اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
يدفعني الاعتزاز والفخر بموقف جلالة الملك عبد الله الثاني رعاه الله الداعم لأهلنا في فلسطين مسلمين ومسيحيين، الى التأكيد على كل حرف جاء في رسالة جلالته الموجهة لأهل فلسطين وللمجتمع الدولي كله، على إثر الاعتداء السافر من قبل المستوطنين على كنيسة الخضر والمقبرة المسيحية في بلدة الطيبة في رام الله، والتي القاها نيابة عن جلالته غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن.
إن رفض جلالته في الرسالة الهاشمية لهمجية المستوطنين المتطرفين المعتدين على الكنيسة والمقبرة المسيحية وانتهاكهم الصارخ لحرمة الموتى والمقدسات المسيحية والوجود المسيحي في الأرض المقدسة، الى جانب مواصلتهم الاعتداء اليومي على القرى والمدن في الضفة الغربية، يأتي في سياق تاريخ اردني هاشمي كان على الدوام خط الدفاع الأول عن الامة ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، فلطالما كانت النهضة واليقظة ونداء الحرية التي حمل أمانتها الهاشميون عبر التاريخ منذ بعثة جدهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والعهدة العمرية والثورة العربية الكبرى ورسالة عمّان، مسيرة هاشمية عريقة تؤصل للعيش المشترك وحرية المعتقد والعبادة، يقف خلفها رجالات الأمة من مسلمين ومسيحيين يؤمنون بها ويدافعون عنها جنباً الى جنب ، فكان منهم الشهداء والجرحى على ثرى فلسطين والقدس.
واليوم يجب التأكيد على أن الاعتداء على كنيسة الخضر في بلدة الطيبة التاريخية يؤكد أن هذه الجريمة جزء من حرب دينية صهيونية تستهدف المسلمين والمسيحيين، وهو حلقة من حلقات التهويد والعبرنة ضد الهوية العربية الاسلامية والمسيحية الاصيلة في فلسطين والقدس، فالهجوم على كنيسة الخضر والمقبرة التاريخية المسيحية التي تعود للعصور المسيحية الأولى، يستهدف رمزية بلدة الطيبة التي تطلق عليها المصادر المسيحية والاسلامية اسماء مثل (إفرايم وعفرا)، والتي لجأ إليها المسيح عليه السلام قبل صلبه في القدس بأسابيع قليلة طلباً للسلام والأمان، وهي ضمن جغرافيا استراتيجية مهمة على طريق القدس واحدى بوابات تحريرها في عهد صلاح الدين الايوبي قبل معركة حطين التاريخية، كما اشارت لها الخارطة التاريخية الاردنية ( خريطة فسيفساء مأدبا).
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس ترى في رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين نداءاً هاشمياً حكيماً للعالم ومنظماته بضرورة نصرة الحق الفلسطيني ووقف الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية، هذا النداء الذي يؤكد عليه جلالته في كافة المحافل الدولية، وعلى نهجه وثوابته تأتي مقالات وكتب ومبادرات ودعوات صاحب السمو الملكي الامير الحسن بن طلال ، المتصلة بالحق الفلسطيني والكرامة الانسانية وحرية العبادة ، خاصة في هذا الوقت العصيب الذي تطلق فيه حكومة اليمين الاسرائيلية المتطرفة يد المستوطنين في كل فلسطين، وتواصل العدوان والابادة في غزة، واطلاق المخططات الاستيطانية الاستعمارية بما فيها مناقشة ما يسمى مجلس التخطيط الاعلى الاسرائيلي لمقترح بناء (3412) وحدة سكنية في الضفة الغربية مستقبلاً، وفي ظل انشغال عالمي بازمات دولية متعددة، وسط سياسة الكيل بمكيالين والانحياز والدعم الشامل لاسرائيل من بعض القوى العالمية التي تدعي الديمقراطية.
ان الوجود المسيحي التاريخي في فلسطين وما تتعرض له الكنائس والاديرة والمقابر من انتهاك واعتداء اسرائيلي متواصل في القدس وغزة ورام الله وغيرها ، دليل على أننا والعالم امام حرب وجودية دينية استعمارية ترفض الاعتراف بالأديان والوجود التاريخي للشعب الفلسطيني في ارضه، وما يجري هو تنفيذ واضح لبرامج الاحزاب الصهيونية الاسرائيلية الحاكمة التي يعكس عنصريتها تصريحات وزراء التصعيد والتطرف من أمثال بن غفير وسموتريش وغيرهما، الأمر الذي يتطلب موقف دولي حازم وفوري ملتزم بالقرارات الشرعية والقانونية الدولية التي تؤكد على ضرورة وقف الابادة والعدوان الذي يجري في غزة هاشم وكافة الاعتداءات في فلسطين، وعلى حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، كما يتطلب الوضع الحالي وحدة الأمة واحرار العالم وكل الشرفاء ودعاة الحرية وحقوق وكرامة الانسان في العالم ضد همجية الاحتلال وبربريته ضد القيم والاخلاق والفطرة الانسانية.
وسيبقى الاردن شعباً وقيادة صاحبة الوصاية التاريخية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، الداعم والسند لأهلنا في فلسطين مسلمين ومسيحيين مهما كانت التضحيات وبلغ الثمن.
* أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس .