اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
عامان كاملان: جهاد وصبر #عاجل
كتب د نبيل الكوفحي
…
لو عدنا عامين كاملين لقبل السابع من هذا الشهر، وسألنا أنفسنا او بعضنا من الخبراء العسكريين والسياسيين سؤالا افتراضيا : هل يمكن لفئة قليلة العدد والعدة ومحاصرة ان تصمد امام أكثر جيوش العالم همجية وتسليحا وعدة لا يمكن مقارنتها ومدعومة سياسيا وعسكريا وماليا من دول عظمى؟! أظن ان هناك حالة من الإجماع المطلق لدى كل اولئك ان هذا الفرض مستحيلا . نعم فذلك مستحيل بكل مقاييس البشر، وبكل النظريات التي تُدرس، وبكل التحليلات التي تُصاغ.
حسابات رب البشر ليست كحسابات البشر، فكلامه سبحانه واضح في القرآن الكريم ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، ويذكرنا ايضا بمعركة بدر الكبرى ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون ). والتاريخ الإسلامي مليء بهكذا أمثلة من الانتصار بعدد وعدة قليلين. وقد حصر سبحانه وتعالى النصر للمؤمنين له وحده بقوله ( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّه إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
ان الصبر على الموت والجراح والتشريد والجوع والمرض الذي امتد لعامين في غزة غير سنوات طوال خلت لم يكن بجهد بشر فحسب، بل كان تثبيتا من عند الله وعونا من عنده، ورافقه وآلم الكرام العجز والخذلان العربي والإسلامي وخيانة البعض. ولئن كان ثمن ذلك كبيرا وفادحا فهذا متعلق بأهمية المعركة؛ فهي حرب وجود لا حدود، ودفاع عن دين الله واهله وليس عن منافع او مساحات ارضية. لقد ضرب اهل غزة ومجاهدوها اعظم الامثلة في التضحية والصبر والصمود، مما لفت أنظار العالم من جديد إلى فلسطين. ويكفي انهم كسروا مهابة الجيش الذي لا يقهر وأوغلوا فيه قتلا وتدميرا بفضل الله.
ان حقيقة وحجم ما جرى من تحول في الكثير من دول العالم الغربي والشرقي تجاه الرواية الصهيونية والرؤية التلمودية والزعم بالحقوق التاريخية كثير وعظيم، سيكون له ما بعده، وما رأيناه من حركات احتجاج ومظاهرات تنديد بالعدوان والابادة الجماعية ومحاولات لكسر الحصار عبر أسطول الصمود وغيره، ليمثل دلالة عظيمة نحو تغير حقيقي في تضاؤل التأييد لهذا الكيان الغاصب. برغم كل ذلك لم يتبلور إلى موقف سياسي يودي إلى وقف العدوان، لكن مواقف دول كثيرة كجنوب افريقيا وإسبانيا وكولومبيا وبلجيكا وأيرلندا والبرازيل وغيرها سيكون لها امتداد وتوسع، خاصة بعد سلسلة الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية لدول جادة وأخرى تحت ضغوط شعبية ومناورة.
الانحياز الأمريكي المجرم للعدو والتخاذل العربي المهين كان لهما أبلغ الاثر في استمرار العدوان والإبادة، وان مبادرة المجرم ترامب الأخيرة والتي اعتبرها البعض الفرصة الأخيرة، لن تكون محل ثقة من أهل غزة وفلسطين و الشعوب العربيه كذلك، لكننا نحترم كشعوب قرارات قيادات غزة وتقدير مصلحة الظرف والمكان والحال في ظل استمرار العدوان والتجويع وتخلي القريب والبعيد. لن تكون هذه المعركة الأخيرة، لكنها اكثر المعارك تدميرا للكيان الصهيوني وستكون نقطة انعطاف في تفككه وسقوطه السريع باذن الله. ولا زلنا نؤمن بقوله تعالى في سورة الإسراء ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا )