اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
نعم نستطيع أن نصل في الأردن إلى حكومة فوق ذكية
وائل منسي
هذه الحكومة الفوق ذكية تتجاوز المفهوم التقليدي للحكومة الإلكترونية، وتعيد ابتكار دور الدولة في حياة الناس من جديد، لا كمقدم خدمات بيروقراطي، بل كمنظم ذكي، وراعٍ للإبداع، ومحفز للفكر المنتج.
نستطيع أن ننتقل من مجرد رقمنة الخدمات إلى إعادة هندستها وفقًا لاحتياجات الناس، لنصمم تجربة مواطن ذكية، ذاتية، استباقية، ومتصلة بمنصة رقمية موحدة تُراعي الخصوصية وتُيسر الحياة.
لدينا القدرة على إطلاق ثورة في الإدارة العامة يقودها الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ونستطيع أن نحوّل البيانات إلى قرارات لحظية، والسياسات إلى أنظمة ذاتية التكيف.
ومع كل ذلك، لا بد أن نُدرك أن الإبداع الحقيقي في الثقافات الناجحة لم يكن من إنتاج الحكومات بل من تبنيها للمبادرات الإبداعية القادمة من القطاع الخاص.
نعم، نستطيع أن نضع القطاع الخاص في قلب مشروع التحول الفوق ذكي، وندعوه لا ليكون منفّذًا ثانويًا بل شريكًا رئيسيًا في هندسة الحلول الرقمية، وتصميم الابتكار، وخلق الوظائف المستدامة.
نستطيع أن نُفعّل مبادئ اقتصاد السوق الاجتماعي بشكل ذكي، بتقديم حوافز حقيقية للقطاع الخاص الذي يُشغّل ويدرب ويبدع، بينما تكتفي الدولة بدور المنظّم الذكي والمراقب الفعّال. لا بد أن نفتح الأسواق للأفكار والمبادرات، لا أن نُغلقها بالتنظيمات القسرية التي تُطرد فيها الشركات الصغيرة والمبادرات الشبابية قبل أن ترى النور. نستطيع أن نعيد الثقة والمرونة إلى البيئة الريادية، وأن نُطلق العنان للاقتصاد الإبداعي، ونبني شراكات استراتيجية مع شركات التكنولوجيا والخدمات والمحتوى الرقمي، ونهيئ مناخًا آمنًا ومنفتحًا للاستثمار الذكي.
نستطيع أن نطلق أدوات تشاركية رقمية تتيح للمواطنين والقطاع الخاص التفاعل، الاقتراح، الابتكار، والمساءلة في ذات الوقت، لتكون الدولة ذكية في إدارتها ورشيقة في استجابتها.
نستطيع أن نطوّر قدرات موظفينا ليكونوا منسقين وميسرين لرحلة المواطن، لا عائقًا في طريقها، وأن نعدّ جيلاً جديدًا من الشباب يفكر بالخوارزميات، ويصمم الحلول الذكية، ويتعامل مع التكنولوجيا بوعي ومسؤولية.
نحن قادرون على أن نحمي حقوق الناس في العالم الرقمي، ونشرّع لقوانين تحفظ الخصوصية وتكفل الأمن وتمنح الثقة للبيئة الذكية، دون أن نقيّد الحركة أو نُضعف المبادرة.
نستطيع أن نبني حكومة أقرب إلى الناس، أذكى من الأزمات، أسرع في الاستجابة، تسبق الحاجة ولا تنتظر الشكوى، وهذا ليس خيالًا بل خيار واقعي، إذا ما توفرت الإرادة والرؤية، وتحالف القطاع العام مع القطاع الخاص والمجتمع، لنبني دولة المستقبل بيدٍ رقمية وعقل اجتماعي.
وكما نجحنا في أصعب المراحل، سننجح في أن نكون رواد التحول الذكي في منطقتنا، بتجربة أردنية تقدم نموذجًا للتكامل بين الدولة والسوق والمجتمع نحو تنمية أكثر عدالة وابتكارًا.
نعم نستطيع