اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
ما بين 'الزيتون' و'الكلاب' و'الفراشة'!
كمال ميرزا
من وحي موسم الزيتون، قمتُ بنحت مَثَل جديد علّه يدخل قاموس الأمثال الشعبيّة:
'فلان بتبعّر قبل ما يفرط'!
و'يفرط' هنا بمعنى 'يقطف' بالفصحى، أو 'بلئّط' باللهجة المدنيّة.
أمّا 'التبعّر' فهو قيام رقيقي الحال من المعوزين بالطواف على أشجار الزيتون التي انتهى أصحابها من قطافها بالفعل، بحثاً عن حبّة نسيتها أيدي 'الفرّيطة' هنا وحبة هناك، وجمع ما تيسّر من ثمار الزيتون على أمل بيعها لتحصيل مبلغ ولو زهيد، أو على الأقل من قبيل المونة بعد 'الرَصْع' (التخليل).
بالعودة إلى مَثَلي المُقترَح، فهو يمكن استخدامه للتعبير عن خسّة شخص ما، أو 'سقاطته'، أو بُخله و'فطاسته' وشحّ نفسه!
هل يسري هذا المثل يا ترى على الأنظمة والحكومات العربيّة في تعاملها مع شعوبها؟
هل يسري على الشعوب العربيّةو في تعاملها مع بعضها البعض؟
وهل يسري على المشاركين في قمّة 'ترامب' والمؤيّدين لخطته المزعومة لـ 'السلام': تبعّروا قبل أن يفرطوا!
هذه ليست أول مرّة أحاول فيها نحت مَثَل شعبيّ، سبق لي وأن اقترحتُ مَثَلاً يقول:
'فلان مدبوغ بخـ... (روث) تشلاب (كلاب)'.
المثل مُستلهَم من معلومة غريبة ولكن حقيقيّة؛ قديماً كان الدبّاغون، أي العاملون في مهنة دباغة الجلود، يستخدمون روث الكلاب في عملية الدباغة.
يبدو أنّ روث الكلاب فيه مركّبات كيميائيّة تساعد في عملية 'الأكسجة' أو 'الهدرجة' أو أيّاً كانت التسميّة العلميّة الدقيقة التي تصاحب عملية دبغ الجلود.
وطبعاً كانت هناك مهنة جانبيّة على هامش مهنة دباغة الجلود هي مهنة جمع روث الكلاب.
مرّة أخرى، هل يمكن أن يسري هذا المَثَل الثاني على 'ترامب' وقمّته والمطبّلين والمزمّرين لها والمتماهين مع خطته للسلام؟!
المَثَل الثالث الذي سبقت لي محاولة نحته يأخذ قالب الحواريّة المشهور:
قالوا: يا فراشة شو وقّفك على الوسخ؟
قالت: يعني أنا لقيت ورد أوقّف عليه وقلت لأه!
هذا المَثَل لا يحتاج إلى حيرة، فهو يسري على فصائل المقاومة الفلسطينيّة التي اضطرت للرضوخ لضغوطات الأنظمة العربيّة والإسلاميّة، والقبول بوساطتها، وتصديق وعودها وعهودها وضماناتها، والدخول في المفاوضات، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار.. رغم معرفة هذه الفصائل جيّداً بتهافت الأنظمة العربيّة والإسلاميّة، وخساسة وخباثة الصهيونيّ والأمريكيّ ومكرهما!
ملاحظة: الصيغة الأصليّة للمَثَل كانت 'يا ذبّانة' (ذبابة) شو وقّفك على الوسخ؟ ولكن بما أنّ الحديث هنا هو عن المقاومة الفلسطينيّة في غزّة وحاضنتها الشعبيّة، أطهر أهل الأرض، فقد اقتضى التعديل!