×



klyoum.com
kuwait
الكويت  ١٧ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
kuwait
الكويت  ١٧ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار الكويت

»سياسة» جريدة الجريدة الكويتية»

خور عبدالله... حكاية كويتية لا تزوَّر وحق تاريخي لا ينازع

جريدة الجريدة الكويتية
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ١٦ تموز ٢٠٢٥ - ٢١:٣٢

خور عبدالله... حكاية كويتية لا تزور وحق تاريخي لا ينازع

خور عبدالله... حكاية كويتية لا تزوَّر وحق تاريخي لا ينازع

اخبار الكويت

موقع كل يوم -

جريدة الجريدة الكويتية


نشر بتاريخ:  ١٦ تموز ٢٠٢٥ 

لم يأتِ اسم الممر المائي الضيق، الذي يقع بين الحدود الشمالية لدولة الكويت مع جمهورية العراق، بـ «خور عبدالله» من فراغ، بل جاء بمنزلة إعلان سيادة مبكِّر، بتخليد اسم الحاكم الثاني للكويت الشيخ عبدالله الصباح.ووفق المراقبين وشهادة التاريخ، التي لا تقبل التأويل، فإن تسمية الخور، الذي يبدأ من الجزء الشمالي الشرقي لجزيرة بوبيان ويمر شمالي جزيرة وربة، حتى يلتقي بخور الزبير في الجانب العراقي، تعود إلى القرن الثامن عشر، حيث كان الشيخ عبدالله بن صباح الأول، أحد أهم مَنْ رسَّخوا مكانة الكويت كدولةِ بَحَريَّة نشطة في الخليج العربي، وردت التسمية في العديد من الخرائط القديمة، وأولها وضعها الرحالة الدنماركي كارستن نيبور في كتاب وصف شبه جزيرة العرب.الخرائط البريطانية

لم يأتِ اسم الممر المائي الضيق، الذي يقع بين الحدود الشمالية لدولة الكويت مع جمهورية العراق، بـ «خور عبدالله» من فراغ، بل جاء بمنزلة إعلان سيادة مبكِّر، بتخليد اسم الحاكم الثاني للكويت الشيخ عبدالله الصباح.ووفق المراقبين وشهادة التاريخ، التي لا تقبل التأويل، فإن تسمية الخور، الذي يبدأ من الجزء الشمالي الشرقي لجزيرة بوبيان ويمر شمالي جزيرة وربة، حتى يلتقي بخور الزبير في الجانب العراقي، تعود إلى القرن الثامن عشر، حيث كان الشيخ عبدالله بن صباح الأول، أحد أهم مَنْ رسَّخوا مكانة الكويت كدولةِ بَحَريَّة نشطة في الخليج العربي، وردت التسمية في العديد من الخرائط القديمة، وأولها وضعها الرحالة الدنماركي كارستن نيبور في كتاب وصف شبه جزيرة العرب.

الخرائط البريطانية

ومن هنا أُطلق على هذا الشريان البحري اسم «خور عبدالله»، نسبةً إليه، باعتباره الممر الذي كان يخدم الكويت في تجارتها وملاحتها وارتباطها بالعالم عبر البحر،

لاسيما وأن الخرائط والمستندات البريطانية والرحلات البحرية الأوروبية (التي سنُشير إليها لاحقاً)، تؤكد الخور باسمه المعروف اليوم بـ «خور عبدالله»، بل إن الوثائق العثمانية والبريطانية لم تشر يوماً إلى الخور باعتباره جزءاً من ولاية البصرة، كما يُروِّج البعض، بل ظلَّ اسمه مُرتبطاً بالكويت، لأن الجغرافيا هنا لا تكذِّب، والتاريخ يُكتب كما هو.

ويرى المراقبون أن الاسم في ذاته كان بمنزلة إعلان سيادةٍ مبكِّر، قبل أن تكون هناك حدود مرسومة، خاصة أن الكويت هي من اختارت اسمه، باعتباره جزءاً من أراضيها، ليستمر حتى اليوم حاملاً الاسم ذاته، مُشدِّدين على أن خور عبدالله بالنسبة للكويت لم يكن مجرَّد مجرى مائي يفصل بين اليابسة والبحر، بل كان، ولا يزال وسيبقى، جزءاً لا يتجزَّأ من السيادة الكويتية، التي تعد بمثابة «خط أحمر» غير مقبول الاقتراب منه.

ميناء مبارك

كما تكمن أهميته باعتباره الممر، الذي يحتضن موانئ الكويت الكبرى، وقريباً بعزيمة الكويت سنرى ميناء مبارك الكبير، الذي سيضع البلد على خريطة التجارة الإقليمية، ويجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، لاسيما أن رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله هو مَنْ يحمل لواء هذا المشروع التنموي، ويعقد اجتماعات شبه يومية لتفعيل الاتفاقيات الموقَّعة مع الصين، ومنها تنفيذ مشروع ميناء مبارك الكبير.

وكما يؤكد المراقبون، فإن الجزء الأكبر من مياه الخور، وفق الجغرافيا، يقع ضمن السيادة الكويتية، وفق الخطوط المرسومة بقرارات مجلس الأمن، وتحديداً القرار 833، الذي وضع النقاط النهائية للحدود بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990.

شهادة التاريخ

أما وفقاً للتاريخ، فإن شهادته أكثر وضوحاً من كُل محاولات التحريف، فالكويت، منذ تأسيسها، عرفت خور عبدالله كعُمق مائيٍ استراتيجي لها، واستغلته في التجارة والملاحة وصيد اللؤلؤ، كما يقول المراقبون، ولم يُعرف للعراق أي نشاطٍ رسميٍ أو سياديٍ داخله أو حوله، قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ولم يرد اسم الخور في الوثائق أو الخرائط العثمانية إلا مُرتبطاً بالكويت.

بروح الجوار

وبروح الجوار الحسن والتنظيم القانوني، لم تكتفِ الكويت بهذا السند الدولي، بل حرصت دائماً على التواصل مع العراق، وتسامت على الجراح، وهو ما تُوِّج بتوقيع اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله عام 2012 بين الجانبين، بهدف تسهيل حركة السفن التجارية، وضمان حقوق الطرفين في الاستخدام المشترك للممر المائي، وفقاً للحدود المرسومة دولياً.

الاتفاقية التي تم توقيعها في بغداد، صَادَقَ عليها البرلمان العراقي، كما صَادَقَ عليها مجلس الأمة الكويتي عام 2013، وجرى تسجيلها في الأمم المتحدة كاتفاقية مُلزمة للطرفين، بعد أن مرَّت بكُل القنوات الشرعية، وحتى المحكمة الاتحادية أقرَّت بشرعيتها في 2014، قبل أن يعود بعض الساسة العراقيين اليوم للتشكيك فيها، مدفوعين إما بأجندات داخلية أو شعبوية، أو بإيعازات خارجية.

القرار 833

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه، بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت، لم يكن رد العالم قاصِراً على تحرير الكويت فقط، بل جاءت قرارات مجلس الأمن واضحة في ترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين، ولوضع حدٍّ نهائي لأي طمع في شبرٍ من أراضيها، وعلى ضوء ذلك أصدر مجلس الأمن القرار الشهير الذي حمل رقم 833، والذي ساهم في رسم الحدود البرية والبحرية بين الكويت والعراق وفق خرائط دقيقة ومُعتمدة دولياً.

ولهذا القرار أهمية خاصة بالنسبة للجانبين، إذ نصَّ صراحةً على الاعتراف بالحدود بين الدولتين كما رسمتها الأمم المتحدة، بناءً على دراسات جغرافية ومسحية دقيقة، بعيداً عن الأهواء السياسية أو الضغوط الإقليمية، وقد قَبِلَ العراق في حينها بهذا الترسيم.

وبموجب هذا الترسيم، أصبح خور عبدالله مُوزعاً وفق خطوط السيادة والملاحة الدولية، بحيث تقع المساحات الأكبر منه داخل السيادة الكويتية، مع وجود نقاط تنظيم مشتركة للملاحة، نظراً لحساسية الموقع وأهميته التجارية للطرفين.

لكن بعض القوى العراقية، مدفوعةً بخطابات شعبوية أو بإشعارات إقليمية، حاولت لاحقاً التشكيك في الاتفاقية والتنصُّل منها، بل تصويرها على أنها تنازل عن «حقوق عراقية» مزعومة، مُتناسين أن الاتفاق ليس سوى تنظيمٍ للحقوق التي رسمتها الأمم المتحدة، واعترف بها العالم كُله، بما فيه العراق ذاته آنذاك.

دوافع العراق

ومن الدوافع وراء محاولة العراق لإلغاء الاتفاقية، وفق ما يرى الفريق المعارض لها، أنها اعتمدت قرارات الترسيم الصفري، أي من اليابسة إلى اليابسة، وليس على أساس خط التالوك، مما جعل معظم القناة الملاحية العميقة ضمن الحدود الإقليمية للكويت، وبالتالي فإن الاتفاقية بوضعها الحالي لا تعني خسارة منفذ استراتيجي فقط، بل تمهِّد لحصارٍ بحريٍ مُحتمل وتحكُّم كويتي في حركة السفن (والكلام هنا كذلك بناءً على وجهة النظر العراقية المُعارضة للاتفاقية).

وبعد أن تعالت في الفترة الأخيرة الأصوات داخل العراق تطالب بإلغاء الاتفاقية والتراجع عن تنفيذ بنودها، عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها، عُقد اجتماع في قصر بغداد في 7 الجاري، ضمَّ رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني، حيث قرَّرت الرئاسات العراقية الثلاث، سحبَ طعن رشيد والسوداني على قرار المحكمة الاتحادية ببطلان اتفاقية خور عبدالله وإعادتها إلى البرلمان للتصويت عليها.

وقال بيان صادر عن السوداني وقتها إن «الرؤساء تداولوا موضوع اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، التي صدَّق عليها مجلس النواب بموجب القانون 42 لسنة 2013، والذي قرَّرت المحكمة الاتحادية العليا عدم دستورية نصاب تشريعه من الناحية الشكلية بموجب قرارها في الدعوى رقم 105/ وموحدتها 194/ اتحادية/ 2023».

نقطة البداية

إن هذا القرار يُعيد الاتفاقية من الجانب العراقي إلى نقطة البداية، حيث إن الاتفاقية تحتاج إلى التصديق عليها من جانب مجلس النواب العراقي، حتى يبدأ في تنفيذها، لكن فرص إقرارها في حال عُرضت الآن للتصويت ضعيفة جداً، كونها تحتاج إلى موافقة ثُلثَي أعضاء المجلس، التي تساوي 220 صوتاً من أصل 329.

فعقد جلسة بالوقت الراهن والتصويت على الاتفاقية قبل الانتخابات المقررة نهاية العام الحالي، يشكِّل ضغطاً على النواب، وسيكون من الصعوبة تمريرها، فضلاً عن أن مجلس النواب لا يملك حق التعديل عليها، إما قبولها كما هي، أو رفضها كما هي.

ندوات مهمة

وفي موازاة الدبلوماسية الكويتية، التي وضعت ملف خور عبدالله على أجندتها، وما صَاحَبَها من تحرُّكات مكثفة، عُقدت الكثير من الندوات التي غلب عليها الطابع التاريخي، من بينها ندوة نظَّمها مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بعنوان «خور عبدالله: تاريخ ووقائع»، حيث أكد المشاركون فيها من أكاديميين وناشطين ودبلوماسيين أن القانون الدولي والاتفاقيات المُبرمة مُلزمة للعراق بشأن اتفاقية خور عبدالله، مؤكدين أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية بشأن إلغاء اتفاقية خور عبدالله هو شأن داخلي عراقي، وأن ما يُثيره بعض العراقيين بشأن خور عبدالله هو للتسويق الانتخابي.

الأطر القانونية

وقال السفير خالد المغامس خلالها إن الكويت لم تتنازل عن شبرٍ واحدٍ من أراضيها، مؤكداً أن اتفاقية خور عبدالله التي وُقِّعت عام 2013 مُلزمة لجميع الأطراف، حيث تمَّت وفق الأطر القانونية، وتم اعتمادها من البرلمان العراقي وتسليمها إلى الأمم المتحدة. والمفارقة أن المحكمة الاتحادية العراقية رفضت طعناً من بعض النواب عام 2014 على الاتفاقية، وعادت المحكمة نفسها لتُبطل هذه الاتفاقية عام 2023، أي بعد 10 أعوام من توقيعها!

خلاف سياسي

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. غانم النجار أكد أن انتخابات ستُعقد بالعراق في نوفمبر المقبل، وكُل مَنْ يريد أن يبرز في هذه الانتخابات يُثير ملف الكويت، للتسويق، فالخلاف بين البلدين ليس حدودياً ولا وجودياً، بل إنه سياسي، داعياً إلى ضرورة عقد منتدى حواري بين الجانبين العراقي والكويتي.

أما النائب السابق د. محمد العبدالجادر، فبيَّن أن ملف خور عبدالله يتكوَّن من شقين، أحدهما فني، والآخر سياسي، وهناك قرارات دولية ضمنت الحق الكويتي في خور عبدالله، وبالتالي «يجب ألا نجزع، ونحن ككويتيين لا يعنينا ما يُقال في الإعلام، بل يعنينا موقف أصحاب القرار في العراق، وموقفهم واضح في الطعن على قرار المحكمة».

بدوره، قال أستاذ التاريخ بجامعة الكويت د.عبدالله النجدي إن كل الشواهد التاريخية توصل إلى نتائج ثابتة، وهو ما أقرَّته لجنة ترسيم الحدود الدولية.

فيما أكد أستاذ القانون الجزائي بجامعة الكويت د. علي الرشيدي، أن وجهة النظر القانونية الكويتية تستند إلى أساس متين ينطلق من اتفاقيات وقرارات دولية.

في حين ذكر السفير عبدالعزيز الشارخ، أن «إنشاء العراق لميناء الفاو يجب أن ننظر له بإيجابية، وهو ينفي مزاعم العراق بأن الكويت تخنق العراق، وأنه ليس له أي مطل مائي».

وفي السياق ذاته تحدَّث الأمين العام للمنبر الديموقراطي بندر الخيران، مؤكداً أن بعض السياسيين العراقيين يثيرون زوابع، خصوصاً أنهم مُقبلون على انتخابات، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك منتديات تنقل الفكر الإيجابي ومسألة نقل رسالة الوعي للشعبين مهمة.

بدوره، قال نائب وزير الخارجية السابق، السفير منصور العتيبي، إن «ما يُضايقنا هو تنصُّل العراق من الاتفاقيات الثنائية، منها اتفاقية الصيد»، لافتاً إلى أنه كان شاهداً على إيداع اتفاقية خور عبدالله في الأمم المتحدة من الجانب العراقي، مما يؤكد اعترافهم بها.

ميزان الحقائق

وكان مركز طروس أقام ندوة مهمة كذلك بعنوان «خور عبدالله... في ميزان الحقائق التاريخية والقانونية والسياسية»، بحضور رئيس مركز طروس للدراسات والاستشارات محمد الثنيان، استضاف خلالها نخبة من المفكِّرين والأكاديميين، للتباحث حول هذه قضية خور عبدالله، وشملت المحاضرة أربعة محاور، تحدَّث في المحور الأول (خور عبدالله من الناحية التاريخية) د. حمد القحطاني، وكان المحور الثاني (خور عبدالله في الوثائق التاريخية) وتحدَّث فيه أ. فهد غازي العبدالجليل، وتناول المحور الثالث (خور عبدالله من الناحية السياسية والقانونية) المحامي أ. عبدالعزيز السيف، وشرح المحور الرابع أ. منذر الحبيب الذي حمل عنوان «حُكم المحكمة الاتحادية».

السيادة الكويتية

وقال رئيس مركز طروس للدراسات والاستشارات محمد الثنيان إن قضية خور عبدالله تمثل إحدى أهم القضايا التاريخية والسياسية والقانونية المرتبطة بالسيادة الكويتية.

وأشار إلى أن «طروس» يسعى من خلال هذا النقاش، الذي يجمع نُخبة من المفكرين والأكاديميين، إلى تثبيت الحقائق التاريخية والقانونية عبر الوثائق والخرائط، مؤكداً أن السيادة التاريخية لا يمكن التنازل عن أي جزءٍ منها، لأن التنازل عن جزء من التاريخ يعني التنازل عنه كُله.

وأوضح أن الدبلوماسية الشعبية التي تخاطب الجماهير وتعتمد على مؤسسات المجتمع المدني كقوة ناعمة، لا تقل أهمية عن الدبلوماسية السياسية، خصوصاً في قضية مثل «خور عبدالله». وشدَّد على ضرورة أن يكون للشعب صوت في هذه القضية، من خلال الوثائق التاريخية والقانونية والسياسية، لتعزيز الحقائق أمام الشعوب.

300 عام

وأشار الثنيان إلى أن تاريخ الكويت يتسم بالثبات منذ أكثر من 300 عام، ويمكن تلخيصه في أربع مراحل رئيسية، هي:

الأولى: تأسيس الدولة في عهد الشيخ صباح الأول في بدايات القرن الثامن عشر.

والثانية: تجديد وتحديث الدولة في عهد الشيخ مبارك الصباح الذي حمى حدودها.

والثالثة: توثيق العهود الرسمية بالأمم المتحدة في عهد الشيخ عبدالله السالم (أبوالدستور). والرابعة: تركِّز على تعزيز السيادة الداخلية والسياسة الخارجية.

وأكد أن هذه المراحل تُبرهن الجذور التاريخية العميقة للكويت وسيادتها، بما في ذلك قضية خور عبدالله.

الوثائق والخرائط

من جهته، أكد رئيس الجمعية الكويتية للتراث، فهد العبدالجليل، أن قضية خور عبدالله ليست جديدة، بل تُثار بشكلٍ متكرر، مشيراً إلى أنه تناولها عام 2017 رداً على تظاهرات شعبية في العراق، مستنداً إلى خريطة نيبور التاريخية.

وبيَّن أن القضية انتقلت اليوم من الطابع الشعبي إلى الرسمي والحكومي، مما يستدعي تعزيز الدبلوماسية الشعبية، لتوضيح الحقائق التاريخية والقانونية المثبتة، التي تؤكد أن خور عبدالله جزء من الكويت.

وأشار العبدالجليل إلى أن الكويت، منذ تأسيسها، ركَّزت على تطوير ممراتها المائية، حيث بدأت العلاقات التجارية مع شبه القارة الهندية عام 1775 بعد نقل الوكالة التجارية البريطانية إلى الكويت.

وأكد أن أقدم ذكر لخور عبدالله جاء في خريطة كارستين نيبور عام 1772، التي وثقت شبه الجزيرة العربية، وأظهرت خور عبدالله وبوبيان وفيلكا ضمن حدود الكويت، مشدداً على أن تسمية الخور تعود إلى الشيخ عبدالله الصباح (1763-1814).

مقابلة إذاعية

واستشهد العبدالجليل بمقابلة إذاعية عام 1970 مع المعمر سعد عبدالله سعد العبيد، الذي أكد أن الشيخ عبدالله الصباح طوَّر خور عبدالله بناءً على طلب تُجار الشمال، لتقصير المسافة للسفن القادمة من موانئ مثل بندر معشور وديلم.

وأشار إلى تقرير الهيدروغرافي النرويجي كوشيرون عام 1959، الذي حدَّد الحدود البحرية العراقية، وأودع تقريره لدى محكمة العدل الدولية، مؤكداً تبعية خور عبدالله للكويت.

وأضاف أن تقارير بريطانية عام 1906 منشورة في صحيفتَي إكزامينار ودايلي تيليغراف الأستراليتين، أكدت تبعية خور عبدالله للكويت، بناءً على مسحٍ بحريٍ دقيق، مشيراً إلى تقرير الوكالة السياسية البريطانية في بوشهر عام 1906 أكد أن الخور يقع شمال الكويت ضمن حدودها.

وأكد العبدالجليل أن المصادر التاريخية والقانونية والمعاهدات تُثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن خور عبدالله كويتي، مُحذراً من أن إثارة هذه القضية من قِبل الجانب العراقي، خصوصاً على المستوى الرسمي، فذلك لن يخدم العراق، بل سيعوق استعادة ثقة الكويتيين، داعياً العراق إلى التعامل بعقلانية، وتجنُّب الاستفزاز، مشدداً على أن إثارة مثل هذه الموضوعات المحسومة تُعيد العلاقات إلى نقطة الصفر بعد أحداث 1990، معرباً عن أمله في أن تتعامل الكويت مع الموضوع بحكمة لإنهائه بسرعة.

المحاور التاريخية

من جانبه، قال أستاذ التاريخ في جامعة الكويت د. حمد القحطاني، في حديثه عن قضية خور عبدالله من منظور تاريخي، إن تحديد الحدود قديماً كان يعتمد على المناطق الجغرافية والآبار والقبائل، حيث كانت القبائل تُحدِّد تبعيتها للكويت أو العراق أو غيرهما، مثل قبائل نجد أو بني علي بين مصر وليبيا.

تاريخ التسمية

وأشار القحطاني إلى أن اسم «الكويت» ظهر تاريخياً قبل وصول الأوروبيين، حيث كتب المستكشف نيبور عام 1765 اسم «الكويت» بدلاً من «قرين» بعد استفساره من الأهالي، مما يؤكد تاريخية التسمية.

وأضاف القحطاني أن اتفاقية 1913 الأنجلو-عثمانية، الموقَّعة بين وزير خارجية الدولة العثمانية إبراهيم حقي، ووزير خارجية بريطانيا، تُعد من أهم الوثائق التاريخية لتحديد حدود الكويت، حيث نصَّت المادة 9 على أن الحدود تمتد من مصب خور الزبير شمالاً غرباً، تاركةً أم قصر لولاية البصرة، وخور عبدالله كحدٍّ مشترك بين الكويت والعراق، وهو ما يؤكد أن خور عبدالله ليس محل نزاع.

وأشار إلى أنه بعد هزيمة الدولة العثمانية، تحرَّكت بريطانيا عام 1921 لتشكيل العراق الحديث تحت الانتداب البريطاني، حيث تم اختيار فيصل بن الحسين ملكاً، رغم أصله الحجازي. وللانضمام إلى عصبة الأمم عام 1932، أرسل نوري السعيد رسالة لتحديد الحدود مع دول الجوار، بما فيها الكويت، ووافق عليها الشيخ أحمد الجابر، لتصبح اتفاقية 1932 أساساً للحدود.

وذكر القحطاني أن هذه الاتفاقية تم تأكيدها لاحقاً في اتفاقية حسن الجوار عام 1963، الموقَّعة بين الشيخ صباح السالم وأحمد حسن البكر، والتي استندت إلى حدود 1932.

وأضاف أن قرار مجلس الأمن 833 لعام 1993، الصادر بعد تحرير الكويت بقرار 678 عام 1990، حدَّد الحدود بشكلٍ نهائي عبر الأمم المتحدة، وهو قرار مُلزم للدولتين، مما يجعل الحدود بين الكويت والعراق واضحة وثابتة.

وأكد القحطاني أن محاولات الحكومات العراقية المتعاقبة لتجاهل أو إلغاء الاتفاقيات التاريخية، كما حدث في عهد عبدالكريم قاسم عام 1961 أو غزو 1990، لا تنسف الثوابت التاريخية والقانونية، مشدداً على أن حدود الكويت مع العراق، بما فيها خور عبدالله، محدَّدة بدقة وفق الاتفاقيات والقرارات الدولية.

الجانب القانوني

من ناحيته، قال المحامي عبدالعزيز السيف إن قضية خور عبدالله تتضمَّن شقين، تاريخياً وقانونياً، مشيراً إلى أن الكويت كانت دولة مستقلة قبل عام 1920، فيما كانت البصرة وبغداد والموصل تابعة للدولة العثمانية.

ونفى السيف ادعاءات اعتبار الكويت تابعة للعراق عبر الدولة العثمانية، موضحاً أن الكويت لم تدفع ضرائب للعثمانيين، وكانت ترفض تسليم الفارين منهم، وخاضت حروبها بقواتها الخاصة، مما يثبت استقلاليتها.

وأوضح أن اتفاقية 1913 الأنجلو-عثمانية أقرَّت بتبعية أم قصر وسفوان للدولة العثمانية، فيما جزيرتا وربة وبوبيان كانتا للكويت، لكنها لم تُصدّق بسبب الحرب العالمية الأولى، مشيراً إلى أن العراق، عند انضمامه لعصبة الأمم، حدَّد حدوده مع الكويت عبر مراسلات نوري السعيد، واعترف بها رسمياً في الستينيات بتعيين سفير.

وأكد السيف أن ترسيم الحدود يمرُّ بثلاث مراحل: التعريف النظري، والتحديد على الخرائط، والتعليم على الأرض، مشيراً إلى أن الحدود العراقية- الكويتية مُثبتة بقرار الأمم المتحدة 833 لعام 1993، الذي وافقت عليه الدولتان.

وأضاف أن اتفاقية 2012 تخص الملاحة البحرية فقط، وليس الحدود، وتمَّت المُصادقة عليها من البرلمان العراقي والحكومة والرئيس، وأودعت لدى الأمم المتحدة، ورفضت المحكمة الاتحادية العراقية الطعن بها عام 2014، لكنها أبطلتها بعد عشر سنوات في حُكم وصفه السيف بأنه تاريخي، وليس قانونياً، مؤكداً أنه لا يؤثر على الحدود.

وأوضح أن قانون البحار لعام 1982 يحدِّد تقاسم خور عبدالله بالتساوي بين الكويت والعراق عبر خط الوسط، كما أكدت خريطة أعدَّتها وزارة النفط العراقية عام 1959.

ورد السيف على ادعاءات، بأن الجانب الكويتي يحتوي مياهاً أفضل، قائلاً إن هذا أمر جغرافي طبيعي، ولا يُبرر المُطالبة بتغيير الحدود، مشدداً على أن القرارات الأممية والاتفاقيات الدولية والمنطق تؤكد تقاسم الخور بالتساوي.

ولفت إلى أن بعض الأطراف تُمارس «تجهيل الشعوب»، بنقل نصوصٍ جزئية من الاتفاقيات، مثل الادعاء بإمكانية إنهاء الاتفاقية بإشعار لمدة 6 أشهر، مُتجاهلين شرط موافقة الطرفين وفق المادة 16.

الدنمارك والنرويج

واستشهد السيف بقضيتين دوليتين: الأولى بين الدنمارك والنرويج حول غرينلاند، حيث أنصفت المحكمة الدولية الدنمارك، رغم ادعاءات النرويج بعدم دستورية التوقيع، والثانية بين الأوروغواي وبريطانيا، حيث أقرت قاعدة عُرفية بقبول الاتفاقية بعد مُضي المدة، مؤكداً أن قانون فيينا للمعاهدات يمنع الاحتجاج بالقوانين الداخلية لإلغاء الاتفاقيات الدولية.

وختم بالتأكيد على أن الكويت والعراق جيران لا تتغيَّر جغرافيتهما، داعياً إلى الحِكمة والتعامل بالحجة والبراهين، بدلاً من التجاوزات أو التصعيد، مشدداً على التزام الكويت باتفاقياتها أمام الله والعالم، ومواجهة أي ظلمٍ بالمنطق والأدلة القانونية.

حُكم المحكمة الاتحادية

من جانبه، ذكر رئيس مركز سدرة للدراسات ومؤلف كتاب «آراء كويتية في المسألة العراقية» أ. منذر الحبيب، أن العراق منذ خروجه من الفصل السابع قبل ثلاث سنوات، بدأ يعزز دوره في المجتمع الدولي، من خلال التجارة والوساطات الإقليمية والدولية مع دول، مثل: إيران، والولايات المتحدة، وتركيا، وقوات سورية الديموقراطية، إلى جانب استضافة اجتماعات الجامعة العربية، مما يعكس ثقة المجتمع الدولي به.

وأشار إلى مشروع «طريق التنمية» الطموح الذي يجذب استثمارات من دول، مثل: تركيا، والإمارات، وقطر، مؤكداً أن العراق يعمل على بناء نفسه، وتعزيز ثقته الدولية.

وأوضح الحبيب أن الفساد المستشري داخل العراق والسيطرة الحزبية على مؤسسات الدولة، بما فيها المحكمة الاتحادية، يشكِّلان تحديات كبيرة، لافتاً إلى أن تدخلات الأحزاب السياسية أضعفت المحكمة، حيث اتُهمت بالتحيُّز في قرارات مثل تفسير «الكتلة الأكبر» عام 2010، وتحييد كتلة مقتدى الصدر، مما أثار شُبهات حول نزاهتها.

وحول اتفاقية خور عبدالله، أكد أنها اتفاقية دولية، وليست داخلية، وأن أي عبثٍ بها من قِبل تيارات سياسية لمصالح حزبية أو خارجية سيؤثر سلباً على طموحات العراق الدولية واستثماراته.

وأعرب الحبيب عن قلقه من أن قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء الاتفاقية قد يهدِّد ثقة المستثمرين الدوليين، مشيراً إلى أن الاعتماد على مصادر غير دقيقة وتأثير اليمين المتطرف في العراق، الذي يُروِّج لمعلومات مُضللة ويتبنَّى سياسات حمائية يزيد من تعقيد المشهد.

وأضاف أن اليمين المتطرف، الذي برز بشكلٍ واضح منذ 2010، يعتمد استراتيجية نشر معلومات مضللة لتشويه صورة دول مثل الكويت، مُستغلاً الفساد والإحباط الشعبي لتقديم نفسه كبديل من دون تقديم حلولٍ حقيقية، مشيراً إلى أن هذه الجماعات، بقيادة شخصيات مثل عامر عبدالجبار، تستخدم قضية خور عبدالله لتصعيد التوترات، مما يؤثر على الثقة الدولية بالعراق.

وأكد الحبيب أن قرار المحكمة الاتحادية، الذي جاء بالتزامن مع الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر 2025، قد يزيد من التصعيد الإعلامي والسياسي، مُحذراً من أن هذه التطوُّرات قد تؤثر سلباً على دور العراق الدولي وثقة المستثمرين إذا لم تُعالج بحِكمة وشفافية.

على كُلٍ، مهما ارتفعت الأصوات أو تعالت الادعاءات، فإن خور عبدالله يبقى جزءاً من السيادة الكويتية، وليس مادة للتفاوض أو الابتزاز، وعليه، فإن الموقف الكويتي يجب أن يستمر في تعزيز الدبلوماسية، ورفض فتح أي بابٍ للحوار لإعادة التفاوض مع جانب لا يحترم الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

«أركان» يستعرض تداعيات حُكم «الاتحادية» العراقية وانعكاساته على تنظيم الملاحة

أعدَّ مكتب أركان الدولي للمحاماة والاستشارات القانونية، دراسة خصَّ بها «الجريدة»، حول تداعيات حُكم المحكمة الاتحادية العراقية بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، وانعكاساته على الالتزامات الدولية، قدَّمها المحامون: د. محمد بوزبر، وعلي الثويمر، وعلي القلاف، تناولوا خلالها الآثار المترتبة على حُكم «الدستورية».

وقالوا في دراستهم إنه في 4 سبتمبر 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق حُكماً يقضي بعدم دستورية القانون رقم 42 لسنة 2013، المتعلِّق بتصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، الموقَّعة بين حكومتَي العراق والكويت في 29 أبريل 2012، وقد أودعت الاتفاقية رسمياً لدى الأمم المتحدة بعد اكتمال التصديق البرلماني من كلا الجانبين. وأضافوا أنه رغم أن هذا الحُكم جاء بناءً على اعتبارات إجرائية داخلية تتعلَّق بالمراحل الدستورية للتصديق، فإنه أثار نقاشاً واسعاً حول مدى تأثيره على الوضع القانوني الدولي الساري، وعلى التزامات العراق والكويت بموجب الاتفاقيات الدولية المودعة.

وبينوا أن هذه الدراسة تهدف إلى تحليل أبعاد الحُكم الصادر عن المحكمة العراقية، والتمييز بين أثريه، داخلياً ودولياً، مع التركيز على تثبيت الموقف القانوني السليم للكويت، بوصفها طرفاً ملتزماً باتفاقية دولية نافذة ومستقرة.

أولاً: السوابق القضائية العراقية المتعلقة باتفاقية خور عبدالله

سبق للمحكمة الاتحادية العليا في العراق أن نظرت في طعن مشابه عام 2014، ضد القانون ذاته (قانون التصديق رقم 42 لسنة 2013)، وقد قضت المحكمة حينها برفض الطعن، مؤكدةً أن الاتفاقية أُبرمت وصُودق عليها وفق الأطر الدستورية، ولم تُخالف أحكام الدستور العراقي.

وقد استندت المحكمة في حُكمها الصادر في 18 ديسمبر 2014 إلى أن إجراءات التصديق اكتملت وفقاً للضوابط القانونية، وأن ما يُثار من مزاعم حول إضرار الاتفاقية بمصالح العراق لا يدخل ضمن اختصاص المحكمة في تلك المرحلة. ويُعد هذا الحُكم نهائياً وباتاً ومُلزماً وفق المادة 94 من الدستور العراقي، والمادة «5/ثانياً» من قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005.

ومن اللافت أن الحُكم الصادر في 2023 يتناقض صراحة مع حُكم المحكمة نفسه الصادر عام 2014 بشأن الموضوع ذاته، ومُقدِّم الطعن في الحالتين هو ذات النائب، وبنفس الحجج تقريباً، مما يُثير تساؤلات جوهرية حول استقرار الأحكام القضائية وحجيتها داخل النظام القانوني العراقي.

ثانياً: الطبيعة الدولية للاتفاقية وأسسها القانونية

يُعد خور عبدالله من أهم الممرات البحرية التي تقع على الحدود البحرية بين الكويت والعراق، واتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله لم تنشئ حدوداً جديدة بين الدولتين، بل نظَّمت استخدام الممر البحري الواقع ضمن الحدود المرسومة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993، الذي صدر ضمن ترتيبات ما بعد الغزو العراقي للكويت، وتم بموجبه ترسيم الحدود البرية والبحرية بين الدولتين بإشراف الأمم المتحدة، ووافق عليه العراق رسمياً عبر مخاطباته للأمم المتحدة.

وفي عام 2012، وقَّع العراق والكويت اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، والتي كانت تهدف إلى تنظيم استخدامه، من دون أن تؤثر على الحدود السيادية المرسومة وفق قرار مجلس الأمن، وقد صدَّق البرلمان العراقي على الاتفاقية بقانون رقم 42 لسنة 2013، مما جعلها نافذة دولياً ومحلياً.

وقد نصَّت المادة السادسة صراحةً من الاتفاقية على أنها لا تُؤثر على الحدود بين الطرفين كما رُسمت في القرار الدولي، مما يؤكد أن الاتفاقية تكميلية تنظيمية، لا تمس السيادة أو تخلق وضعاً قانونياً جديداً.

وقد صُدِّق على الاتفاقية في العراق بموجب القانون رقم 42 لسنة 2013، ونُشر في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية – العدد 4299 بتاريخ 25 نوفمبر 2013)، ودخل حيِّز النفاذ قانوناً. وفي ديسمبر 2013، أودعت الحكومة العراقية نسخةً من الاتفاقية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، استناداً إلى المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنصُّ على ضرورة تسجيل الاتفاقيات الدولية، لضمان قابليتها للاحتجاج بها.

وبذلك، فإن الاتفاقية استوفت جميع الشروط الشكلية والموضوعية لنفاذها الدولي، استناداً إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، لاسيما المواد التالية:

• المادة 11: حول وسائل التعبير عن رضا الدولة (التوقيع، والتصديق، والإيداع).

• المادة 26: المعاهدات النافذة تُلزم أطرافها، وعلى كُل طرف تنفيذها بحُسن نية.

• المادة 27: لا يجوز للدولة الاحتجاج بقوانينها الداخلية لتبرير عدم تنفيذ معاهدة دولية.

• المادة 46: لا يُسمح للطعن في صحة الالتزام بمعاهدة استناداً إلى عيبٍ في الإجراء الداخلي، ما لم يكن جوهرياً وواضحاً.

ثالثًا: الأثر القانوني للحُكم

العراقي على الالتزام الدولي

إن الحُكم العراقي الصادر في سبتمبر 2023 يقتصر أثره على البنية القانونية الداخلية للعراق، ولا يُنتج أثراً قانونياً على المستوى الدولي. فالاتفاقية دخلت حيِّز النفاذ، واستُكملت جميع إجراءاتها، وأصبحت مُلزمة ونافذة أمام المجتمع الدولي، ويؤكد ذلك ما يلي:

1. الاتفاقية نُفِّذت في ظل النظام الدستوري القائم، وأقرَّتها المحكمة الاتحادية العليا ذاتها في حُكمها لعام 2014.

2. تم إيداع الاتفاقية رسمياً في الأمم المتحدة، وهو شرط لازم للاعتراف الدولي.

3. ترسيم الحدود البحرية ليس من موضوع الاتفاقية أصلاً، بل تقرَّر بقرار من مجلس الأمن (833/1993).

4. الانسحاب من الاتفاقية أو تعديلها لا يتم إلا باتفاق الطرفين، طبقاً للمادة 54 من اتفاقية فيينا.

رابعاً: موقف الكويت والتزامها بالقانون الدولي

أكدت الكويت، عبر بياناتها الرسمية، أن الاتفاقية تُمثل التزاماً دولياً قائماً، ولا يمكن التراجع عنها أو تعليقها إلا بإرادةٍ مشتركة. ولم تُبد الكويت أي استعداد للتفاوض مجدداً بشأن الاتفاقية، بل جدَّدت تمسكها بحقوقها المشروعة المستندة إلى قرارات مجلس الأمن، والاتفاقيات الثنائية، ومبادئ القانون الدولي العام.

وقد شدَّدت الكويت على أن الممر البحري في خور عبدالله سيظل خاضعاً للتنظيم المشترك وفق ما نصَّت عليه الاتفاقية، بما يحقق الأمن الملاحي، ويحافظ على حُسن الجوار والاستقرار الإقليمي.

خامساً: التفوق القانوني للاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية

تؤكد المبادئ الراسخة في القانون الدولي العام على أن الدولة لا يجوز لها التذرُّع بقوانينها الداخلية للتهرُّب من التزاماتها الدولية. ويذهب الفقيه د. عبدالعزيز سرحان إلى أن الدولة تُسأل دولياً إذا صدر تشريع داخلي يعوق تنفيذ اتفاق دولي، وهو ما يُعرف بـ «مسؤولية الدولة عن أعمالها التشريعية».

ويقول الفقيه الفرنسي Cavare إن الدولة تتحمَّل المسؤولية الدولية أيضاً عن أعمال سُلطتها القضائية إذا تعارضت مع أحكام القانون الدولي، وإن التذرُّع بحجية الشيء المقضي لا يُعفي الدولة من المسؤولية أمام المجتمع الدولي.

وقد كرَّست محكمة العدل الدولية هذا المبدأ في العديد من أحكامها، منها:

• قضية «ويمبلدون» (1923): حيث رفضت المحكمة اعتماد تشريع ألماني لمخالفة معاهدة فرساي.

• قضية «المناطق الحرة» (1930): التي رفضت فيها المحكمة حجية التشريع الفرنسي المناقض لالتزام دولي سابق.

خاتمة

إن حُكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية خور عبدالله هو حُكم ذو طابع داخلي بحت، لا يُنتج أثراً على المستوى الدولي، ولا يُغيِّر من واقع أن الاتفاقية نافذة ومُلزمة للطرفين بموجب قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وتستند الكويت في موقفها إلى أساس قانوني متين، يتضمَّن:

• شرعية دولية مُعترف بها بموجب قرارات مجلس الأمن.

• اتفاقية ثنائية صُودق عليها، وأُودعت أممياً.

• استقرار قضائي سابق صادر عن أعلى سُلطة قضائية عراقية.

وبذلك، فإن أي محاولة عراقية للانسحاب من الاتفاقية أو التنصُّل منها استناداً إلى حُكم داخلي، تظل مخالفة للقانون الدولي، ولا تؤثر على الوضع القانوني القائم، ما لم يتم تعديل الاتفاقية بإرادة متبادلة، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وتظل دولة الكويت ملتزمة بالاتفاقية، حريصة على حُسن الجوار، وتستند إلى القانون الدولي في حماية حقوقها وسيادتها في خور عبدالله.

من الأرشيف

القمة الخليجية الـ 45: على العراق الالتزام بالتعهدات والاتفاقيات

دعا البيان الختامي للقمة الخليجية الـ 45 التي عقدت في الكويت ديسمبر الماضي العراق إلى استئناف اجتماعات الفرق الفنية القانونية المعنية بترسيم الحدود، لما بعد العلامة الحدودية رقم 162، كما دعا العراق للاستجابة لطلب دولة الكويت باستئناف اجتماعات اللجنة الكويتية - العراقية المشتركة لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله.

وشدد المجلس الأعلى على أهمية احترام جمهورية العراق لسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833/1993م (بشأن ترسيم الحدود الكويتية - العراقية البرية والبحرية)، ودعا المجلس الأعلى جمهورية العراق إلى العمل الجاد لاستكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162، كما دعا حكومة جمهورية العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقعة بين دولة الكويت وجمهورية العراق بتاريخ 29 أبريل 2012م، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 5 ديسمبر 2013م، وتم إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر 2013م.

وعبر المجلس الأعلى عن رفضه التام لما تضمنته حيثيات حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق بهذا الشأن، وعن رفضه للمغالطات التاريخية الواردة في حيثيات الحكم، واعتبار أي قرارات أو ممارسات أو أعمال أحادية الجانب تقوم بها جمهورية العراق المتعلقة باتفاقية خور عبدالله باطلة وملغاة، بالإضافة إلى رفضه للإجراء العراقي أحادي الجانب بإلغاء العمل ببروتوكول المبادلة الأمني الموقع عام 2008م وخارطته المعتمدة في الخطة المشتركة، لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله الموقعة بين الجانبين بتاريخ 28 ديسمبر 2014م واللتين تضمنتا آلية واضحة ومحددة للتعديل والإلغاء.

رئيس الوزراء: على العراق الالتزام باتفاقيات خور عبدالله... واستكمال «ترسيم الحدود»

في كلمة دولة الكويت أمام القمة الخليجية – الأوروبية الأولى في بروكسل التي عقدت أكتوبر الماضي، دعا ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، رئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ أحمد العبدالله، العراق إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لمعالجة جميع الملفات العالقة بين البلدين، وفي مقدمتها ترسيم الحدود البحرية لما بعد النقطة 162، وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية، مع الانتهاء من ملف الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية، بما في ذلك الأرشيف الوطني في نطاق متابعة الأمم المتحدة.

وقال سموه خلالها، إنه انطلاقاً من الإيمان بمبدأ حسن الجوار، حرصت دولة الكويت على مساعدة العراق للنهوض بنفسه من خلال العمل الوثيق الهادف لإعادته لوضعه ومكانته الإقليمية بما يحقق آمال شعبه الشقيق، داعياً بغداد إلى ضرورة الالتزام بالاتفاقيات الثنائية ذات الصلة بالجانب الأمني والفني للممر الملاحي في خور عبدالله، لتعزيز مفهوم الحفاظ على البيئة، وتنظيم الملاحة ومحاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة للسلاح والمخدرات والبشر.

«الوزاري الخليجي»: سيادة الكويت خط أحمر

عقب اجتماعه بدورته الـ 164 الذي عقد في الكويت مطلع يونيو الماضي، شدد المجلس الوزاري لوزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية على رفضه القاطع لأي مساس بسيادة دولة الكويت على جميع أراضيها والجزر والمرتفعات التابعة لها وكامل مناطقها البحرية، فهي خط أحمر.

ودعا المجلس، في بيانه الختامي، إلى استكمال ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق لما بعد العلامة البحرية 162، وفقاً لقواعد ومبادئ القانون الدولي، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، مطالباً الحكومة العراقية بالالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقعة بين البلدين بتاريخ 29 أبريل 2012.

جريدة الجريدة الكويتية
تصفح موقع الجريدة الكويتية وابق مطلعاً أولاً بأول على آخر الأخبار المحلية والسياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، كما يوفر لك الموقع التغطيات الجادة لأهم العناوين والقضايا على الساحتين المحلية والعالمية من خلال التقارير الموثقة ومقاطع الفيديو والتحقيقات المصورة. الرئيسية
جريدة الجريدة الكويتية
موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار الكويت:

«الخارجية»: العدوان الإسرائيلي على سورية يقحم المنطقة في المزيد من الفوضى

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
23

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2085 days old | 116,850 Kuwait News Articles | 2,810 Articles in Jul 2025 | 2 Articles Today | from 19 News Sources ~~ last update: 14 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



خور عبدالله... حكاية كويتية لا تزور وحق تاريخي لا ينازع - kw
خور عبدالله... حكاية كويتية لا تزور وحق تاريخي لا ينازع

منذ ٠ ثانية


اخبار الكويت

مختص: آثار خطيرة على الأطفال بسبب الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية - sa
مختص: آثار خطيرة على الأطفال بسبب الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية

منذ ٠ ثانية


اخبار السعودية

أحمد غزي: كنت مرعوب من شخصيتي في قهوة المحطة لأنها معقدة - eg
أحمد غزي: كنت مرعوب من شخصيتي في قهوة المحطة لأنها معقدة

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

سوريا تشارك في أولمبياد الرياضيات العالمي في أستراليا - sy
سوريا تشارك في أولمبياد الرياضيات العالمي في أستراليا

منذ ٠ ثانية


اخبار سوريا

مصر تسدد مليار دولار - ly
مصر تسدد مليار دولار

منذ ٠ ثانية


اخبار ليبيا

صيحة الفساتين البراقة تعود بقوة مع النجمات في صيف 2025 - ae
صيحة الفساتين البراقة تعود بقوة مع النجمات في صيف 2025

منذ ثانية


اخبار الإمارات

إبعاد نهائي للاعب من معسكر المريخ - sd
إبعاد نهائي للاعب من معسكر المريخ

منذ ثانية


اخبار السودان

إسرائيل تتحرك سياسيا لمواجهة خطط الجيش المصري - eg
إسرائيل تتحرك سياسيا لمواجهة خطط الجيش المصري

منذ ثانية


اخبار مصر

الأحد المقبل.. عودة برامج البكالوريوس عن بعد واختبارات منتصف الفصل إلكترونيا عبر الذكاء الاصطناعي - sa
الأحد المقبل.. عودة برامج البكالوريوس عن بعد واختبارات منتصف الفصل إلكترونيا عبر الذكاء الاصطناعي

منذ ثانية


اخبار السعودية

المعتقل (391).. قريب له يكشف عن قصة مأساوية في زنازين النظام المخلوع - sy
المعتقل (391).. قريب له يكشف عن قصة مأساوية في زنازين النظام المخلوع

منذ ثانية


اخبار سوريا

شقيق الصديق القاضي صالح بك الطراونة في ذمة الله - jo
شقيق الصديق القاضي صالح بك الطراونة في ذمة الله

منذ ثانية


اخبار الاردن

We apologize for the inconvenience... - mr
We apologize for the inconvenience...

منذ ثانيتين


اخبار موريتانيا

الصرامي : الشباب وماجد عبدالله سبقوا الهلال في دخول موسوعة جينيس .. فيديو - sa
الصرامي : الشباب وماجد عبدالله سبقوا الهلال في دخول موسوعة جينيس .. فيديو

منذ ثانيتين


اخبار السعودية

الطاقة الأردنية: ارتفاع اسعار المشتقات النفطية عالميا - jo
الطاقة الأردنية: ارتفاع اسعار المشتقات النفطية عالميا

منذ ثانيتين


اخبار الاردن

مصدر قيادي في حماس : تلقينا مقترحات وأفكارا جديدة حول هدن مؤقتة وصفقة جزئية.. وهذا موقفنا منها - ps
مصدر قيادي في حماس : تلقينا مقترحات وأفكارا جديدة حول هدن مؤقتة وصفقة جزئية.. وهذا موقفنا منها

منذ ثانيتين


اخبار فلسطين

رسالة الملك لمسيحيي فلسطين .. وجدان الأردن - jo
رسالة الملك لمسيحيي فلسطين .. وجدان الأردن

منذ ثانيتين


اخبار الاردن

هل يقتدي الحزب بمبادرة جنبلاط؟ - lb
هل يقتدي الحزب بمبادرة جنبلاط؟

منذ ثانيتين


اخبار لبنان

 أ ف ب : الفيليبين تتوصل إلى اتفاق مع الصين - lb
أ ف ب : الفيليبين تتوصل إلى اتفاق مع الصين

منذ ثانيتين


اخبار لبنان

ترامب: 64 دولارا للبرميل سعر رائع للنفط.. ونأمل في مزيد من التراجع - tn
ترامب: 64 دولارا للبرميل سعر رائع للنفط.. ونأمل في مزيد من التراجع

منذ ثانيتين


اخبار تونس

بالصورة- سعر مرتفع جدا لحقيبة يد تيا ديب من Balenciaga..و هكذا ظهرت بالأسود - xx
بالصورة- سعر مرتفع جدا لحقيبة يد تيا ديب من Balenciaga..و هكذا ظهرت بالأسود

منذ ٣ ثواني


لايف ستايل

نتنياهو يقول إنه أمر الجيش بتطوير خطة مزدوجة لإجلاء المدنيين من رفح وهزيمة ما تبقى من حماس - lb
نتنياهو يقول إنه أمر الجيش بتطوير خطة مزدوجة لإجلاء المدنيين من رفح وهزيمة ما تبقى من حماس

منذ ٣ ثواني


اخبار لبنان

محمد منير يؤجل حفله في الإسكندرية بسبب طبيبه - lb
محمد منير يؤجل حفله في الإسكندرية بسبب طبيبه

منذ ٣ ثواني


اخبار لبنان

الرأس المدبر لعمليات تهريب أشخاص عبر مراكب الموت في قبضة المعلومات - lb
الرأس المدبر لعمليات تهريب أشخاص عبر مراكب الموت في قبضة المعلومات

منذ ٣ ثواني


اخبار لبنان

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل