اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
رم -
بقلم: الدكتورة ميس حياصات
تُعدّ مشكلة الكلاب الضالة في الأردن من أكثر القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا خلال السنوات الأخيرة، بعدما تحولت من ظاهرة محدودة إلى مشكلة عامة تمسّ حياة الناس اليومية وتثير مخاوفهم فمشهد الكلاب التي تتجول في الأحياء والطرقات لم يعد أمرًا استثنائيًا، بل صار جزءً من الواقع الذي يواجهه المواطن في المدن والقرى على حد سواء وقد تفاقمت المشكلة مع تزايد حوادث العقر والاعتداءات، التي دفعت كثيرين إلى المطالبة بتدخل حكومي عاجل يضمن الأمن والسلامة .
ورغم الجهود التي تبذلها البلديات والجهات المعنية، إلا أن الحلول ما تزال متعثرة في ظل ضعف الإمكانات وغياب استراتيجية وطنية متكاملة فتكاليف بناء الملاجئ وتعقيم الكلاب وتطعيمها مرتفعة جدًا، في حين تعاني البلديات من نقص الكوادر والمعدات اللازمة للتعامل مع المشكلة بطرق علمية وإنسانية ويزيد من تعقيد الوضع غياب التشريعات الصارمة التي تنظم تربية الكلاب أو تمنع التخلي عنها، مما يؤدي إلى تزايد أعداد الكلاب المهجورة التي تجد في الشوارع مأوى لها وتتكاثر بسرعة.
من جهة أخرى، تسهم الممارسات اليومية للمواطنين في تفاقم الظاهرة، مثل رمي النفايات في الأماكن المفتوحة أو إطعام الكلاب في أماكن عامة دون تنظيم، مما يجعلها تتجمع بأعداد كبيرة قرب الأحياء السكنية كما أنّ ضعف الوعي حول أهمية الرفق بالحيوان والتعامل المسؤول معه يجعل الحلول المستدامة أكثر صعوبة، حيث ينقسم المجتمع بين من يرى في الكلاب الضالة خطرًا يستوجب الإبادة، ومن يدعو إلى احتوائها بطرق رحيمة تعتمد على التعقيم والتطعيم والإرجاع إلى البيئة الأصلية.
ولا شكّ أنّ الحكومة تواجه معادلة صعبة بين حماية الإنسان وضمان حقوق الحيوان، فبين الخوف الشعبي من انتشار الكلاب والالتزامات الأخلاقية والبيئية تجاهها، تبقى الحاجة ملحّة إلى نهج متوازن يقوم على التوعية، والتشريع، والشراكة بين القطاعين العام والخاص فالمشكلة لا تتعلق بالكلاب فقط، بل تعكس علاقة المجتمع ببيئته، ومدى وعيه بمفهوم المسؤولية الجماعية فالكلاب الضالة ليست مجرد مشهد مزعج في الشوارع، بل مؤشر على ضعف التخطيط الحضري والبيئي، وحلّها لن يكون بقرار سريع أو بحملة مؤقتة، بل برؤية شاملة تحترم الحياة وتعيد التوازن بين الإنسان والطبيعة.