اخبار الاردن
موقع كل يوم -زاد الاردن الاخباري
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
زاد الاردن الاخباري -
كتب : محرر الشؤون السياسية - منذ أسابيع، تتزايد التكهنات والتسريبات في الشارع السياسي الأردني حول اقتراب تعديل وزاري في حكومة الدكتور جعفر حسان، التي جاءت في لحظة مفصلية تحمل في طياتها تحديات اقتصادية ضاغطة، واستحقاقات سياسية داخلية متشابكة، إلى جانب ملفات إقليمية متحركة تفرض إيقاعها على إيقاع الداخل.
ورغم عدم صدور أي إعلان رسمي حتى الآن، فإن المؤشرات المتسارعة من داخل أروقة القرار تُفيد بأن التغيير قادم لا محالة. السؤال لم يعد 'هل هناك تعديل؟' بل تحول إلى 'متى؟ وما مدى عمقه؟'
تولى الدكتور حسان رئاسة الحكومة وسط حالة من الحذر والترقب، مدعومًا بخبرة اقتصادية وإدارية كبيرة، ومكلفًا بإدارة مرحلة يُنظر إليها من بعض النخب على أنها انتقالية، ومن آخرين على أنها فرصة لتثبيت نهج أكثر انضباطًا وفعالية في إدارة الدولة.
لكن ومع مرور وقت قصير على تشكيل فريقه الوزاري، بدأت تتصاعد أصوات تطالب بتعديل وزاري يطول بعض الوزراء، إما بسبب ضعف الأداء أو بسبب الحاجة لإعادة ترتيب الفريق استعدادًا لمتغيرات داخلية قادمة، أبرزها الدورة النيابية الجديدة، وما سيليها من استحقاقات سياسية واقتصادية وتشريعية.
يتقاطع في المشهد السياسي اليوم سيناريوهان أساسيان:
السيناريو الأول: تعديل وزاري قبل الدورة النيابية المقبلة، يسمح لرئيس الوزراء بإظهار تحكمه في زمام المبادرة، وبإرسال إشارات إصلاحية للشارع والنواب، لا سيما في ظل تصاعد الضغوط النيابية والشعبية.
السيناريو الثاني: تأجيل التعديل إلى ما بعد تشكيل رئاسة المجلس والمكتب الدائم، لضمان وضوح تركيبة مجلس النواب، وتفادي أي صدام مبكر مع برلمان لم تتضح أولوياته بعد، وخصوصًا في ظل التغيرات التي قد يشهدها المزاج النيابي المقبل.
في كواليس القرار، تتردد أسماء عدة، بعضها مرشح للمغادرة لأسباب تتعلق بتراجع الأداء أو ضعف التواصل مع الرأي العام، وأخرى مرشحة للدخول بناءً على معيار الكفاءة والخبرة، أو للحاجة إلى تعزيز الطابع السياسي للفريق الحكومي.
مصادر مطلعة تتحدث عن نية لدى الرئيس حسان لإحداث 'تعديل نوعي' لا يقتصر على تبديل الوجوه، بل يشمل إعادة صياغة الانسجام داخل الفريق الوزاري بما ينسجم مع فلسفة عمل الحكومة وطبيعة المرحلة.
لا يُنظر إلى التعديل الوزاري في الأردن كمجرد خطوة إدارية، بل عادة ما يكون محمّلًا برسائل داخلية وخارجية. فقد يحمل التغيير المرتقب إشارات تهدئة للشارع، أو استجابة لضغوط نيابية متزايدة، أو حتى استعدادًا لترتيب أوراق الدولة في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة، وخصوصًا على صعيد القضية الفلسطينية، والملف السوري، والعلاقة مع القوى الدولية.
في غياب تصريحات رسمية من رئيس الوزراء، تبقى أعين الأردنيين شاخصة نحو مقر الرئاسة في الدوار الرابع، حيث تُطبخ القرارات على نار هادئة. فالشعب لا يترقب فقط 'من سيدخل ومن سيخرج'، بل يبحث عن دلالات التغيير: هل هو تغيير شكلي؟ أم خطوة حقيقية نحو تحسين الأداء، وتعزيز ثقة الشارع، وترسيخ نهج أكثر شفافية وكفاءة؟
مهما يكن توقيت التعديل، فإن حكومة حسان تقف اليوم على مفترق طرق: إما أن تتحول إلى حكومة عبور هادئ نحو استحقاقات دستورية قريبة، أو أن تُعيد ترتيب بيتها الداخلي لتثبيت نفسها كفريق قادر على تنفيذ أجندة متماسكة وطويلة الأمد. وفي الحالتين، فإن الأردنيين ينتظرون فعلًا لا أقوال، ونهجًا لا شعارات.