اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٢ أيار ٢٠٢٥
السوسنة- في عصر أصبحت فيه البيانات الشخصية من أثمن الأصول الرقمية، والتتبع عبر الإنترنت أمرًا شائعًا بشكل غير مسبوق، تبرز الخصوصية الرقمية كأحد أكثر القضايا إلحاحًا. فعمليات التصفح اليومية، سواء تعلق الأمر بالبحث عن وصفة طعام أو قراءة الأخبار أو إدارة الحسابات المصرفية، قد تعرّض المستخدمين بشكل مستمر لمخاطر متعددة، مثل المراقبة والتعقب وتسرب المعلومات. من هنا، لم يعد الأمن السيبراني خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة حتمية. وتشير إحصائية صادرة عن موقع Statista عام 2024 إلى أن أكثر من 4.7 مليار سجل بيانات تعرّض للاختراق خلال النصف الأول فقط من العام—رقم مذهل، لكنه يعكس واقعًا مقلقًا.
في عالمٍ تسوده البيانات، لا يكفي أن 'تثق' في المنصة أو الموقع. يجب أن تكون مجهزًا بأدوات الخصوصية المناسبة لحماية نفسك. هذا لا يعني بالضرورة أن تصبح خبيرًا تقنيًا، بل أن تتعرف على الأدوات الأساسية التي تحصّنك من أعين المتطفلين. وإليك بعضًا منها، باختلاف وظائفها وأسلوبها، لكن يجمعها هدف واحد: تصفح آمن.
1. أدوات التشفير أساس الحماية
التشفير ليس مجرد كلمة تقنية، بل هو الحاجز الأول بينك وبين المخترقين. تخيّل أن ترسل رسالة، لكن بدل أن تُقرأ مباشرة، تُحوّل إلى رموز لا يفهمها إلا من يملك المفتاح الصحيح. هذا بالضبط ما يفعله التشفير. العديد من المتصفحات تعتمد بروتوكول HTTPS المشفر، لكنه ليس كافيًا دومًا. لذلك يُنصح باستخدام أدوات خارجية للتشفير مثل HTTPS Everywhere، والتي تفرض استخدام الاتصال الآمن حتى على المواقع التي لا تطبّقه افتراضيًا.
2. شبكات VPN الحامي من خلف الستار
من أبرز أدوات الخصوصية وأكثرها فاعلية هي شبكات الـ VPN. تخفي عنوان الـ IP الحقيقي وتعيد توجيه الاتصال عبر خوادم مشفرة، مما يجعل من الصعب تتبع نشاطك أو تحديد موقعك. عند استخدام VPN للكمبيوتر فأنت تحظى بدرجة عالية من الأمان، خصوصاً عند الاتصال بشبكات Wi-Fi العامة، والتي تُعد هدفاً مفضلاً للمخترقين. وبخلاف الظن الشائع، الشبكات الخاصة الافتراضية ليست حلاً حصرياً للمتخصصين، بل باتت اليوم متاحة وسهلة الاستخدام للجميع.
3. أدوات حظر التتبع لا تترك أثراً خلفك
كل نقرة، كل موقع تزوره، كل إعلان تتفاعل معه يتم تتبعه. شركات الإعلان العملاقة تعتمد على ملفات تعريف الارتباط (Cookies) لتكوين ملف رقمي عنك. لحماية نفسك من هذا النوع من المراقبة، هناك أدوات مثل Privacy Badger و uBlock Origin، والتي تمنع هذه الكوكيز من جمع معلوماتك أو إعادة استهدافك لاحقاً بإعلانات مريبة. قد يبدو الأمر بسيطاً، لكنه فعّال للغاية في حماية بياناتك من الاستغلال التجاري.
4. المتصفحات الخاصة ابدأ من نقطة نظيفة
قد يكون متصفحك الحالي هو أول مصدر للمعلومات المسربة عنك. من هنا تأتي أهمية استخدام متصفحات تضع الخصوصية في المقام الأول مثل Brave أو Tor Browser. الأخير على وجه الخصوص يعتمد على مبدأ 'الطبقات'، فيمر الأتصال بعدة خوادم متفرقة حول العالم، مما يصعب أي محاولة لتتبعك. هذه المتصفحات لا تحتفظ بسجل التصفح، ولا تسمح للكوكيز بالتطفل عليك. بمعنى آخر، تصفح بلا أثر.
5. مدير كلمات المرور لا تحفظ كلماتك في رأسك فقط
هل تستخدم نفس كلمة المرور لأكثر من موقع؟ إذاً أنت في خطر. أدوات مثل Bitwarden أو 1Password تساعدك في إنشاء كلمات مرور معقدة وتخزينها بأمان. كلمة مرور واحدة فقط تحتاج لحفظها، والباقي تتكفل به الأداة. الأمر لا يتعلّق فقط براحتك، بل بحماية بياناتك من التسرب عبر نقاط الضعف الشائعة كإعادة استخدام كلمات المرور.
6. الخدمات الشاملة مثل VeePN أكثر من مجرد VPN
الأدوات المنفصلة مفيدة، نعم، لكن ماذا لو كنت تبحث عن حل شامل؟ هنا تأتي أهمية خدمات مثل VeePN التي لا توفر فقط شبكة VPN مشفرة، بل تدمج معها أدوات حظر الإعلانات، مكافحة التتبع، وخيارات مخصصة للمستخدمين المتقدمين. الخدمة تعمل على مختلف الأنظمة والأجهزة، وتدعم التشفير المتقدم، مما يجعلها خياراً ممتازاً لمن يريد الحماية الكاملة دون الحاجة لتثبيت عشرات الإضافات.
هل الخصوصية مستحيلة؟ لا، لكنها تحتاج وعيا
قد يظن البعض أن الخصوصية الكاملة غير ممكنة، وهذا صحيح جزئياً. لكن هذا لا يعني الاستسلام. كل إجراء تتخذه من استخدام VPN إلى اختيار متصفح خاص يقلل من مخاطر تعرضك للاختراق أو الاستغلال. فكر في الأمر كقيادة سيارة: لن تضمن أبداً طريقاً خالياً من الحوادث، لكنك تضع الحزام وتفحص المكابح، أليس كذلك؟ كذلك هو الأمر على الإنترنت.
إحصائيات تعزز الوعي
أكثر من 80% من المستخدمين لا يغيرون كلمات مرورهم بعد تسرب البيانات، بحسب Forbes.
حوالي 67% من تطبيقات الهواتف الذكية تشارك بيانات الموقع مع طرف ثالث، بحسب دراسة Norton.
استخدام VPN يزيد من خصوصيتك بنسبة تصل إلى 85%، وفق دراسة أجرتها Comparitech عام 2023.
خلاصة الرحلة الرقمية
تصفحك اليوم يجب ألا يكون مجرد نشاط آلي، بل فعل واعٍ مدروس. أدوات الخصوصية موجودة، فعالة، ومتنوعة. والأهم من ذلك، أنها ليست حِكراً على الخبراء، بل متاحة لكل من يرغب في تصفحٍ آمن، محمي، وحر من أعين الرقابة الرقمية. حماية البيانات تبدأ بخطوة فهل اتخذتها؟
إذا لم تفعل بعد، ابدأ الآن. اختَر أداة. فعّل VPN. غيّر متصفحك. لأن الخصوصية، ببساطة، ليست خياراً إضافياً. إنها أساس وجودك الرقمي.
اقرأ المزيد عن: