اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
إدارة السيولة: العمود الفقري للمؤسسات العالمية وضمان للاستمرارية
د. طلال أبوغزاله
اكتب اليكم من واقع تجربة طويلة خبرت فيها الايام وعشت تقلباتها لحظة بلحظة تعلمت ان الاستقرار لا يأتي صدفة وأن السماء لا تمطر ذهبا أو فضة، وأن على الانسان السعي والاخذ بالأسباب والتوكل على مسبب الأسباب.
ففي كل مرة شهدت فيها مؤسسة تنهض او تنهار أدركت ان المسألة ليست فقط في الفكرة او الشغف، بل في العمود الفقري لاي مؤسسة وهو الامان المالي، والامن المالي ليس ترفا ولا رفاهية، بل هو الاداة التي تمكنك من الاستمرار عندما تتغير الظروف فجأة وهو ما يحفظ الكرامة المهنية في وجه الازمات.
لهذا السبب كان قرارنا في مجموعة طلال ابوغزاله العالمية ألا نترك امر السيولة للظروف، بل صممنا لها فلسفة واضحة قائمة على الاستعداد المسبق لا على ردود الأفعال، فلم ننتظر وقوع الازمات كي نتعلم، بل تعلمنا من كل تجربة وصنعنا منها نظاما يحمي المؤسسة وموظفيها
هذه الفلسفة لم تولد من فراغ جاءت بعد ازمات صعبة ازمة احتلال الكويت عام 1990 الانهيار المالي في لبنان 2019 ثم جائحة كورونا 2020 وكل مرة كنا نخرج منها اقوى لان السيولة كانت موجودة لا محفوظة فقط، بل تدار بحكمة واقتدار.
ولان السيولة ليست ارقاما على الورق، بل حياة مستمرة ربطنا عملياتنا المالية حول العالم بمركز رئيسي واحد في عمان تحت اشراف مباشر ومن دون اي هامش للارتجال أكثر من مئة مكتب في العالم تدير سيولتها من نقطة واحدة من خلال البنك المركزي الأردني بما يسمح بالرقابة والسرعة والدقة.
ومن هذا النظام تضخ سنويا أكثر من مئة مليون دولار الى الاقتصاد الاردني من القطاع الخاص وهذا دعم حقيقي مستمر نابع من الثقة بالمؤسسة وببلدنا العظيم، ووراء هذا النظام ادارة يومية لحركة نقدية تتجاوز نصف مليون دولار ورواتب تصرف شهريا بأكثر من خمسة ملايين دولار للمكاتب العالمية وأكثر من مليون دينار لموظفينا في الاردن.
ورغم حجم العمل نحن حريصون على الا يضيع يوم واحد دون انتاج لان كلفة اليوم غير المنتج تصل الى مئة وستين ألف دولار والمسألة ليست فقط مالية، بل مبدئية لا نترك فرعا يتأخر ولا موظفا بلا دعم لان في كل تأخير خسارة للثقة قبل ان تكون خسارة للمال.
ولأننا لا نعيش خارج الزمن ولا ندعي اننا بمنأى عن مصير الانسان فان من اسباب احتفاظنا بالسيولة ايضا هو ادراكنا لحقيقة مرة لكنها واقعية في حال غيابي او وفاتي لا بد ان تستمر المؤسسة خلال فترة حصر الارث التي قد تعيق الكثير من القرارات الادارية او المالية لكن السيولة المتوفرة والمدارة مسبقا تضمن استمرار العمل بلا ارتباك فلا أحد يتوقف ولا موظف يتأخر راتبه ولا فرع يتأخر عن التزامه، والمؤسسة تستمر لانها اعدت لتستمر.
نموذجنا هذا في ادارة السيولة ليس رفاهية ولا استثناء هو ضرورة لكل مؤسسة تحلم ان تكون عالمية هو جزء من صورة الاردن الذي نريده قطاع خاص يتحمل مسؤوليته ويسهم في التقدم بشرف.
وختاما اقول لا تنتظر السقوط حتى تتعلم انظر حولك وتعلم من صمود الآخرين لأن السيولة أن لم تدار بعقل تحولت إلى عبء لكن حين تدار بحكمة تصبح ضمانة واستمرارية وسببا في صناعة التاريخ.
ومن باب العرفان بالجميل قررت ان أقدم هدية رمزية لأبنائي وبناتي في المؤسسة وعددهم ألف وخمسمئة موظف وموظفة مئة دينار لكل منهم وذلك تقديرا لوفائهم والتزامهم واصرارهم على النجاح الجماعي للمجموعة.