اخبار الكويت
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
خطوة تشريعية غير مسبوقة تعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع وتفتح الباب أمام تجديد القوانين التي تمس الأسرة والمرأة وحقوق الفئات الأضعف في البلاد
أعلنت الكويت عن إطلاق أوسع عملية تشريعية في المجال الاجتماعي منذ أعوام، تهدف إلى مراجعة وتحديث أكثر من 10 قوانين أساسية تمس حياة الأسرة والمجتمع، في خطوة تعد ضمن مسار إصلاحي شامل تتبناه الحكومة لمواكبة التحولات الاجتماعية والقانونية في البلاد. التحرك، الذي تقوده وزارة الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة برئاسة الوزيرة الدكتورة أمثال الحويلة، يهدف إلى إعادة صياغة فلسفة القوانين الاجتماعية لتكون أكثر شمولية وعدالة وواقعية في التعامل مع المتغيرات التي طرأت على المجتمع الكويتي.
بحسب ما أوردته صحيفة 'القبس' الكويتية فإن عملية التحديث تشمل حزمة واسعة من القوانين، في مقدمها قانون الأحوال الشخصية وقانون محكمة الأسرة وقانون الطفل والأحداث، إلى جانب قانون الحماية من العنف الأسري وقانون التعاون وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن قانون الجمعيات الخيرية والمبرات وقانون العقوبات البديلة وقانون مكافحة الإرهاب وتمويله.
وتهدف هذه المراجعة إلى تحديث التشريعات التي تمس الحياة اليومية للأفراد، وتعزيز منظومة الحماية المجتمعية، ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، وتمكين المرأة، وضمان حقوق الطفل وذوي الإعاقة، في إطار رؤية حكومية متكاملة تسعى إلى بناء مجتمع أكثر توازناً وعدالة.
ويتوقع أن تعزز هذه التعديلات موقع الكويت على خريطة الإصلاح الاجتماعي في المنطقة، عبر ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين وتوسيع نطاق الحماية القانونية للفئات الضعيفة. وتؤكد وزارة الشؤون أن الهدف النهائي هو بناء مجتمع آمن ومتوازن يحقق الكرامة لكل أفراده، ويجعل القانون أداة لحماية الأسرة لا لتقييدها.
وفي ظل التحولات السريعة في المجتمع الكويتي ترى الأوساط القانونية أن مراجعة هذه القوانين باتت ضرورة لا يمكن تأجيلها، لضمان أن تواكب النصوص التشريعية تطور القيم والعلاقات الأسرية والاجتماعية، فالأسرة الكويتية اليوم تواجه تحديات جديدة فرضها تغير نمط الحياة ودخول المرأة سوق العمل ومطالب الجيل الجديد بمرونة قانونية أكبر.
وينتظر أن تسهم هذه المراجعة في معالجة عدد من القضايا التي أثيرت خلال الأعوام الماضية، منها ارتفاع معدلات الطلاق وتزايد قضايا العنف الأسري، والحاجة إلى دعم أوسع للمرأة في مجالات العمل والأسرة، فضلاً عن تطوير التشريعات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة بما يضمن دمجهم الكامل في المجتمع.
تشير الإحصاءات الرسمية في الكويت إلى أن قضايا الأسرة ما زالت تشكل محوراً لافتاً في النقاش الاجتماعي، إذ سجلت أكثر من 84 ألف حالة طلاق خلال عام واحد، بمتوسط يقارب 231 حالة يومياً، وفق بيانات رسمية نشرت في الصحافة المحلية، وعلى رغم أن عام 2023 شهد تراجعاً طفيفاً بنسبة 5.3 في المئة مقارنة بالسنة السابقة، فإن الأرقام ما زالت تعكس تحولات اجتماعية متسارعة في بنية الأسرة الكويتية.
وفي المقابل رصدت النيابة العامة منذ عام 2019 أكثر من 9100 حالة عنف أسري، معظم ضحاياها من النساء، وهو ما أعاد إلى الواجهة المطالب بتفعيل برامج الحماية والدعم النفسي.
أما في ما يخص الأشخاص ذوي الإعاقة فتشير بيانات الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة إلى أنهم يشكلون نحو ثلاثة في المئة من السكان، مع مشاركة محدودة في سوق العمل لا تتجاوز 10 في المئة بين الرجال واثنين في المئة بين النساء، مما يعزز الحاجة إلى تطوير التشريعات والفرص الكفيلة بدمجهم الكامل في المجتمع.
جاء هذا التطور ضمن موجة من الإجراءات الإصلاحية التي أطلقتها الكويت منذ تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح قيادة البلاد، ففي خطابه الأول أمام البرلمان خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أكد الأمير أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة، معلناً رؤية شاملة لإصلاح النظام السياسي والإداري داخل البلاد.
ومن أبرز هذه الخطوات حل مجلس الأمة خلال مايو (أيار) 2024 وتعليق بعض مواد الدستور مدة أربعة أعوام، مما أتاح للحكومة مساحة للتحرك ضد ملفات حساسة تشمل قضايا الفساد والتزوير.
وشهد البلد الخليجي كذلك حملة غير مسبوقة لمراجعة ملفات الجنسية، إذ سحبت جنسيات عشرات الأشخاص بناءً على اتهامات بالتزوير أو الحصول عليها بطرق غير قانونية، ويرى المحللون أن هذه الإجراءات تعكس إرادة القيادة في استعادة هيبة الدولة ومعالجة ملفات عالقة.