اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
رم - بقلم - محمد متعب احمد الفريحات
كأنما استيقظت روح الطموح من بين جدران الحجر الأبيض في صرح الجامعة الأردنية، لتخط على لائحة المجد رقما جديدا، يروي للعالم حكاية وطن يصنع مستقبله من رحم التحديات. أن تحتل الجامعة الأردنية المرتبة 324 في تصنيف QS العالمي لعام 2026، هذه ليست مجرد أرقام، بل ترجمة حقيقية لرحلة شاقة من الكد والسهر والتخطيط المحكم.
تقدمت الجامعة 44 مرتبة دفعة واحدة، في قفزة تشبه تلك الوثبة التي لا يجيدها إلا من شحذ عزيمته، وحدد هدفه، ومضى إليه بخطى الواثق. لم يكن هذا الصعود وليد المصادفة، ولا صدفة عابرة في مهب التصنيفات المتغيرة، بل هو ثمرة خطط استراتيجية نسجت بعناية، وقرارات مدروسة تناغمت مع روح العصر، ووعي متقد بأهمية التميز في بيئة أكاديمية تتسم بالتنافس الشرس على المستوى العالمي.
السمعة الأكاديمية للجامعة لم تعد محصورة في أروقة الوطن، بل عبرت الحدود، ووصل صداها إلى آذان الخبراء والباحثين ومؤسسات التصنيف الدولية، متكئة على إرث عريق، ومؤشرات أداء علمي وبحثي آخذة في الصعود. أما تأثير الخريجين، فحدث ولا حرج، فهم سفراء الجامعة إلى ميادين العمل والعلم، يتركون بصمتهم في كل مجال، كأنهم امتداد حي لرسالتها الخالدة.
الجامعة الأردنية لم تكتف بأن تكون أم الجامعات لقبا يتغنى به أبناؤها، بل حرصت أن تكون نموذجا يحتذى، يفرض نفسه في الساحة الأكاديمية العالمية. في معاملها ومختبراتها، في قاعاتها ومدرجاتها، في محاضراتها ومشاريعها البحثية، ينبض قلب المعرفة، وتبذر بذور التقدم. إنها جامعة لا تلهث خلف التقييمات، بل تصنعها، وتشكل محتواها بجهد كوادرها، وإخلاص إداراتها، وسواعد طلبتها الباحثين عن التميز.
التركيز على البحث العلمي لم يكن خيارا هامشيا، بل ركيزة أساسية في صعودها. فمعامل الاستشهاد العلمي لم تعد رقما خاملا، بل مقياسا حيويا لقيمة إنتاجها المعرفي. ومع هذا الزخم، تقف الجامعات الأردنية الأخرى أمام خيار لا يقبل التردد، أن تحذو حذو الأردنية، وأن تستلهم من تجربتها، وأن تفكك أسرار النجاح لا لتكررها، بل لتعيد صياغتها بروحها الخاصة، حتى تتكون في الأردن منظومة أكاديمية تنافس الكبار، وتفرض نفسها بجدارة.
هي ليست مجرد جامعة، بل منارة مضيئة للعلم والعلماء، تشع من قلب العاصمة الأردنية، لتنير دروب المعرفة في كل اتجاه. في أروقتها تتلاقى العقول النيرة، وتروى جذور الفضول العلمي، كأنها شجرة نادرة، كلما سقيت بالاجتهاد، أثمرت تميزا. هي بيت الخبرة، وورشة العقول، وفضاء واسع يعلو فوق ضيق الإمكانات، لأن الإيمان بالرسالة هو ما يصنع الفارق، لا حجم الميزانيات. في كل قسم من أقسامها ينبض حلم، وفي كل مشروع بحثي تتكون شرارة قد تغير وجه المستقبل. إنها جامعة تؤمن بأن رسالتها لا تقف عند أسوارها، بل تمتد لتصوغ الوعي، وتبني الإنسان، وترتقي بالوطن.
وللجامعة الأردنية طموحات لا تقف عند حدود التصنيفات، بل تسعى بثقة لمزاحمة أعتى الجامعات وأعرقها في صدارة المشهد الأكاديمي العالمي. تملك من الإرث ما يجعلها أهلا لذلك، ومن كفاءة العقول وطاقاتها الإبداعية ما يمكنها من المنافسة بندية لا تعرف الخوف. فهي لا تنتظر أن تمنح مكانتها، بل تعمل لتنتزعها بجدارة، بعزيمة مواردها البشرية، أساتذة وباحثين وطلبة، الذين آمنوا أن التقدم ليس هبة، بل استحقاق ينتزع بالعمل والابتكار والتفوق. الجامعة الأردنية تكتب الآن فصلا جديدا في مسيرتها، فصلا عنوانه: لا حدود للطموح، عندما تقودك الرؤية، ويشدك المجد.
الكاتب - محمد متعب احمد الفريحات