اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
الذكاء الاصطناعي وتأثيره السلبي على المجتمعات في دول العالم الثالث
خالد المحارب
مع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، بات واضحاً أن هذه التقنية تُحدث تحولات جذرية في مختلف جوانب الحياة من التعليم إلى الاقتصاد، ومن الأمن إلى الإعلام ، بينما تجني الدول المتقدمة ثمار هذه الثورة التقنية، تواجه دول العالم الثالث تحديات خطيرة قد تجعل من الذكاء الاصطناعي سيفاً ذا حدّين، وأحيانًا حداً واحداً يضر أكثر مما ينفع .
أبرز هذه التحديات يتمثل في فقدان الوظائف لصالح الأنظمة الذكية، مثل الأتمتة والروبوتات وخوارزميات التعلم الآلي ففي دول العالم الثالث تشكل العمالة اليدوية والوظائف البسيطة غالبية فرص العمل، مما يهدد مستقبل ملايين العاملين ،في حين أن الدول الغنية يمكن أن تعيد تدريب عمالها على وظائف جديدة، تفتقر الدول الفقيرة إلى البنية التحتية والتمويل الكافي لفعل ذلك.
كما أن الدول المتقدمة تمتلك بنى تحتية قوية في مجال الاتصالات والحوسبة والبحث العلمي، مما يمكّنها من تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بكفاءة ،في المقابل، تعاني دول العالم الثالث من فجوة رقمية تجعل من الصعب حتى استيعاب أساسيات التقنية ،وهذا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين 'المتقدم” و”المتأخر”، مما يكرّس التبعية التقنية والاقتصادية لأن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي تطورها وتُتحكم فيها شركات غربية كبرى،مما يجعل دول العالم الثالث في وضع التبعية المعلوماتية، حيث تعتمد على خوارزميات أجنبية لا تعكس بالضرورة خصوصياتها الثقافية أو مصالحها الاقتصادية.
كما قد تُستخدم البيانات المجموعة من مواطني هذه الدول بطرق تضر بالخصوصية أو تُستغل في صناعات لا تعود بالنفع على المجتمعات نفسها، من الترجمة إلى المحادثة التي غالباً ما تهمّش اللغات المحلية والثقافات غير المهيمنة ،نتيجة لذلك ستواجه المجتمعات في الدول النامية تآكلًا تدريجيًا في هويتها الثقافية، إذ تُفرض عليها لغة وثقافة رقمية عالمية قد لا تتماشى مع خصوصياتها المحلية.
كما ان الذكاء الاصطناعي سيودي في بعض دول العالم الثالث لاسيما في أنظمة سلطوية إلى الاستغلال السياسي والأمني من خلال مراقبة المواطنين وقمع الحريات،
من خلال أدوات مثل التعرف على الوجه وتحليل البيانات، مما يجعل هذه التقنيات تعزيز للرقابة وليس حماية المواطن.
كما أن ضعف التشريعات والحوكمة وغياب الأطر القانونية والتنظيمية في كثير من الدول النامية يجعل من الصعب مراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي أو محاسبة الجهات المسيئة ، بينما تناقش أوروبا وأميركا أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتضع قوانين تنظيمية، تعاني دول العالم الثالث من فوضى رقمية وغياب السياسات الحامية.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي يحمل فرصًا كبيرة، لكن في بيئة غير مهيأة كبيئة العالم الثالث، قد تتحول هذه الفرص إلى أدوات للهيمنة والتمييز والتهميش.
لذلك، فإن التعامل مع الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم من منطلق سيادي وتشاركي وأخلاقي، بحيث تكون الدول النامية طرفًا فاعلًا في تشكيل مستقبل هذه التكنولوجيا، لا مجرد مستهلك أو ضحية لها .
الثلاثاء الموافق 2025/6/3