حدادين يسلط الضوء على دعم الإقتصاد وتحفيز الإستثمار بإستخدام التكنولوجيا

خلال جلسة حوارية في اليوم الأول لقمة الإبتكار والتكنولوجيا للشباب العربي2025 بعنوان :' دور التقدم التكنولوجي في دعم الإقتصاد وتحفيز الإستثمار' والتي نظمتها جمعية فرسان التغيير في عمان الإسبوع الماضي بشراكه مع الجامعة العربية وبإفتتاح كريم من وزير الإتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة د.محمد المومني أجاب نائب رئيس جمعية فرسان التغيير الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي المهندس مهند عباس حدادين رئيس مجموعة جوبكينز عن أسئلة مدير الجلسة واولها ما هو دور التقدم التكنولوجي في دعم الإقتصاد وهل التكنولوجيا جاهزة في العالم العربي لتدعم الإقتصاد؟

جواب:ربط حدادين مؤشر رفاهية الإنسان بإقتصاد البلد فإذا كان الإقتصاد مزدهرا فالمواطن سيعيش بأريحية وهذا لا يتأتى إلا من خلال التقدم التكنولوجي،فهل التكنولوجيا جاهزة ولا سيما في دول الوطن العربي والعالم الثالث؟

أوضح حدادين أن ذلك لن يتحقق الا من خلال الإهتمام بكل من :

أولا :التعليم .

1.التعليم يحمل دائما اسم التربية والتعليم ،فالبوصلة إختلفت اليوم مع وجود الذكاء الإصطناعي والتطبيقات المختلفة من خلال الإنترنت يلجأ اليها الطالب بإستخدام الشاشة اللوحية Tablet حيث أن الفضاء الواسع للإبتزاز والتنمر وسرقة المعلومات في حل واجباته الدراسية وأمور أخرى تستدعي التدخل في تربية الأطفال منذ الصغر بأساليب تربوية جديدة تناسب التقدم التكنولوجي،فالطفل عندما يجلس مع أسرته يكون منفتحا على العالم الخارجي ،فهو بحاجة الى توجيه وإرشاد من مخاطر التكنولوجيا والتي قد تؤدي الى مخالفات قانونية في مراحل متقدمة من عمره خلال تدرجه في الصفوف الأساسية ثم الثانوية والجامعية وتعرضه بعدها للمساءلات القانونية.

2.عدم اللجوء الى التلقين وتخفيف الكم الهائل من زخم المواد الدراسية والتركيز على الأساسيات ومن ضمنها المحافظة على قيم المجتمع ،بالإضافة الى أساسيات العلوم والرياضيات المختلفة؛وفي هذا السياق كيفية التصور بأن طفل الصف الأول يحمل حقيبة مدرسية بوزن قرابة 10كغم لمواد دراسيه تركز على الحفظ بإشراك الأهل في الواجبات المدرسية ؟

3.التطبيق العملي؛الطفل منذ الصف الأول يملك مهارات الدخول على تطبيقات وألعاب على الإنترنت بمهارات مختلفة يجب تنميتها والتدرج معه في مواد عملية تطبيقية تتناسب مع العمر والصف لإكتشاف الأطفال الموهوبين والمبدعين إضافة الى تهيئة الطلاب في المراحل المتقدمة ليكونوا جاهزين لهذه التكنولوجيا .

ثانيا:البنية التحتية الرقمية Physical Infrastructure ؛وهي المسؤولة عن إحباط لدى كثير من المواطنين في إستخدام التطبيقات التكنولوجية نتيجة الإنقطاع العشوائي للخدمات المختلفة وعدم الحصول على ناتجها بالشكل الصحيح لضعف تلك البنية التحتية.

ثالثا: التدريب ؛لتأهيل الطلاب والخريجين لسوق العمل تأهيلا صحيحا،فهناك مهن ستختفي في المستقبل القريب وتظهر مقابلها مهن جديدة أخرى؛فيجب أن تكون الجاهزية بالشكل الصحيح .

بعد أن تم ذكر الثلاثة محركات التي تدعم دور التكنولوجيا في الإقتصاد ،تحدث حدادين عن تلك التكنولوجيا ،والتي قسمها نتيجة خبرته الى نوعين:

النوع الأول ؛تدَخُّل التكنولوجيا الحديثة في الإقتصاد مباشرة، من خلال الشركات التكنولوجية ومنصات التطبيقات ،ففي الولايات المتحدة الأمريكية تساهم التكنولوجيا في 50% من إقتصادها ،فأكبر 5 شركات تكنولوجية في العالم أمريكية وهي Invedia,Apple,Microsoft, Goole,Amazon فلو أُخذت الشركة الأولى Invedia بعين الاعتبار حيث زادت قيمتها السوقية خلال السنتين الماضيتين بأكثر من ترليون دولار لتتخطى الناتج المحلي الإجمالي لليابان والبالغ 4.2 ترليون دولار،وهذه الشركة التي تختص بصناعة الرقائق الالكترونية ومعالجات الشاشات والألعاب الإلكترونية والتي يتم من خلالها تدخلات سياسية بين الدول العظمى ،فمثال هذه الشركة يجب أن يكون المحفز للعرب ؛في التركيز على شركات التكنولوجيا وتطبيقاتها والاتصالات لدعم الإقتصاد الوطني في الأردن بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام ولا يتم ذلك إلا بإستقطاب الكفاءات والرياديين، وهناك مثالين على الكفاءات الأردنية في الخارج ،الرئيس الأمريكي ترمب جلب على طائرته الخاصة عند زيارته للسعودية مهندس أردني اسمه طارق زهدي ليقود شركة في الذكاء الإصطناعي وتطبيقاتها اسمها Humain في السعودية،حيث من المتوقع أن تصل قيمتها السوقية الى 100 مليار دولار ,وهناك مهندس أردني يعمل في ألمانيا مديرا لبرنامج الروبوتات والتي تستخدم الذكاء الإصطناعي في إطلاق المركبات الفضائية للمريخ بالتعاون مع ناسا لإصلاح أعطال المركبات الفضائية وجمع المعلومات والاكتشافات المختلفة اسمه سامي حدادين ،فالتركيز على العنصر البشري يجب أن يكون أحد الأولويات حيث تمتلك الأردن تلك القامات المؤهلة والمبدعه لتقود التقدم التكنولوجي لإنشاء شركات تكنولوجية متميزة،فالأردن لا يريد تصدير كفاءاته،ليفتخر بعملهم في الغرب؛بل يجب الافتخار بعملهم في الأردن والعالم العربي لبنائه،وليكن الشعار 'لا لتصدير الكفاءات '،فكيف يفتخر المسؤولون بتصدير تلك الكفاءآت؟ فشخص واحد يعمل في الخارج بشركة ما يؤدي الى رفع قيمتها الى مليارات من الدولارات.

النوع الثاني :التدخل الغير المباشر للتكنولوجيا في دعم الإقتصاد من خلال تلقي المواطن للخدمة المحوسبة من قبل الحكومة ،لتسهيل الإجراءات وتخفيف نفقات المواطن ،وعكس ذلك أيضا على الشركات المحلية بفتح آفاق جديدة من حيث التسويق الرقمي لإظهار منتجاتها للعالم بالشكل الصحيح لتصب جميعها في الإقتصاد.

وأضاف حدادين في هذا البند بأن التكنولوجيا تدخل في جميع محركات الإقتصاد ،الزراعية من حيث تحسين المنتج الزراعي والعملية التسويقية،والصناعة أيضا من حيث تحسين جودة المنتج وتقليل الكلف والأتمتة،فالذكاء الإصطناعي وتطبيقات التكنولوجيا المتنوعة الإفتراضية وثلاثية الأبعاد تمكن الصانع من رؤية المنتج ، فبالتالي سهلت التكنولوجيا على قطاع الصناعة في تقليل الكلف والإنتاجية والمنافسة بجودة عالية وضمانات تسويقية للعالم الخارجي،وما ينطبق على الصناعة والزراعة ينطبق على بقية المحركات الإقتصادية من سياحة وصحة وخدمات مختلفة ،وعدم نسيان تأثير التكنولوجيا المباشر على الإستدامة Sustainability من حيث توظيف الذكاء الأصطناعي في شبكة ذكية للطاقة من حيث إستخدام الطاقة النظيفة بأقل الكلف من هيدروجين أخضر وطاقة شمسية ورياح.

وأضاف حدادين بأن هناك مشكلة الإزدحامات على الطرق وخصوصا أثناء الذهاب على الدوام الصباحي الى العمل ،فالذكاء الإصطناعي لديه القدرة من خلال برمجيات ولوغاريثمات يتم ربطها بالاشارات الضوئية والكاميرات والحساسات ونظام التتبع العالمي وتحليل للبيانات لحل هذه المشكلة ؛وهي مشكلة الإزدحامات والإختناقات المرورية في عمان والرياض على سبيل المثال ،وهذا سيقود الى المدن الذكية ،لتتحول المدن العربية والعواصم العربية لمدن ذكية،فيجب اللحاق بقطار التكنولوجيا العالمي أو يبقى العرب في مكانهم.

السؤال الثاني:كيف تؤثر التكنولوجيا التي تدعم محركات الإقتصاد في تسهيل الإستثمار؟

أجاب حدادين:إن أي مستثمر عند قدومه الى الأردن ماذا يريد؟يريد بيئة آمنة ويكون مرتاحا وينجح مشروعه ليحقق أهدافه ،فإذا توفرت التكنولوجيا التي ذكرت سابقا ،فإن المستثمر سينتج منتجا منافسا بعد تهيأة أسواق عالمية لتسويق منتجه بالشكل الصحيح،فالمستثمر الذي يريد بناء مجمعا او عمارة لديه الإمكانية للوصول الى أدق التفاصيل في شكل إستثماره فتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي وثلاثية الأبعاد تمكنه من رؤية أدق التفاصيل في الغرف الداخلية وطبيعة عملها، والتعديل كما يرغب،فالجدوى الإقتصادية Feasibility Study تكون واضحة لديه،ويسير بها خطوة بخطوة دون أدنى شك في إجراءات سير المشروع الفنية او أي مخاطر ممكنة الحدوث تكبده أموالا إضافية غير محسوبة تؤثر على سير المشروع.

وأضاف حدادين إن وجود قاعدة بيانات لدى الدولة ستسهل مشروع المستثمر وتساعده في الإختيار، فعلى سبيل المثال إذا إختار المستثمر بناء مستشفى في محافظة الطفيلة سيتمكن من معرفة عدد المستشفيات فيها وعدد المرضى وطبيعة الإختصاصات التي بحاجة اليها للتركيز على إختصاصات معينة،وهذا يقود الى نجاح الإستثمار ورضى المستثمر.

وختم حدادين إجابته على هذا السؤال عن أهمية التكنولوجيا أيضا في تقليل الإقتصاد الرمادي وهو الذي لا يدخل في الناتج المحلي الإجمالي للتهرب من الضرائب ،فالضريبة المحوسبة المستندة الى قاعدة بيانات صحيحة ستصب لصالح المواطن ولصالح المستثمر على حد سواء فتتحقق العدالة وبالتالي ستستفيد الحكومة ،ويظهر الناتج الإجمالي بشكله الصحيح حيث أن الناتج المحلي الإجمالي سيصل الى 70 مليار دولار وهو قيمته الحقيقية بدل قرابة 48 مليار دولار،

ونتيجة لكل ذلك سيرتفع نسبة النمو خلال الثلاث سنوات القادمة ليصل الى 5% بدل من الإنتظار لعام 2033،حيث يسجل هذا العام نسبة 2.8%،مما يؤدي الى زيادة في التوظيف وتقليل البطالة والفقر.

وفي نهاية الجلسة تم توجيه السؤال التالي لحدادين:ما هي الرسالة التي تريد توجيهها الى جامعة الدول العربية؟

أجاب: هناك رسالة على شكل مقترحات ،إذا يجب أن يكون للوطن العربي خارطة طريق تكنولوجية للعقد القادم ،لأن العولمة Globalization إنتهت في العالم فالتدخلات السياسية أدت الى إنقطاع سلاسل الإمداد والتي بدورها تؤثر على الصناعة والمنتج الذي يُصَنع ،فقد أُغلِقَت شركات ألمانية وغيرها في أوروبا ، وحل محل العولمة ما يعرف بالإقليمية أو الأقلمة Regionalization ،فالعالم العربي هو كتلة واحد ،لا يفصل بينه حدود مؤثرة ،تستطيع العبور من الشرق الى الغرب بالسيارة خلال يوم واحد دون إعاقات،وهذا من المفروض أن يتحقق ،لذلك على الوطن العربي بناء شراكات إستراتيجية منها:

أولا: عمل قادة بيانات عربية Data Centres،يجب البدء بالعالم العربي قبل مساعدة الغرب بذلك،فعلى سبيل المثال إذا تم أخذ الزراعة مثالا على ذلك؛من خلال معرفة إحتياجات الدول العربية المجاورة للأردن ودول الخليج من المنتجات الزراعية يتمكن الأردن من توجيه الزراعات لسد تلك الاحتياجات إن أمكن من خلال تصديره لتلك المنتجات لهذه الدول،وكذلك تبادل معرفة مكافحة الآفات الزراعية من خلال معرفة تجارب دول عربية أخرى،ويتم القياس على ذلك بإنشاء قاعدة البيانات للتخصصات الأخرى؛فالأردن مثلا يمتلك كوادر طبية في جميع الإختصاصات يتم تسجيلها من خلال قواعد البيانات للإستفادة منها في الوطن العربي ولكل دولة حسب الحاجة لسد حاجتها من التخصصات المفقودة او التي فيها نقص.

ثانيا:نتيجة للتقدم العالمي في التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي يتواصل الطلب في تلك الصناعات والتطبيقات على الرقائق الإلكترونية ،حيث تُحتكر عالميا لصالح ثلاثة شركات وهي شركة TSMC في تايوان والتي قد يشعل الصراع عليها حربا عالمية ثالثة، وشركة في أوروبا في هولندا تدعى ASML والثالثة شركة Invedia في الولايات المتحدة،فالسؤال :لماذا لا يكون هناك شركة للرقاقات الإلكترونية في الوطن العربي؟ حيث أن جميع الصناعات التكنولوجية تدخل فيها هذه الرقاقات، ليصبح العالم العربي مُصدّرا للتكنولوجيا بدل من مستوردا لها .

ثالثا وأخيرا:إنشاء ما يلي :

1.مركز بيانات وذكاء إصطناعي وربطه بالشركات التكنولوجية العربية.

2.إنشاء مركزا تدريبيا للتكنولوجيا الحديثة وجميع تطبيقاتها وأهمها الذكاء الإصطناعي والبرمجيات المختلفة لتأهيل الكفاءات العربية.

3.إنشاء مركزا للريادة والإبتكار والتميز لدعم جميع الأفكار العربية،للتقدم بالتكنولوجيا والذهاب بها لمستقبل مزدهر.