اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
رغم أن فضل شاكر يعمل في ظل إمكانات إنتاجية محدودة وظروف تقنية متقشفة، فإن ذلك لم يمنعه من تقديم أعمال غنائية راقية المستوى خلال الأشهر الأخيرة جعلته متواجداً بقوة، وبأكثر من عمل داخل قوائم الأعلى استماعاً في العالم العربي، إنها العودة التي يحلم بها فنانون لم يغيبوا من الأصل!
«كيفك ع فراقي»، التي طرحها قبل أيام، وشاركه غناءها ولده محمد شاكر، تسببت في عاصفة من الإعجاب والثناء بين جمهور الأغنية العربية، إذ تجاوزت ١٢ مليون مشاهدة على منصة يوتيوب في بضعة أيام، مع آلاف التعليقات المُباركة، منها ما يُثني على جدية العودة، التي أكدها الفنان اللبناني، بانتظامه في طرح الأغنيات الجديدة أولاً بأول، ومنها ما يُثني على موهبة ولده محمد شاكر، الذي يتمتع برنّة صوت أخاذة منبثقة من جينات صوت فضل شاكر نفسه.
مرثية عاطفية
وعلى غرار «أحلى رسمة»، التي افتتح بها فضل سلسلة إصداراته، وكتبتها الشاعرة جمانة جمال، يسير النجم اللبناني على المنوال نفسه في «كيفك ع فراقي»، هذه المرة مستعيناً بالشاعرة سمر الهنيدي. ليؤكد من جديد تمسكه بالاستفادة من خيال وعذوبة العنصر النسائي في صناعة أغنياته. الأغنية باللهجة اللبنانية، وتُعد مرثية عاطفية على علاقة حب انتهت، ولا يستطيع أحد أطرافها التجاوز أو النسيان.
لحّن الأغنية وائل الشرقاوي من مقام الكُرد، مصوّر على درجة «صول دياز»، وتتكون من فكرتين قائمتين على التصاعد اللحني الشجي، حيث تمتلك جملة الكوراس السحر الذي يبقيها في الأذن طويلاً، وتحديداً، حين يشدو فضل «كيفك ع فراقي إذا بعدك متلي بتشتاقي، خلينا بهالعمر الباقي...».
أضاف التوزيع الموسيقي لحسام الصعبي رونقاً خاصاً للحن، فنجد في التوزيع أفضل مزيج بين الطعم التركي والعربي، وهو الشيء المتكرر في أغنيات الصعبي الأخيرة مع فضل شاكر.
فيما قدم آل شاكر أداءً غنائياً يتناسب مع رقة الأغنية، الأب بنبرة صوت تجمع أسى الزمن والخبرات، والابن بنبرة صوت فيها الأمل والحيوية.
عودة الطرب
سبق هذه الأغنية عدد من الأغنيات، التي طرحها فضل شاكر مع مطلع هذا الموسم الغنائي، والتي بدأت بـ«أحلى رسمة»، وكانت فاتحة خير لهذه العودة الفنية.
تبعها شاكر بأغنية «وغلبني» مع فريق العمل نفسه، والتي أعادتنا إلى الروح الطربية الأصيلة، حيث استندت إلى المقامات الشرقية، التي طالما ميّزت صوت فضل شاكر، والأغنية تجمع بين مقامي الكرد والبياتي، ثم جاءت بعدها «الحب وبس» على النهج الفني نفسه، ومن فريق العمل نفسه.
الفن في زمن الحرب
من اللافت للنظر أن هذه الأعمال الغنائية جاءت في ظل ظروف إقليمية وعالمية مضطربة، لا سيما الحرب بين ايران والاحتلال، التي ألقت بظلالها على المنطقة بأسرها، ورغم جودة هذه الأغاني، فإن الأجواء العامة المشحونة بالتوتر والقلق قد تكون قد عطّلت بشكل غير مباشر، مدى انتشارها أو تفاعل الجمهور معها بالقدر الذي تستحقه، فلم تحظ بنجاح «أحلى رسمة» نفسه.
ومع ذلك، فإن صمود فضل شاكر وإصراره على تقديم فن راقٍ وسط ظروف عامة وخاصة تكبحه عن الإبداع، فيه رسالة مثيرة للإعجاب، عن فنان قرر أن يطوي كل صفحات الماضي تباعاً، ولا ينظر سوى إلى فنه.
استفاقة فنية
كل ما سبق، يؤكد أن عودة فضل شاكر إلى الساحة لم تكن مجرد ضربات عشوائية أو لعباً على حنين المستمع، بل هي خطوة محسوبة ومدفوعة بإصرار وخطة عمل، وباستفاقة كبرى لشغفه الفني، والحصيلة المبدئية هي تأكيد أن الجمهور لن يستطيع التضحية بهذا الصوت الطربي الفريد طالما ظل يشدو.
دويتو مرتقب مع شيرين
تتويجاً لهذه العودة الفنية المضيئة، يترقب الجمهور العربي بفارغ الصبر الدويتو، الذي سيجمع فضل شاكر بالنجمة المصرية شيرين عبدالوهاب في أغنية بعنوان «حدوتة»، هذا التعاون الفني لن يكون مجرد دويتو عادي، بل هو لقاء قمتين من ذوي الأصوات الذهبية النادرة في الساحة الفنية، إضافة لكونهما من الفنانين المثيرين للجدل في حياتهم الشخصية، وهو ما يضمن للأغنية زخماً إعلامياً كبيراً.
وما يزيد من أهمية هذا الدويتو هو ما تردد عن محاولات سفر شيرين عبدالوهاب خصيصاً إلى مخيم عين الحلوة، حيث يقيم فضل شاكر، بهدف تصوير الأغنية، هذه الخطوة الجريئة من شيرين تُعد دعماً كبيراً لصديقها القديم وزميلها في الفن، وتُبرهن على عمق العلاقة الفنية والإنسانية التي تجمعهما.