للاقتصاد الخليجي، حيث سجل قيمة مضافة بنحو 1.513 تريليون دولار مقابل 603.5 مليارات دولار للقطاع النفطي، لترتفع مساهمته إلى 71.5% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ65% في 2022، بمعدل نمو سنوي بلغ 6.4%.
أما على مستوى الأنشطة، فجاءت التعدين واستغلال المحاجر في صدارة المساهمين بالاقتصاد الخليجي خلال السنوات الخمس الماضية بمتوسط 28.3%، في حين تصدرت الصناعة التحويلية ضمن القطاع غير النفطي بمتوسط مساهمة 11.7%.
وخلال عام 2023، حققت معظم الأنشطة معدلات نمو إيجابية، حيث تصدر قطاع المال والتأمين بنسبة نمو 11.7%، تلاه النقل والتخزين بـ11.6%، ثم العقارات بـ8.1%، والإدارة العامة والدفاع بـ7.9%، في حين نمت تجارة الجملة والتجزئة بـ7.6%، والتعليم بـ5.5%.
بالمقابل، تراجعت أنشطة التعدين والصناعة التحويلية بنسبتي 18.8% و0.7% على التوالي.
وفي جانب الإنفاق، بلغت قيمة الصادرات من السلع والخدمات نحو 1.258 تريليون دولار، أي ما يعادل 59.5% من الناتج المحلي، لكنها سجلت انخفاضاً بـ7.1%.
في حين ارتفع الإنفاق على الاستهلاك النهائي إلى 1.245 تريليون دولار بمعدل نمو 7.5%، وحقق إجمالي التكوين الرأسمالي 601.8 مليار دولار بزيادة سنوية بلغت 5.5%.
تنويع اقتصادي متسارع
ورغم تباين التوجهات الاقتصادية بين دول الخليج فإنها تشترك في رهانها على القطاع غير النفطي كمحرك رئيسي للنمو في المرحلة المقبلة.
وأشار تقرير البنك الدولي، في ديسمبر 2024، إلى أن معظم دول المجلس تستعد لتحقيق تعافٍ أو تسارع في معدلات النمو بين عامي 2025 و2026، مدعومة بزيادة إنتاج النفط والغاز، إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية التي تعزز التنويع.
وشهدت السعودية توسعاً كبيراً في أنشطتها غير النفطية خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت مساهمتها في الناتج المحلي إلى 51.4% بحلول 2024.
كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية في الربع الثاني من 2025 بنسبة 7% لتصل إلى 39.9 مليار دولار، أي ما يقارب نصف إجمالي الإيرادات.
وبلغت الإيرادات الكلية في الربع ذاته 80.4 مليار دولار، مع تراجع الإيرادات النفطية 29% إلى 40.5 مليار دولار، ويعكس هذا التوجه خطط المملكة لتعزيز الإيرادات المستدامة عبر الضرائب والرسوم وتوسيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية، تماشياً مع 'رؤية السعودية 2030'.
وتعمل المملكة على دعم هذه القطاعات، من خلال تطوير البنية التحتية، وتحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة إلى جانب تعزيز التعدين والصناعات التحويلية، مما يرسخ مسار التنويع الاقتصادي ويحد من تقلبات أسعار النفط.
أما في الإمارات، فقد أسهمت القطاعات غير النفطية بنسبة 75.5% من الاقتصاد بقيمة تقارب 366 مليار دولار، وهو ما يعكس مرونة الاقتصاد الوطني في ظل إصلاحات هيكلية ومبادرات استراتيجية في إطار 'نحن الإمارات 2031'، نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
وفي مجال الابتكار، استثمرت بكثافة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحيوية والاقتصاد الرقمي، إلى جانب تطوير قطاع النقل واللوجستيات عبر موانئ ومطارات ذات طاقة استيعابية عالية.
ووضعت الدولة خططاً طويلة الأمد مثل 'نحن الإمارات 2031' و'مئوية 2071'، التي تركز على تعزيز الاقتصاد المعرفي وزيادة الصادرات غير النفطية لتصل إلى نحو 218 مليار دولار، مع دعم قطاعات ناشئة كالتصنيع المتقدم والطاقة النظيفة.
في قطر، ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 63.6% من الاقتصاد في الربع الأول 2025، مدفوعة بقطاعات البناء والعقارات والتجارة والضيافة، مع دعم من مشاريع البنية التحتية مثل توسعة المترو والمطار، وذلك ضمن إطار رؤية قطر 2030 وخطة التنمية الخمسية التي تركز على الابتكار والطاقة المتجددة والتعليم.
أما الكويت، فعلى الرغم من انكماشها الاقتصادي في 2023، فإنها استعادت زخم النمو غير النفطي في 2024 بنسبة 2.5%، مستندة إلى قطاعات التكرير والعقار والوساطة المالية والتعليم، ليبلغ الناتج غير النفطي نحو 65 مليار دولار.
وفي عُمان، قاد النمو غير النفطي أداء الاقتصاد، إذ سجل 4.4% في الربع الأول 2025 ليصل إلى 17.9 مليار دولار، مدفوعاً بالتصنيع واللوجستيات والسياحة والزراعة. كما برزت الموانئ الاستراتيجية مثل صحار والدقم، إلى جانب الاستثمار في الطاقة الشمسية ضمن رؤية عُمان 2040.
أما البحرين، فقد تميزت بارتفاع نسبة الأنشطة غير النفطية إلى نحو 85% من اقتصادها في 2025، مع نمو ملحوظ في الضيافة والخدمات المالية والبناء. وتسعى المملكة من خلال رؤية 2030 وخطة التعافي الاقتصادي إلى تعزيز مكانتها كمركز مالي إقليمي عبر إصلاحات ضريبية وتطوير بيئة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
رؤى استراتيجية
يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن اقتصاديات دول الخليج اعتمدت بشكل رئيسي على صادرات النفط والغاز منذ اكتشافهما.
ويشير، في حديثه مع 'الخليج أونلاين'، إلى أن 'هذا الاعتماد جعل اقتصاداتها مرتبطة مباشرة بتقلبات أسعار النفط العالمية، ما أدى في كثير من الأحيان إلى عجوزات في موازناتها'، مضيفاً:
- على الرغم من أن النفط وفر موارد مالية ضخمة مكنت من بناء بنية تحتية متقدمة ومستويات عالية من الرفاهية الاجتماعية، فإن الاعتماد المفرط عليه جعل اقتصادات الخليج عرضة للتقلبات وضعف التنوع الاقتصادي.
- إدراكاً لهذه المخاطر، أطلقت دول الخليج رؤى استراتيجية مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية قطر الوطنية 2030، ورؤية الإمارات 2071.
- هذه الرؤى تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية.
- ارتفاع مساهمة القطاعين الصناعي والخدمي يعزز استدامة النمو، ويقلل من تقلبات الإيرادات الناتجة عن أسعار النفط.
- كما يسهم في خلق فرص عمل متنوعة للشباب، ويزيد من جاذبية المنطقة للاستثمارات الأجنبية، مما يؤكد أهمية استثمار عوائد النفط والغاز الحالية في بناء اقتصاد متنوع.
- أبرز التحديات تكمن في استمرار الاعتماد المالي على النفط، وضرورة تطوير الكفاءات البشرية، وتوطين الوظائف، وإدارة التحول نحو مصادر متجددة.
- الإرادة السياسية والموارد المالية والرؤى الواضحة تمنح دول الخليج قدرة كبيرة على تجاوز هذه التحديات.