اخبار الاردن
موقع كل يوم -الوقائع الإخبارية
نشر بتاريخ: ٥ كانون الأول ٢٠٢٥
الوقائع الإخباري:يُعدّ العمل التطوعي في الأردن قوة مجتمعية نابضة، تجسّد قيم التكافل والعطاء وتحولها إلى مبادرات ملموسة تُسهم في خدمة الوطن وأبنائه. ومع احتفال المملكة باليوم العالمي للتطوع الذي يصادف اليوم الجمعة تحت شعار 'كل إسهام يصنع فارقًا'، تتصدر الأرقام التي حققتها مؤسسة ولي العهد عبر المنصة الوطنية للتطوع ومشاركة الشباب 'نحنُ' المشهد، لتؤكد أن التطوع أصبح جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية. فقد سجل على المنصة أكثر من 203 آلاف متطوع من مختلف محافظات المملكة وأعمارها، وقدموا ما يزيد عن 6 ملايين و976 ألف ساعة تطوعية عبر أكثر من مليون و80 ألف فرصة، في دلالة واضحة على أن العطاء لم يعد عملاً ثانويًا، بل مسار ثابت يرسّخ مكانة الأردن في العمل الإنساني.
وتأكيدًا لدور التطوع في التنمية، أطلق سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي في الخامس من كانون الأول عام 2021، بالتزامن مع اليوم العالمي للمتطوعين، تكريمًا للمبادرات ذات الأثر الاستثنائي، ولتعزيز المسؤولية المجتمعية لدى الأفراد والمؤسسات وتحفيز ثقافة المبادرة والإبداع في ميدان العطاء.
وزير الشباب الدكتور رائد سامي العدوان أكد أن هذا اليوم يمثل محطة للاحتفاء بقيم الإنسانية المتجذرة في نفوس الأردنيين، مشيرًا إلى أن العمل التطوعي كان وما يزال رافدًا أصيلًا في الإرث الوطني الذي جسدته الدولة وقيادتها الهاشمية عبر مبادرات لا تُحصى لمساندة الأشقاء والوقوف إلى جانب المحتاجين إقليميًا ودوليًا. وأضاف أن الشباب الأردني أسهم بجهوده التطوعية في إحداث أثر حقيقي داخل المجتمعات المحلية، حتى أصبح التطوع لديهم ممارسة يومية تعبّر عن انتماء وأخلاق، وتلقى تقديرًا واسعًا داخل الأردن وخارجه.
وبيّن العدوان أن الدولة خطت خطوات متقدمة لدعم هذا القطاع عبر خطط وطنية شاملة، من أبرزها جائزة الحسين للعمل التطوعي، وتوقيع سمو ولي العهد ميثاق العمل التطوعي الأردني الذي مهّد لتطوير منظومة العمل التطوعي ومأسستها. ومن خلال برامج وزارة الشباب المستمرة منذ عقود، ومنها معسكرات الحسين للعمل والبناء وبرامج المواطنة والمشاركة، يواصل التطوع حضوره الفعال ضمن الاستراتيجية الوطنية للشباب. وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد إدراج التطوع كمحور أساسي في استراتيجية الشباب (2026–2030)، والعمل على إعداد تشريع وطني ينظم العمل التطوعي ويضمن استدامته.
وبدوره، أكد مدير إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم، عبد الحكيم الشوابكة، أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بغرس روح التطوع في نفوس الطلبة، تعزيزًا لقيم الانتماء والتكافل والعمل الجماعي. وأوضح أن المبادرات والبرامج المدرسية تتيح للطلبة فرصًا لاكتساب المهارات وبناء الشخصية، ومن أبرزها جائزة الحسين للعمل التطوعي التي وثّق الطلبة من خلالها أكثر من مليون فرصة تطوعية عبر منصة 'نحن' بمشاركة 20 ألف طالب. كما أشار إلى جائزة الحسن للشباب التي استفاد منها نحو 400 طالب، إلى جانب مبادرة 'لمدرستي أنتمي' لتحسين البيئة المدرسية، وبرنامج 'بصمة' الصيفي الذي امتد 11 يومًا لـ400 طالب وطالبة في 42 مديرية، إضافة إلى مشاركات تتعلق بالثقافة العسكرية وبلغ عددها 17,200 مشاركة.
وتطرق الشوابكة إلى جهود كبرى في حملات النظافة داخل المدارس والمرافق العامة، والتبرع بالدم، وزراعة الأشجار، وإعادة تدوير الكتب والزي المدرسي، وقطاف الزيتون، وتفعيل يوم التطوع العالمي بأنشطة واسعة تشمل مختلف المديريات، مؤكدًا تعدد مجالات التطوع في إطار البيئة والمجتمع والصحة والرياضة والخدمة العامة.
أما الدكتور يوسف محمد الشرمان، أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة البلقاء التطبيقية، فأكد أن العمل التطوعي هو انعكاس عميق للانتماء الوطني ومساهم أساسي في تحقيق التنمية المستدامة. وأشار إلى تنامي احتياجات المجتمعات وما فرضه ذلك من ظهور أنماط تطوعية جديدة متخصصة مثل السياحة التطوعية التي تتيح تبادل الخبرات خارج الحدود، خصوصًا في الدول النامية. كما لفت إلى دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير منظومة التطوع عبر تحليل الاحتياجات وتوجيه المتطوعين وتسهيل التدريب وقياس الأثر، بما يرفع كفاءة العمل ويفتح الباب للمشاركة الأوسع.
وأكد الشرمان ثقته بقدرة الشباب الأردني على مواصلة الريادة، خصوصًا مع إعلان الأمم المتحدة عام 2026 عامًا دوليًا للمتطوعين من أجل التنمية المستدامة، داعيًا إلى تعزيز التطوع المؤسسي بعيدًا عن الموسمية، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع ذات أثر مجتمعي واضح وطويل الأمد.
وفي رسالته بمناسبة هذا اليوم، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العالم يكرّم الملايين الذين يهبون وقتهم وجهودهم لخدمة مجتمعاتهم، مشددًا على أن شعار العام 'لكل مساهمة أهميتها' يعكس أن كل فرد قادر على إحداث فارق، سواء في مكافحة الفقر، أو حماية البيئة، أو العمل الإنساني. وعبّر عن تقديره لأكثر من 14 ألف متطوع ضمن برنامج الأمم المتحدة، وللملايين ممن يقدمون جهودهم بدافع التضامن لبناء عالم أفضل.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد المتطوعين حول العالم يصل إلى نحو مليار شخص، يقدّم 70% منهم جهودهم بشكل غير رسمي داخل مجتمعاتهم، فيما ينخرط 30% ضمن مؤسسات وهيئات رسمية، وتتنوع أشكال التطوع بين المبادرات المحلية والمنصات الرقمية والمهام الدولية. كما دعت الجمعية العامة منذ عام 1985 الدول إلى إحياء اليوم الدولي للمتطوعين في الخامس من كانون الأول سنويًا، لتعزيز ثقافة التطوع وزيادة الوعي بأهمية دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومع هذه الجهود المتصاعدة، يواصل الأردن ترسيخ مكانته كدولة رائدة في العمل الإنساني، يؤمن مواطنوها بأن كل إسهام قادر على صناعة فرق حقيقي في حياة الأفراد والمجتمع.












































