اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
ظاهرة التعديل الوزاري في الأردن.. بين ضغوطات التشكيل وحقّ الرئيس #عاجل
مالك عبيدات - أكد سياسيون وخبراء اقتصاديون أن التعديلات التي يُجريها رئيس الوزراء على الحكومة عادةً ما تأتي نتيجة لتدخلات في مرحلة التشكيل من قبل جهات مختلفة، بالإضافة إلى العلاقات الشخصية التي تربط الرئيس ببعض المرشحين.
وأضاف المتحدثون لـ الاردن24 أن رئيس الوزراء عادة ما يُجري تقييمًا لأداء وزرائه بعد التشكيل، ويكتشف أوجه الخلل، ما يدفعه للاستغناء عن الوزراء الذين تثبت عدم كفاءتهم أو أولئك الذين فُرضوا عليه في المرحلة الأولى.
العبادي: عوامل تجعل من التعديلات الوزارية ظاهرة مستمرة
وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور ممدوح العبادي، إن تشكيل الحكومات لا يتم عادة بقرار منفرد من الرئيس، بل تُفرض عليه بعض الأسماء من عدة جهات، ما يضطره لاحقًا للتخلص من بعضهم.
وأضاف العبادي لـ الاردن24: 'الأصل أن أداء الوزراء هو المعيار الأساسي لبقائهم في مواقعهم أو خروجهم من الحكومة، وفي هذه الحالة يكون للرئيس صلاحية اتخاذ القرار المناسب'.
وأكد العبادي أن غياب الحكومات الحزبية القادرة على اتخاذ قرارات مستقلة في الترشيح، إلى جانب استمرار تدخل عدة أطراف في تشكيل الحكومة، سيُبقي 'التعديلات الوزارية' ظاهرة مستمرة.
الفلاحات: تكرار التعديلات مرتبط بـ 'كثرة الطباخين'
ورأى السياسي العريق، سالم الفلاحات، أن السبب الحقيقي وراء تكرار التعديلات الوزارية عائد إلى 'كثرة الطباخين' وتعدد الجهات المتداخلة في هذا الملفّ، وعدم تعيين وزراء وفقا لبرامج سياسية حقيقية.
وأضاف الفلاحات لـ الاردن24 أن سياسية 'الترضيات وتوزيع الجوائز' هي السائدة في تشكيل الحكومات الأردنية، إلى جانب تعدد 'الأيدي' التي تعيّن الوزراء، ما يُربك الرئيس ويعيق عمل الحكومة.
وعبّر الفلاحات عن أمله في أن يكون أي تعديل وزاري مستندا على تقييم الأداء، مستدركا بالقول: 'ما يجري في العادة هو العكس تماما، حيث يتم التعديل وفقا لأسس مختلفة؛ إما لخلافات شخصية أو مخالفة الوزير رأي الرئيس في قضية ما'.
وختم الفلاحات حديثه بالقول إن الأصل بالوزير أن يمارس صلاحياته منذ تكليفه وحتى انتهاء عمله، مشيرا إلى أن غياب الأحزاب والنقابات المهنية له دور كبير في تهشيم مؤسسات الدولة، سيما وأن لدينا تجربة منذ (70) عاما، قبل أن يتمّ احباط التجربة.
البشير: 'تكرار التعديلات' يعكس أزمة داخل الحكومة
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن تشكيل الحكومات في الأردن غالبًا ما يخضع للعلاقات الشخصية، بالإضافة إلى تدخلات أمنية وغير أمنية، تُسهم في فرض بعض الوزراء على التشكيلة الحكومية.
وأشار البشير إلى أن السياسيين المقرّبين من دوائر القرار هم فقط من يتداولون هذه المعلومات، بينما تبقى بقية القوى على هامش القرار، دون تأثير يُذكر في التعديلات.
وأضاف البشير لـ الاردن24 أنه يعارض مبدأ التعديل المتكرر، مشددًا على ضرورة بقاء الوزراء في مناصبهم حتى انتهاء ولايتهم، معتبرًا أن تعيينهم يتم في الغالب على أسس شخصية لا تستند إلى تمثيل القوى المجتمعية أو السياسية.
وختم البشير بالقول إن استمرار التعديلات الحكومية يعكس أزمة علاقات داخلية بين الرئيس والوزراء، في ظل غياب قوى سياسية فاعلة مُمثلة في البرلمان والحكومة.
زوانة: حقّ سياسي للرئيس
من جانبه قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة ان التعديل الوزاري في الحكومات الأردنية هو حق سياسي لرئيس الحكومة، يطلبه عند الحاجة لتقوية عصب حكومته وتجديد دمائها. خصوصًا أن عمر الحكومات في الأردن بات يمتد لسنوات أطول، وهذا يمنحها فرصة لتحقيق نتائج حقيقية على الأرض إذا أحسنت العمل.
وأضاف زوانة لـ الاردن٢٤ أن هذا التعديل يتطلب أمرًا مهمًا: ألا يكون التعديل شديد التكرار، لأن كثرة التعديلات في الحكومة الواحدة قد تعكس شيئًا سلبيًا، مثل سوء الاختيار من البداية، أو ضعف في القيادة، أو حتى العزف على لحن لا يُطرب ولا يُقنع.
وتابع زوانة: 'أعتقد أن رئيس الحكومة، وبحكم خبرته الطويلة في أروقة القرار الأردني، يدرك جيدًا أن الوقت قد حان لـ 'شدشدة بعض البراغي' داخل الفريق الوزاري، وأن يُطعّم حكومته بدماء جديدة قادرة على العطاء'.
وقال زوانة: 'ما نأمله، أن يتم اختيار هذه الدماء الجديدة بناء على معيار واحد فقط: القدرة على الإنجاز... أو كما نقول بالإنجليزية، 'Who is able to deliver'.
ولفت إلى أن 'أي وزير، ينجح حين يفهم قدرة جهاز وزارته، ويعرف من في كادره يستطيع، وما طبيعة هذه الاستطاعة. لأن دوره في وزارته يشبه دور رئيس الوزراء، فهو يقود فريقًا كاملاً. وبالمثل، ينجح رئيس الوزراء عندما يختار فريقه الوزاري بنفس هذا الفهم العميق، لأن الوزراء هم كادره، وهم انعكاس مباشر لخياراته ومشروعه السياسي والإداري'.