لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
رغم اقتراب موسم دراما رمضان 2026، وبدء الكشف عن ملامح الخريطة الدرامية الجديدة، يلاحظ المتابعون استمرار غياب عدد من كبار نجوم الفن المصري الذين شكّلوا عبر عقود طويلة العمود الفقري للدراما العربية، وأحد أهم أسباب تعلق الجمهور بالشاشة الصغيرة في الشهر الفضيل.
فالدراما المصرية التي طالما كانت مرآة للواقع وذاكرة للوجدان، تعيش اليوم مرحلة تبدو فيها خالية من أصواتها الأثيرة ووجوهها الراسخة التي صنعت مجدها الذهبي، ما يفتح باب التساؤلات حول أسباب الغياب، وإلى أي مدى أصبح المشهد الدرامي المعاصر رهين جيل جديد من الأبطال والإنتاجات السريعة.
عادل إمام.. 'الزعيم' الذي ترك فراغًا لم يُملأ بعد
يُعدّ الفنان عادل إمام أبرز الغائبين عن دراما رمضان منذ عام 2020، حين قدّم آخر أعماله التلفزيونية 'فلانتينو'، الذي عُرض على شاشة رمضان في ذلك العام.
ومنذ ذلك الحين، لم يظهر 'الزعيم' في أي عمل جديد، سواء درامي أو سينمائي، ما أثار موجة من الحنين بين جمهوره الذي اعتاد حضوره الدائم كل عام بعمل يثير الجدل ويحقق نسب مشاهدة مرتفعة.
غياب عادل إمام، الذي مثّل لعقود ظاهرة فنية استثنائية تجمع بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الواقعية، يُعدّ من أبرز مظاهر التراجع في حضور جيل الكبار على الشاشة، خاصة أن أعماله الرمضانية كانت تشكّل حدثًا فنيًا يتصدّر حديث الموسم قبل عرضه وبعده.
يسرا.. الغياب الثاني بعد تألق طويل
أما النجمة يسرا، التي لطالما اعتبرها النقاد 'وجه رمضان الأنيق'، فقد غابت عن الموسم الرمضاني منذ 2023 بعد عرض مسلسلها الأخير 'ألف حمدالله على السلامة'، الذي قدّمها في إطار اجتماعي خفيف.
ورغم أنها كانت من أكثر النجمات حرصًا على الوجود سنويًا بعمل رمضاني جديد، فإنها اختارت في العامين الأخيرين الابتعاد عن السباق الدرامي، في خطوة فسّرها البعض بأنها استراحة فنية مقصودة، بينما رآها آخرون انعكاسًا لتحولات السوق الدرامي واتجاهاته الجديدة، التي باتت تركز أكثر على وجوه الشباب والمنصات الرقمية القصيرة.
يسرا التي تمتلك رصيدًا ضخمًا من التجارب الدرامية الناجحة مثل 'حرب أهلية' و'خيانة عهد' و'لدينا أقوال أخرى'، تركت فراغًا واضحًا في المشهد الرمضاني، لا سيما في فئة الدراما الاجتماعية الراقية التي كانت تمثّلها ببراعة.
ليلى علوي.. الغياب بعد 'دنيا تانية'
الفنانة ليلى علوي، التي ارتبط اسمها بعصر الدراما الهادفة والمضامين الإنسانية، لم تشارك في أي عمل رمضاني منذ 2022، بعد عرض مسلسلها 'دنيا تانية'، الذي تناول قضايا اجتماعية حساسة تتعلق بالأمومة والخيانات الزوجية.
ومنذ ذلك الحين، اكتفت ليلى علوي بالمشاركة في عدد من الفعاليات الفنية والمهرجانات السينمائية، دون الإعلان عن مشاريع درامية جديدة، رغم رغبة جمهورها في رؤيتها من جديد في أدوار تليق بتاريخها.
ويعتبر غيابها امتدادًا لحالة من العزوف النسبي عن الدراما التي تعاني من تضييق في الإنتاجات الموجهة للنجوم الكبار، مقابل توجه صناع السوق نحو أعمال شبابية قصيرة تستهدف جمهور المنصات الرقمية.
يحيى الفخراني.. الغياب بعد 'عتبات البهجة'
بدوره، يواصل الفنان يحيى الفخراني غيابه عن الدراما بعد آخر ظهور له في مسلسل 'عتبات البهجة' عام 2024، الذي شكّل عودة مؤقتة بعد فترة من التوقف.
ويُعدّ الفخراني أحد أعمدة الدراما المصرية الكلاسيكية، إذ ارتبط اسمه بأعمال خالدة مثل 'الليل وآخره'، 'عباس الأبيض في اليوم الأسود'، و'الخواجة عبدالقادر'.
الناقد الفني أحمد حسين صوان: غياب النجوم الكبار ليس محض صدفة
يرى الناقد الفني أحمد حسين صوان أن استمرار غياب هذه الأسماء الكبرى ليس محض صدفة، بل نتيجة تفاعل عدة عوامل فنية واقتصادية وثقافية.
يقول صوان: الدراما المصرية تشهد منذ سنوات تحوّلًا في بنيتها الإنتاجية والذوقية، ما جعل الفرص المتاحة للنجوم الكبار تتراجع بشكل ملحوظ.
ويُرجع صوان هذا الغياب إلى تراجع عدد الأعمال الضخمة التي تتيح أدوار البطولة المطلقة للنجوم ذوي التاريخ الطويل، موضحًا أن الشركات المنتجة باتت تميل إلى تقليص ميزانيات الإنتاج والتركيز على أعمال قصيرة أو محدودة التكلفة تتيح لها تحقيق عائد أسرع، ما انعكس سلبًا على حضور كبار الفنانين الذين يحتاجون إلى نصوص متكاملة وإنتاج يليق بتجربتهم.
ويضيف صوان أن التحول نحو المنصات الرقمية كان له أثر بالغ في تغيير طبيعة المشاهدة، حيث أصبح الجمهور يميل إلى الأعمال السريعة والإنتاجات القصيرة، مما أفقد الدراما الرمضانية تقاليدها الممتدة التي كانت تستوعب حضور الأسماء الكبرى، وتتيح لها تقديم شخصيات مركّبة ذات أبعاد إنسانية وفكرية.
كما يشير إلى أن بعض النجوم أنفسهم فضّلوا الابتعاد المؤقت أو التريث انتظارًا لأعمال تتناسب مع مكانتهم ومسيرتهم الطويلة، في ظل غياب النصوص القوية التي تليق بتاريخهم الفني: لا ينبغي أن تُقصى الأسماء الكبيرة بحجة التجديد'.
ويختم الناقد أحمد حسين صوان حديثه بالتأكيد على أن الساحة الدرامية في حاجة ماسة إلى تحقيق توازن حقيقي بين جيل الرواد والجيل الجديد، مضيفًا: 'التجديد لا يعني إقصاء الكبار، بل الاستفادة من خبراتهم ومنحهم المساحة الكافية للمشاركة في تطوير الدراما. فالتنوع بين الأجيال هو ما يصنع الغنى الفني، ويمنح العمل صداه الممتد في وجدان الجمهور'.